هل يمكن الحمل بعد الدورة مباشرة؟ سؤال يُشعل فضول كثير من النساء، خاصّةً عند التفكير في تنظيم الحمل أو محاولة الإنجاب. لطالما ارتبطت أيام الإباضة بفرصة حدوث الحمل، لكن المفاجأة أن التوقيت قد لا يكون كما تعتقدين. فقد أثبتت دراسات طبية حديثة أن جسم المرأة قد يخرج عن القواعد الحسابية. ممّا يجعل الحمل ممكنًا في توقيتات غير متوقعة.
سنتناول في هذا المقال كل ما عليكِ معرفته حول احتمالية الحمل بعد انتهاء الدورة مباشرة، بدءًا من فهم دورتكِ الشهرية بدقة، وصولًا إلى العوامل التي تؤثر على فترة الخصوبة. كما سنكشف لكِ المفاجآت العلمية التي غيّرت مفاهيم كانت تُعدّ بديهية، مدعّمين كل فقرة بأحدث الدراسات العلمية الموثوقة.
ما الذي يحدث في جسمكِ بعد الدورة مباشرة؟
فور انتهاء الدورة الشهرية، يبدأ الجسم مباشرة في التحضير للدورة القادمة. يزداد إفراز هرمون الـ FSH (الهرمون المنشّط للجريبات)، والذي يحفّز المبيض على إنتاج بويضة جديدة. ورغم أن الإباضة تحدث عادة في منتصف الدورة، إلا أن هذا الموعد قد يتغيّر بسبب عوامل عدّة.
لا تحدث دورة الإباضة دائمًا في اليوم الرابع عشر كما هو شائع. في دراسة نُشرت في مجلة Human Reproduction، وُجد أن 70% من النساء لا تحدث لديهن الإباضة في اليوم الـ14. قد تبُض بعض النساء في اليوم العاشر، أو حتى التاسع. مما يجعل احتمال الحمل بعد الدورة مباشرة أمرًا واردًا بقوة.
هل يمكن الحمل بعد الدورة مباشرة؟
تحدث المفاجأة عندما تكون دورتكِ قصيرة، أي أقل من 25 يومًا. في هذه الحال، قد تكون الإباضة قريبة جدًا من نهاية الدورة. وإذا كنتِ قد مارستِ العلاقة الحميمة بعد يوم أو يومين من الدورة، يمكن للحيوانات المنوية التي تعيش في جسمكِ حتى خمسة أيام، أن تلقّح البويضة بسهولة.
أشارت دراسة صادرة عن British Medical Journal إلى أن الحيوانات المنوية تستطيع البقاء حيّة داخل الرحم من 3 إلى 5 أيام. ممّا يزيد من فرص التخصيب إذا حدثت الإباضة مبكرًا. إذًا، هل يمكن الحمل بعد الدورة مباشرة؟. نعم، والاحتمالية ترتفع لدى النساء ذوات الدورات القصيرة أو غير المنتظمة.
متى تكونين في أعلى درجات الخصوبة؟
تبدأ خصوبتكِ في الارتفاع مع اقتراب موعد الإباضة، لكن لدى بعض النساء، تبدأ هذه الفترة الخصبة مباشرة بعد انتهاء الدورة. لذلك، إنّ الاعتماد على “حساب الأيام” فقط قد يكون مضلّلًا.
وفقًا لدراسة من American Society for Reproductive Medicine، فإن نسبة كبيرة من حالات الحمل غير المخطط لها تحدث نتيجة سوء تقدير فترة الإباضة. لذلك، من الأفضل استخدام وسائل إضافية لتحديد الخصوبة، مثل متابعة إفرازات عنق الرحم أو فحص درجة حرارة الجسم.
ما هي العوامل التي تؤثر على توقيت الإباضة؟
هناك عوامل كثيرة تؤثّر على توقيت الإباضة، وبالتالي على إمكانية حدوث الحمل بعد الدورة مباشرة. من بين هذه العوامل:
- التوتر النفسي: يؤثّر الشعور بالتوتّر والقلق على الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الإباضة.
- النظام الغذائي: إنّ نقص بعض العناصر مثل الحديد أو الزنك يؤثّر على الخصوبة.
- الوزن الزائد أو النحافة الشديدة: قد تؤدّي إلى اضطراب في التبويض.
- الرضاعة الطبيعية: قد تؤخّر أو تغيّر توقيت الإباضة.
تُشير دراسة نُشرت في Fertility and Sterility إلى أن النساء اللواتي يعانين من تغيّرات هرمونية أو تقلبات في الوزن هنّ أكثر عرضةً للإباضة المبكرة أو غير المنتظمة. ممّا يزيد فرص الحمل في الأيام الأولى بعد الدورة.
كيف يمكنكِ تقليل أو زيادة فرص الحمل بعد الدورة؟
إن كنتِ تخطّطين للحمل، فاحرصي على العلاقة الحميمة في الأيام التالية مباشرة لانتهاء الدورة، خاصّةً إن كانت دورتكِ قصيرة. أما إذا كنتِ ترغبين في تجنّب الحمل، فلا تعتمدي فقط على التقويم. بل استخدمي وسائل منع الحمل المضمونة.
التقويم وحده لا يكفي. هذا ما أثبتته دراسة نُشرت في The Lancet Public Health، التي أظهرت أن نسبة الخطأ في الطرق الطبيعية لتنظيم الحمل قد تصل إلى 24% سنويًا. لذلك، من الضروري إدراك متى تبدأ خصوبتكِ فعلًا، وليس فقط متى تنتهي دورتكِ.
الخلاصة
هل يمكن الحمل بعد الدورة مباشرة؟ نعم، وبكل بساطة، فالجسم لا يلتزم دائمًا بالقواعد الحسابية التي اعتدنا عليها. تدفعنا المفاجآت العلمية الحديثة إلى إعادة النظر في كثير من المفاهيم التي كانت تبدو ثابتة. لذلك، لا بد من فهم جسمكِ بشكل أعمق، والاعتماد على العلم لتحديد توقيت الخصوبة الحقيقي لديكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن عوامل خفيّة في صحّة حيواناته المنوية تحكم مصير حملكِ.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التعامل مع الخصوبة لا يجب أن يكون بناءً على توقعات تقليدية أو معتقدات شائعة فقط. فكل جسم يملك إيقاعه الخاص، والتغيير في توقيت الإباضة أمر شائع. لذلك، أنصح كل امرأة بأن تراقب دورتها بعناية، وأن تعتمد على أدوات علمية دقيقة، خاصّةً إن كانت تخطّط للحمل أو تتجنّبه. المعرفة الدقيقة هي مفتاحكِ للقرارات الصحيحة.
