يُعَدّ انسداد الأنف عند الرضيع من أكثر المشاكل شيوعًا في الشهور الأولى من عمر الطفل. يظهر فجأة، ويجعل التنفس صعبًا، والنوم مضطربًا، وحتى الرضاعة شبه مستحيلة. وفي بعض الحالات، قد يكون هذا الانسداد عرضًا بسيطًا ويزول دون تدخل، لكن في أوقات أخرى قد يشير إلى حال صحية خطيرة تستدعي التدخل الطبي الفوري.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على الأسباب الأكثر شيوعًا لـ”انسداد الأنف عند الرضيع”. كما سنوضح العوارض التي يجب ألا تتجاهلها الأم، مع ذكر الحالات التي تستوجب مراجعة الطبيب فورًا. سنتطرق أيضًا إلى طرق الوقاية والعناية اليومية لتقليل فرص حدوث الانسداد.
ما هو انسداد الانف عند الرضيع؟
يُعاني أغلب الرضّع من انسداد مؤقت في الأنف خلال الأشهر الأولى من حياتهم، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة تراكم الإفرازات المخاطية أو رد فعل طبيعي للهواء الجاف. يحدث الانسداد لأن ممرات التنفّس لدى الأطفال ضيقة وصغيرة الحجم، ما يجعلها سريعة التأثّر بأي عامل خارجي.

أيضًا، لا يستطيع الرضيع تنظيف أنفه بنفسه، ما يُصعّب خروج المخاط ويُراكمه، خاصّةً أثناء النوم أو الرضاعة الطبيعيّة. لذلك من الطبيعي أن تُلاحظي صوت تنفّس مكتوم، وعطاس متكرر، أو صعوبة في المص أثناء الرضاعة.
ما الأسباب الشائعة لهذه الحال؟
لكي تفهمي متى يكون انسداد الانف عند الرضيع مقلقًا، لا بدّ من معرفة أبرز الأسباب المؤدية إليه. إليكِ أهمها:
- الهواء الجاف: شائع جدًا في الأماكن المكيّفة أو خلال فصل الشتاء، ويؤدّي إلى جفاف الأغشية المخاطية وتراكم الإفرازات.
- الزكام أو نزلات البرد: تُعد من الأسباب الرئيسية. إذ تزداد الإفرازات المخاطية بشكل كبير عند إصابة الرضيع بعدوى فيروسية.
- التهاب الجيوب الأنفية: نادر عند الرضّع، لكنه قد يظهر في بعض الحالات المتقدمة.
- الحساسية التنفسية: مثل الغبار أو العطور القوية أو دخان السجائر، تؤثر بسرعة على الطفل وتُسبب الانسداد.
- الارتجاع المعدي: قد يرتبط بشكل غير مباشر بهذه الحالة، إذ تؤدي الأحماض المرتجعة إلى التهاب مجرى التنفس العلوي.
متى يكون الانسداد خطرًا؟
رغم أن معظم حالات انسداد الانف عند الرضيع تزول من تلقاء نفسها أو باستخدام علاجات منزلية بسيطة، إلا أن بعض العلامات تستدعي القلق والتوجه إلى الطبيب فورًا، وهي:

- صعوبة شديدة في التنفس: إذا لاحظتِ أن طفلك يفتح فمه باستمرار أو يصدر صوت أزيز، فقد يشير ذلك إلى ضيق في مجرى التنفس.
- رفض الرضاعة: إذا لم يتمكن من الرضاعة لأكثر من مرة، فقد يؤدي ذلك إلى نقص في التغذية والسوائل.
- ازرقاق الشفاه أو الوجه: علامة خطيرة على نقص الأوكسجين وتحتاج إلى تدخل طبي عاجل.
- ارتفاع في درجة الحرارة: يُمكن أن يكون مؤشرًا على وجود عدوى تتطلب العلاج.
- استمرار الانسداد لأكثر من أسبوع: في هذه الحال، لا بدّ من استشارة الطبيب لمعرفة السبب بدقة.
كيف يمكن التعامل مع الحال منزليًا؟
في الحالات الخفيفة، يمكن استخدام بعض الوسائل المنزلية لتخفيف انسداد الانف عند الرضيع بشكل آمن. من أبرزها:
- استخدام المحلول الملحي: يساعد على ترطيب الأنف وتليين المخاط، مما يُسهّل إخراجه.
- الشفاط الأنفي اليدوي: مفيد جدًا لإزالة الإفرازات بلطف، ويُفضّل استخدامه بعد وضع المحلول.
- رفع رأس الطفل قليلًا: أثناء النوم، يمكن وضع وسادة صغيرة تحت المرتبة (وليس تحت رأس الطفل مباشرة) لتسهيل التنفّس.
- جهاز ترطيب الهواء: يُخفّف الجفاف داخل الغرفة، خاصّةً في الشتاء أو عند استخدام المكيّف.
- الابتعاد عن الروائح القوية: مثل العطور ومنتجات التنظيف ودخان السجائر.
لكن، من المهم جدًا عدم استخدام أدوية أو قطرات أنفية بدون استشارة طبيب الأطفال. حتى وإن كانت تُباع من دون وصفة طبية، لأن بعضها لا يُناسب الرضّع.
متى يجب الذهاب إلى الطبيب فورًا؟
أحيانًا تكون العوارض بسيطة في بدايتها، ثم تتطوّر بسرعة. لذلك لا تتردّدي في مراجعة الطبيب في الحالات التالية:

- إذا لاحظتِ تغيرًا في لون الجلد أو الشفاه.
- إذا كان الطفل لا ينام بسبب صعوبة التنفس.
- إذا ازدادت الإفرازات وأصبحت خضراء اللون أو مصحوبة برائحة كريهة.
- إذا صاحب الانسداد ارتفاع حرارة أو سعال مستمر.
- إذا لاحظتِ تراجعًا في وزن الطفل أو قلة عدد مرات الرضاعة.
كل هذه المؤشرات تُشير إلى أن الأمر قد تجاوز الانسداد البسيط، ويحتاج إلى تقييم طبي دقيق لمعرفة السبب الحقيقي وراء العوارض.
الخلاصة
أخيرًا، لا يُعَدّ انسداد الانف عند الرضيع دائمًا حال طارئة، لكنه في بعض الأحيان قد يكون مؤشّرًا على مشكلة تحتاج تدخلًا سريعًا. من خلال الملاحظة الدقيقة والتدخّل في الوقت المناسب، يمكن تجنّب مضاعفات خطيرة على صحة الطفل. تذكّري دائمًا أنّ الوقاية تبدأ من بيئة نظيفة، وهواء نقي، ومراقبة دقيقة لأي تغيرات في نمط تنفّس أو رضاعة الرضيع. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سبب عدم نوم الرضيع.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتبر أن وعي الأم بتفاصيل بسيطة مثل انسداد الانف عند الرضيع قد يُحدث فرقًا كبيرًا في صحة الطفل. لا يجب أبدًا الاستهانة بأي تغيّر في سلوك الرضيع، خاصة في الأشهر الأولى. أنصح كل أم بمتابعة طفلك عن قرب، واللجوء إلى الطبيب عند أي شك، فالعناية الدقيقة في البداية تمنع المشاكل لاحقًا.