قد تبدو لكِ 10 دقائق مشي يوميًا فقط مدة قصيرة ولا تُحدث فرقًا، لكن يقول العلم غير ذلك. يمكن أن تُعزّز ممارسة رياضة المشي، حتى ولو كانت لبضع دقائق، صحتكِ النفسية والجسدية بشكل لافت. لا تحتاجين الذهاب إلى صالة رياضية أو استخدام أدوات خاصة. تحتاجين فقط إلى اتباع خطوات ثابتة في الهواء الطلق، أو داخل المنزل، فهي قادرة على إنعاش جسدكِ وتهدئة أفكاركِ.
في هذا المقال، سنأخذكِ في جولة علمية حول فوائد 10 دقائق مشي يوميًا. كما نكشف تأثير ممارسة هذه العادة البسيطة على قلبكِ، وعقلكِ، ونفسيتكِ، ووزنكِ. كما سنقدّم لكِ أفكارًا عملية يمكنكِ إدخالها بسهولة إلى روتينكِ اليومي، حتى وسط ازدحام المسؤوليات.
يطيل المشي القصير العمر ويقلل الاصابة بالأمراض المزمنة
امنحي جسمكِ فرصة للاستفادة من 10 دقائق مشي يوميًا، تُعدّ هذه الدقائق كافية لتحفيز عمل القلب وتنشيط الدورة الدموية. فبحسب دراسة نُشرت في مجلة JAMA Internal Medicine، فإن الأشخاص الذين يمشون يوميًا لمدة 10 إلى 15 دقيقة، يقل لديهم خطر الوفاة المبكرة بنسبة 15٪ مقارنة بمن لا يمارسون أي نشاط بدني.

تُظهر الأبحاث أنّه يقلل المشي المنتظم من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة تصل إلى 30٪، ويحدّ من تطوّر مرض السكري من النوع الثاني. كما يحدّ من ارتفاع ضغط الدم، وحتى الاصابة بأنواع معينة من السرطان.
تأثير 10 دقائق مشي يوميًا على الصحة النفسية
لا تُحرّك ممارسة رياضة المشي عضلاتكِ فقط، بل يُحسّن مزاجكِ نحو الأفضل. أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Health Psychology أن ممارسة المشي لمدة قصيرة يوميًا تُسهم في خفض معدلات الشعور بالقلق بنسبة تصل إلى 20%، كما تُعزّز المزاج العام، لا سيما لدى النساء اللواتي يواجهن ضغوطات الحياة اليومية.
تعزّز ممارسة المشي افراز هرمون الإندورفين، وهو المسؤل عن الشعور بالسعادة. يقلّل ذلك من تفاقم عوارض الاكتئاب ويمنحكِ شعورًا بالصفاء الذهني. بالإضافة إلى ذلك، فإن قضاء دقائق في الطبيعة، يعيد توازنكِ النفسي ويمنحكِ لحظة من التواصل مع ذاتكِ بعيدًا عن التوترات.
تسرّع 10 دقائق مشي يوميًا عملية الأيض وتساعد في ضبط الوزن
تساهم رياضة المشي لعشر دقائق فقط في تحفيز عملية الأيض، أي حرق الدهون، وتنشّط هذه الدقائق عمل الجهاز الهضمي وتُعزّز استجابة الجسم لهرمون الإنسولين. يؤدي ذلك إلى تنظيم مستويات السكر في الدم. تبيّن في دراسة صادرة عن National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases أنه يُساهم المشي بعد تناول الوجبة، في خفض نسبة السكر بفاعلية.

إن الاعتياد على المدى البعيد، على ممارسة المشي يوميًا يمنع تراكم الدهون حول البطن، ويساعد على تخفيف الوزن تدريجيًا. كل ذلك من دون الحاجة إلى اتباع حميات قاسية أو ممارسة تمارين مكثّفة.
كيف تجعلين 10 دقائق مشي يوميًا عادة لا تفوّتينها؟
يكمن سرّ الاستمرار في ممارسة المشي ليس في اندفاع شعور الحماسة، بل في سهولة القيام بهذا النشاط وبساطته. خصّصي وقتًا محددًا من يومكِ، مثل بعد الإفطار أو قبل النوم، واختاري مكانًا مريحًا كحديقة قريبة أو شرفة منزلكِ. يمكنكِ الاستماع إلى بودكاست تحبينه، أو التحدّث مع صديقة عبر الهاتف أثناء ممارسة هذه الرياضة، مما يضفي طابعًا ممتعًا على التمرين.
لا تجعلي الهدف من المشي هو تعزيز مستوى الحرق أو ممارسة الرياضة فحسب، بل اجعليه وقتكِ الخاص للتأمل، والتجدّد، والانفصال عن التوترات اليومية. سيتحوّل مع الوقت، إلى عادة لا يمكن الاستغناء عنها.
يحسّن المشي جودة النوم ويخفّف شعور الأرق
تُعاني الكثير من النساء من اضطرابات النوم أوالشعور بالأرق المزمن، من دون أن يعرفن أن 10 دقائق مشي يوميًا قد تكون الحلّ الأبسط. أظهرت نُشرت دراسة في Sleep Health Journal أن النساء اللواتي يلتزمن بممارسة المشي اليومي، يستمتعن بنومٍ أعمق ويستيقظن بمستوى أعلى من الطاقة والحيوية.

تساعد هذه الرياضة الجسم على إفراز هرمون الميلاتونين الطبيعي، وهو العنصر المسؤول عن تنظيم دورة النوم. يُعيد التعرّض للضوء الطبيعي خلال ممارسة المشي الصباحي أو المسائي ضبط الساعة البيولوجية للجسم، مما يحفّز الشعور بالنعاس. يعني هذا أنكِ لستِ بحاجة لتناول أدوية منوّمة أو الخضوع الى جلسات علاج سلوكي عندما تشعرين بالأرق.
ننسى في زحمة الأيام وضغوط المهام، أن 10 دقائق مشي يوميًا قد تكون المفتاح لتعزيز صحة أفضل ونفسية أكثر توازنًا. لا تعتبر هذه الدقائق مجرّد خطوات عابرة، بل استثمار طويل الأمد في جسدكِ وروحكِ. لا تنتظري قدوم وقت الفراغ أو الظروف المثالية، بل ابدئي اليوم. أخيرًا سبق وكشفنا لكِ عن تجربة المشي ١٠ آلاف خطوة يوميًا.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن أنّ التغيير الحقيقي لا يبدأ باتخاذ القرارات الكبيرة، بل بالتفاصيل الصغيرة التي نلتزم بها كل يوم. ليست 10 دقائق مشي يوميًا تفصيلًا عاديًا، بل هي نقطة التحوّل التي يمكن أن تعيد ترتيب كل ما هو فوضوي في داخلنا. أعتبر هذا الوقت فرصة لأتواصل مع نفسي، وأستمع لأفكاري، وأتخلّص من شعور توتر النهار.