في بداية الحمل، يثير تشقير الحواجب للحامل العديد من التساؤلات. فالكثير من النساء يعتدنَ على صبغ أو تفتيح شعر الحاجبين كجزء من روتينهنَّ الجمالي، ولكن مع ظهور الحمل، تبدأ المخاوف. هل هذه المنتجات آمنة؟ أتصل المواد الكيميائية إلى الجنين في الرحم؟ وهل هناك بدائل طبيعية؟. تشغل هذه الأسئلة بال العديد من النساء في هذه المرحلة الحساسة.
من هنا، سنتناول في هذا المقال كل ما تحتاجين معرفته. نبدأ أوّلًا بشرح مفهوم تشقير الحواجب ومكوّنات المنتجات المستخدمة، ثم ننتقل إلى تحليل التأثيرات المحتملة على الجنين، استنادًا إلى دراسات علمية موثوقة. بعد ذلك، نعرض رأي الأطباء والمختصّين، ونختم بتقديم أفضل النصائح والممارسات الآمنة.
ما هو تشقير الحواجب؟
تشقير الحواجب هو عملية تفتيح لون الشعر باستخدام مواد كيميائية. لكنه ليس مجرد إجراء تجميلي بسيط عندما تكونين حاملًا.

يُعرَف تشقير الحواجب بأنه استخدام مواد مؤكسدة مثل بيروكسيد الهيدروجين لتفتيح لون شعر الحاجب. غالبًا ما يُستخدَم لتقليل التباين بين لون الشعر ولون الحاجبين أو لمنح الوجه مظهرًا ناعمًا ومتوازنًا. قد تستغرق هذه العملية بضع دقائق فقط، ولكنّ مفعولها يدوم أسابيع.
لكن المشكلة تكمن في أن هذه المواد قد تحتوي مكونات مثل الأمونيا أو البيروكسيد، وهي عناصر معروفة بقدرتها على التفاعل داخل الجسم إذا تم امتصاصها عبر الجلد أو عبر البخار. لذا، من المهم جدًا معرفة مدى خطورة هذه المواد خلال فترة الحمل.
هل تشقير الحواجب للحامل آمن فعلاً؟
لا يدرك الكثير من النساء أن المنتجات التجميلية قد تكون مصدر خطر على الجنين. ولكن، ما الذي تقوله الدراسات العلمية؟

بحسب دراسة نُشرت في Journal of Perinatal Medicine عام 2020، فإن المواد الكيميائية مثل البيروكسيد قد تُمتص بنسبة ضئيلة عبر الجلد، لكن الخطر الحقيقي يكمن في استنشاق الأبخرة المتطايرة أثناء التطبيق. هذه الأبخرة، في حال استنشاقها بكميات كبيرة، قد تسبب حساسية الجهاز التنفسي، والدوخة، أو حتى تأثيرات على المشيمة في حال التعرض المزمن.
كما تشير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) إلى ضرورة تجنّب استخدام المنتجات ذات الرائحة النفّاذة أو التي تحتوي مركّبات مُؤكسَدة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. ففي هذه المرحلة، تكون الأعضاء الحيوية للجنين قيد التكوين، وأي مادة ضارة قد تعيق نموه السليم.
وبحسب دراسة أخرى نُشرت عام 2018 في Environmental Health Perspectives، هناك علاقة بين التعرّض المنتظم لبعض المواد الكيميائية في مستحضرات التجميل وارتفاع خطر بعض التشوّهات الخلقية، ولو بنسبة قليلة. لذلك، توصي الدراسات بضرورة التحفّظ والاعتدال.
آراء الأطباء والخبراء في تشقير الحواجب للحامل
ما بين القلق الطبيعي والمخاطر الفعلية، يأتي رأي الأطباء كمرجع رئيسي لكل حامل تهتم بسلامتها وسلامة جنينها.

