ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ سؤال تُردّده العديد من الأمهات داخل رؤوسهنّ، بصوتٍ خافت، خشية أن يُساء فهمَه أو يُعتبر إشارة لقصورٍ عاطفي. لكن هذا التساؤل واقعي جدًا، ويعكس مشاعر طبيعيّة يمرّ بها الكثير من الأمهات خلال مسيرتهنّ اليومية مع الأطفال. قد تجعل المسؤوليات الكثيرة، والضغوط النفسية، وتكرار المهام، الأم تشعر بالملل أو الانفصال عن لحظات اللعب.
نحلل اليوم هذا الشعور من زاوية علمية وإنسانية ونُسلّط الضوء على أسباب فقدان الحماس تجاه اللعب، ونستعرض كيف تؤثر الضغوط النفسية على تفاعل الأم مع طفلها، ونقترح حلولًا بسيطة تعيد الدفء للعلاقة من دون مثالية زائفة.
افهمي لماذا تشعرين بالملل
ابدئي بالتعرّف على جذور هذا الشعور. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ لا يُحفّز اللعب المتكرّر والرتيب، مثل تركيب المكعّبات أو تمثيل الشخصيات، العقل البالغ بنفس طريقة تحفيزه لعقل الطفل. أشارت دراسة من University of Cambridge إلى أنّ 73٪ من الأمهات يشعرن بالملل أثناء اللعب الحر مع الأطفال، خاصة في حال غياب عنصر التفاعل العقلي أو التحدّي.

تُفسّر الأبحاث أنه يحتاج دماغ البالغين إلى التحفيز المستمر والإنتاجية، بينما يُركّز الطفل على التكرار والتخيل. يخلق هذا الاختلاف في التوقّعات فجوة شعوريّة لا تعني نقصًا في الحب، بل تُعبّر عن احتياجات عصبيّة مختلفة.
تخلّي عن شعور الذنب فورًا
توقّفي عن جلد الذات. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ لأنني إنسانة. ليس من الطبيعي أن أستمتع بكل لحظة أو أن أكون “ممتعة” طوال الوقت. بيّنت دراسة من Harvard Medical School أنّ الأمهات اللواتي يشعرن بالذنب المستمر جرّاء عدم مشاركتهن في اللعب يعانين من عوارض الاحتراق النفسي بنسبة أعلى تصل إلى 60٪ مقارنةً بغيرهنّ.
يشكّل التخلّي عن المثالية الزائفة خطوة جوهريّة. لا يكتفي طفلك بحضورك الجسدي، بل يشعر بقيمتك أكثر عندما تحضرين فعليًّا، حتى لو للحظات قصيرة. وتُحدث تمضية دقائق قليلة بلُطف وهدوء أثرًا أعمق من ساعات طويلة من اللعب المليء بالتوتر أو التكلّف.
غيّري شكل اللعب بما يناسبك
عدّلي طريقة اللعب بدلًا من التخلّي عنه تمامًا. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ قد لا تتناسب طريقة اللعب مع شخصيتي أو اهتماماتي. لذلك، ضعي لمستك الخاصة على ممارسة الأنشطة. إن كنتِ تحبين القيام بالترتيب، حوّلي اللعب إلى تنظيم قطع الليغو حسب الألوان. وإن كنتِ تفضّلين القراءة، استعيني بقراءة قصص تفاعلية تقومان بتمثيلها سويًا.

دعم باحثون في American Journal of Play هذا التوجه، ووجدوا أن دمج الاهتمامات الشخصية أثناء اللعب يُخفف من شعور الضغط النفسي بنسبة 40٪. بمعنى آخر، عندما تجدين متعتك في ممارسة النشاط، ستشعرين تلقائيًّا بالقرب من طفلك، حتى من دون القيام بمجهود كبير.
خصّصي وقتًا قصيرًا لكن منتظمًا
نظّمي وقتك بذكاء. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ ربما لأنني أشعر أن اللعب لا ينتهي، أو أنني غارقة في القيام بالمهام اليومية حيث أنها تمنعني من التفرّغ. لذلك، خصّصي وقتًا ثابتًا، ولو كان 15 دقيقة فقط، كل يوم. يخلق هذا التوقيت المنتظم نوعًا من الشعور بالتوازن ويُعزّز التواصل مع الطفل من دون أن يُشكّل عبئًا.
أظهرت دراسة من Zero to Three Foundation أنّ الأطفال الذين يحصلون على ربع ساعة من اللعب المنتظم مع الأهل يوميًّا، يتطوّر لديهم شعور الأمان والانتماء بشكلٍ أقوى، مقارنة بمن يلعبون بشكل عشوائي وغير مستقر. الانتظام أهم من الكثرة، والنوعيّة أهم من الكم.
أطلبي الدعم من شريكك أو العائلة
شاركي المهمة. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ لأن الحمل موزّع بشكل غير عادل. لا يقلّل مشاركة اللعب بين الأم والأب، أو بين الأم وأفراد الأسرة، من قيمتك، بل يعيد شعور التوازن لعلاقتك بالأمومة. تُعيد لك مشاركة الطرف الآخر وقتًا للشعور بالراحة أو العناية الذاتية، وهو حقّ أساسي لا رفاهية.

أكّدت نتائج دراسة في Psychology of Women Quarterly أنّه يقلّ شعور القلق لدى الأمهات اللواتي يحظين بشركاء يشاركون فعليًّا في وقت ممارسة اللعب ، وتزداد مشاعر الرضا العام بنسبة 48٪، فعندما تشعرين بالدعم، ستعود قدرتك على العطاء الطبيعي من دون الإحساس بالضغط أو الإنهاك.
سامحي نفسك على هذا الشعور
تقبّلي ضعفك. ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ لأنني أحيانًا متعبة، ومشتّتة، أو ببساطة.. لست في المزاج المناسب. كلّنا نمرّ بلحظات فتور، وليس من الضروري أن نكون في قمّة حماسنا طوال الوقت. أنتِ أم، لكنك إنسانة أولًا. من حقك أن تنزعجي من ممارسة التكرار، أو تشعري بالملل، أو تتمنّي لحظة صمت في وسط الفوضى.
كرّري السؤال بصوتٍ داخلي: ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ ستجدين أنّ الإجابة لا تعني أنكِ “أم سيئة”، بل تعني أنكِ بشر. يحتاج التفاعل مع الأطفال إلى طاقة ذهنية، واتّصال عاطفي، وراحة نفسية. حين تدركين ذلك، تستطيعين خلق وقت مشترك يكون ممتعًا لكِ ولطفلك في آنٍ معًا. كما سبق وأن قدمنا لكَ طرقًا للتغلب على شعور الملل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، لا تُقاس الأمومة بعدد ساعات اللعب، بل بجودة القرب، وصدق المشاعر، ووعي الذات. لا تجبري نفسكِ على ممارسة أداء لا يُشبهكِ. أتركي مساحة لنفسكِ، وشاركي الطفل عندما تكونين حاضرة فعلًا، لا جسدًا فقط. بذلك، تمنحين طفلك أمًا صادقة، ونفسكِ سلامًا داخليًّا تستحقينه بامتياز.