تبدأ مهارات طفلك بالنمو منذ اللحظة الأولى من ولادته. كل حركة، وكل ابتسامة، وكل كلمة جديدة هي جزء من رحلته لاكتساب المهارات التي يحتاجها ليكبر بثقة كبيرة في النفس. في السنوات الأولى، لا يقتصر الأمر على التعلم فقط، بل على بناء الأساس العقلي والحسي والاجتماعي الذي سيرافقه طيلة حياته.
ولأن تطوّر المهارات يختلف باختلاف المرحلة العمرية، أعددنا هذا الدليل العملي الذي يرافقك خطوة بخطوة. سنسلّط الضوء على أبرز المهارات المتوقعة في كل عمر، مع تقديم نصائح واضحة لتشجيع طفلك على التطوّر بطريقة صحيّة ومتوازنة.
من الولادة حتى عمر السنة
في هذا العمر، تبدأ مهارات طفلك الحسية والحركية بالنمو. فهو يكتشف العالم من خلال اللمس، والنظر، والسمع.

تظهر المهارات الحركية الدقيقة تدريجيًا، مثل مسك الألعاب وتحريك اليد نحو الفم. كما تبدأ المهارات الاجتماعية بالظهور من خلال تفاعله معكِ عبر الابتسامة والبكاء ونظرات العين.
لتحفيز مهارات طفلك، قربي له الألعاب ذات الألوان الزاهية، وتحدثي معه بصوت واضح ومحبّب. كرري الأفعال والأصوات، وامنحيه فرصة للاستكشاف بأمان. هذه الخطوات البسيطة تُسهم كثيرًا في دعم تطوّره الطبيعي وتضمن تحفيز ذاكرة وإبداع طفلك.
من عمر سنة إلى ثلاث سنوات
يُظهر الطفل في هذه المرحلة رغبة قوية في الاستقلال. تبدأ مهارات طفلك اللغوية بالنمو بشكل ملحوظ، وكذلك المهارات الحركية الكبرى مثل المشي، والجري، والصعود على الأدراج.
كما تتطور المهارات المعرفية من خلال اللعب التخيلي، والتفاعل مع القصص، وتسمية الأشياء. في الوقت نفسه، يبدأ الطفل في إدراك مشاعره والتعبير عنها، وهي نقطة مهمّة جدًا في نموه الاجتماعي والعاطفي.
لمساعدته، اتركي له مساحة لتجربة الأمور بنفسه. اسمحي له بتجربة اللبس وحده، وترتيب ألعابه، والمشاركة في أنشطة بسيطة مثل صبّ الماء أو اللعب بالمعجون.
من عمر أربع إلى ست سنوات
تبدأ مهارات طفلك في هذه المرحلة بالنضوج بشكل ملحوظ. يصبح أكثر قدرة على التعبير عن نفسه، وطرح الأسئلة، والتمييز بين الصحيح والخطأ. كما يكتسب مفردات جديدة بشكل سريع ويتعلّم من خلال التكرار والملاحظة.

من الناحية الاجتماعية، يتطور تعاطفه مع الآخرين، ويتعلم المشاركة والانتظار، ويبدأ بتكوين صداقات. أما من الناحية الحركية، فيصبح أكثر رشاقة ودقّة في استخدام يديه وقدميه.
شجعيه على الحديث، الاستماع للقصص، ومحاولة كتابة اسمه. خصّصي وقتًا يوميًا لممارسة الأنشطة التي تنمّي التركيز والتنسيق مثل الرسم، وتركيب المكعبات، أو لعب الأدوار.
من عمر سبع إلى عشر سنوات
في هذه المرحلة، يتطور تفكير الطفل بشكل واضح. مهارات طفلك العقلية تصبح أكثر تعقيدًا، ويبدأ بفهم المفاهيم المجردة كالمسؤولية والعدالة.
كما يُظهر قدرة أكبر على حلّ المشاكل، والتعاون ضمن الفريق، والتخطيط للمستقبل. من المهم أن يشعر بأنه مسموع وأن أفكاره تُؤخذ بعين الاعتبار.
دعيه يشارك في النقاشات العائلية، وامنحيه فرصة اتخاذ قرارات بسيطة. شجعيه على القراءة، فالألعاب التي تتطلّب تفكير منطقي، والأنشطة التي تعزز الثقة بالنفس كالرياضة والفن.
من عمر أحد عشر إلى ثلاث عشرة سنة
يبدأ الطفل في هذه المرحلة بطرح الأسئلة حول ذاته ومكانته في المجتمع. تصبح مهارات طفلك الاجتماعية والعاطفية أكثر حساسية، ويظهر لديه وعي متزايد بذاته وبتفاعله مع الآخرين.

يبدأ في تطوير اهتماماته الشخصية، ويحتاج إلى مساحة خاصة للتعبير عن نفسه بحرية. كما يتأثر بشكل كبير بالبيئة المحيطة، وخصوصًا الأصدقاء والمعلمين.
ادعمي استقلاليته لكن مع التوجيه. استمعي له من دون مقاطعة، شجعيه على التعبير عن رأيه، وساعديه على التعامل مع مشاعره بوعي. قدّمي له مصادر تعليمية تناسب اهتماماته وشجعيه على تنمية هواياته.
من عمر أربع عشرة إلى ثماني عشرة سنة
هذه المرحلة تُعرف بمرحلة النضج التدريجي. تتجه مهارات طفلك نحو بناء المستقبل. يتعلّم كيف يضع أهدافًا، وينظم وقته، ويتحمّل مسؤولياته.
كما يُظهر استقلالية في التفكير، ويميل إلى تكوين آرائه الخاصة في مختلف المواضيع. هنا، تؤدّي مهارات التواصل والثقة بالنفس دورًا أساسيًا في تشكيل شخصيته.
لذلك، من المهم تشجيعه على المشاركة في المشاريع الاجتماعية، والفرق الرياضية، أو الأعمال التطوعية. واصلي دعمه في بيئة مشجعة وآمنة، وكوني دائمًا مرشدة وصديقة له.
الخلاصة
مهارات طفلك لا تنمو وحدها، بل تحتاج إلى رعاية ومتابعة دائمة. لكل عمر احتياجاته الخاصة، ولكل مرحلة تحدياتها وفرصها. عندما تدركين ما يحتاجه طفلك في كل فترة، تصبحين أكثر قدرة على دعمه وتمهيد الطريق أمامه ليكبر بذكاء وتوازن.
وبينما تختلف المهارات من طفل لآخر، يبقى دورك كأم أساسيًا في تشجيعه، واحتوائه، وتوفير بيئة غنية بالتجارب والمعرفة. فكل دقيقة تقضينها معه تزرع فيه مهارة جديدة، وكل دعم تقدّمينه اليوم يثمر غدًا. ومنالجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ اسئلة عامة للاطفال تجذب انتباههم وتكشف لكِ أسرار شخصياتهم!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الاهتمام بمهارات طفلك من عمر مبكر هو استثمار حقيقي في مستقبله. لا تنتظري حتى تظهر الصعوبات، بل كوني سبّاقة في التعلم والاطلاع والاحتواء. كوني الأم التي تفتح له الأبواب ليكتشف إمكاناته، ويصنع ذاته بثقة وثبات.