ينصح أغلب أطباء الجلدية والتوليد بتجنّب تشقير الحواجب للحامل خاصّةً خلال الثلث الأول من الحمل. فحتى لو لم تكن هناك دراسات قاطعة تُدين هذه الممارسة، إلا أن غياب الدليل لا يعني غياب الخطر.
كما يؤكد الدكتور “جوناثان شين”، مختصّ الأمراض النسائية في Cleveland Clinic، أن “المواد التي تلامس الجلد أو تُستنشَق قد لا تسبب ضررًا مباشرًا، لكنها قد تكون مزعجة أو تسبب ردات فعل تحسسية”. وينصح باستخدام منتجات طبيعية أو نباتية إن كانت المرأة لا تستطيع التخلّي عن تشقير الحواجب، مع ضرورة التهوية الجيدة وتجنّب تعرّض الجلد للحرارة أثناء التشقير.
في المقابل، تشجع بعض القابلات القانونيات استخدام طرق بديلة مثل الحواجب المظللة بالقلم، أو جل الحواجب الطبيعي المؤقت. والتي لا تحتوي مركّبات مؤكسدة، ولا تتطلب أي تفاعل كيميائي.
ما البدائل الآمنة لتشقير الحواجب أثناء الحمل؟
لأن الجمال لا يجب أن يكون على حساب الصحة، إليكِ أفضل الخيارات الطبيعية والآمنة التي يمكن اعتمادها.
بدلًا من استخدام المواد الكيميائية، يمكن اعتماد تقنيات آمنة، مثل:
- جل الحواجب الشفاف: يمنح شكلًا مرتبًا من دون أي مواد ملوّنة.
- الصبغات النباتية: مثل الحناء الخالية من الأمونيا، شرط التأكد من خلوّها من المواد الحافظة.
- أقلام تحديد الحواجب الطبيعية: وهي خالية من العطور والبارابين، وتمنح مظهرًا أنيقًا.
- الزيوت الطبيعية: كزيت الخروع أو زيت جوز الهند. حيث تساهم في تقوية شعر الحاجب وجعل لونه أكثر كثافة بمرور الوقت.
إضافةً إلى ذلك، من المهم قراءة المكونات على العبوة، وعدم الوثوق بمنتج غير موثّق أو مُخصَّص للحواجب فقط. فالجلد في هذه المنطقة رقيق، وامتصاص المواد يكون أسرع.
الخلاصة
الآن وبعد هذا التحليل، بات القرار بين يديكِ، لكن على أُسُس علميّة وصحيّة.
تشقير الحواجب للحامل ليس بالضرورة محظورًا، لكنه محاط بالكثير من التحفظات. فإذا كنتِ ترغبين في الحفاظ على إطلالتك خلال الحمل، فلا بأس، لكن اختاري دائمًا الطرق الآمنة. لا تستخدمي أي منتج يحتوي مواد مجهولة، وابتعدي عن الأبخرة والرائحة القوية، خاصّةً في الأشهر الأولى من الحمل.
صحّتكِ وصحة جنينك يجب أن تكون دائمًا في المرتبة الأولى. فكل قرار صغير يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نمو طفلك، حتى لو بدا بسيطًا كإجراء تجميلي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الأطعمة التي تدمّر دماغ الجنين خلال الحمل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الجمال لا يجب أن يكون على حساب الراحة النفسية أو الصحة العامة. قد يبدو تشقير الحواجب للحامل تفصيلًا بسيطًا، لكنّ الوعي بالمكونات والمخاطر يعبّر عن نضجك كأم مسؤولة. لا ضرر في الاهتمام بالمظهر، بل هو حق لكل امرأة، لكن الأهم هو أن يتم ذلك في إطار من الحذر والتوازن. أنصحكِ دائمًا باختيار البدائل الطبيعية أو تأجيل الإجراءات غير الضرورية لما بعد الولادة، فهذه المرحلة تستحق منكِ الكثير من العناية والاهتمام الذاتي بكل محبة ووعي.