في عالم يمتلئ بالتحديات والضغوط النفسية، يحتاج الطفل اليوم إلى دعمٍ عاطفي يُرسّخ ثقته بنفسه ويمنحه القدرة على مواجهة الحياة بشجاعة. لا تُبنى الثقة بالنفس من فراغ، بل تتشكّل من تجارب الطفولة المبكرة ومن الطريقة التي يتعامل بها الأهل مع أبنائهم يوميًا.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على خمس عادات بسيطة ولكن فعّالة يتّبعها الآباء الذين ينجحون في تنشئة أطفال يتمتّعون بشخصيات قوية وواثقة. هذه المبادئ لا تتطلّب إمكانيات مادية، بل تحتاج فقط إلى وعي وصبر.
امدحي الجهد لا النتيجة
ابدئي دائمًا بالإشادة بمحاولة الطفل ومثابرته، وليس فقط بالنتائج. عندما تقولين له: “أحسنت، لقد عملت بجد”، فأنتِ تغذّين لديه حب التعلم والسعي، لا فقط التفوّق. هذه العادة تشجعه على بذل الجهد وتحفّزه على تطوير نفسه بعيدًا عن القلق من الفشل.

إنّ التركيز على العملية يساعده على بناء عقلية مرنة تقبل التحديات وتستمتع بالتعلّم، لا فقط بالجوائز.
اسمحي له أن يواجه الصعوبات
حين تُظهِرين ثقتكِ في قدرته على تجاوز العقبات، مثل أن تقولي له: “أعرف أنك قادر على تجاوز هذا الأمر”، فأنتِ تمنحينه قوة داخلية تدعمه في كل موقف.
لا تتسرّعي في إنقاذه أو حل مشاكله، بل وجّهيه بخطوات بسيطة وشجّعيه على المحاولة. بهذه الطريقة، تطوّرين لديه مهارات حلّ المشاكل وتبنين قاعدة قوية من الاستقلالية والثقة بالنفس.
احتفلي بالتقدّم لا بالكمال
تجنّبي التعلّق بالصورة المثالية. بدلًا من ذلك، ركّزي على التقدّم. قولي له مثلًا: “تحسّنت كثيرًا مقارنة بالمرّة الماضية!”. تعزّز هذه الكلمات الدافعية وتحفّز الطفل على المتابعة، حتى عندما يخطئ.
يزرع التقدير المرحلي داخله الشعور بالإنجاز، ويقلّل من خوفه من الفشل أو من خيبة أملكِ فيه.
امنحيه صوتًا ورأيًا
اسأليه: “ما رأيك؟ ماذا يمكن أن نفعل؟” هذا النوع من الأسئلة لا يُشعره فقط بأنه مهم. بل يعوّده أيضًا على التعبير عن أفكاره واتخاذ القرارات.
عندما يشعر الطفل أن صوته مسموع، يبني علاقة صحية مع نفسه ويثق بأنّ له مكانة ورأي يُحترم. ما يُنمّي لديه حسّ المسؤوليّة والثقة.
ناقشي معه مخاوفه
بدلًا من التقليل من مخاوفه، اعترفي بها وقولي له: “من الطبيعي أن تشعر بالقلق، دعنا نتحدث عنه”. هذا التفاعل يعلّمه أنّ المشاعر ليست عيبًا، وأنّ التحدّث عنها يُقلّل من وطأتها.
عندما يشعر الطفل بأنكِ تتفهّمين قلقه، لن يخجل من التعبير عمّا يزعجه، وسيكتسب أدوات فعّالة للتعامل مع التوتر والمواقف الصعبة بثبات.
أخيرًا، الثقة بالنفس لا تُمنح، بل تُبنى بالتدريج من خلال المواقف اليومية الصغيرة. عندما تُركّزين على الجهد، وتشجّعين على المواجهة، وتحتفلين بالتقدّم، وتُصغين لمشاعره، فإنك تزرعين في قلبه يقيناً بأنه قادر ومحبوب. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف تعززين التواصل العائلي في وسط زحمة الحياة اليومية؟