تُثير ألعاب الفيديو جدلًا واسعًا بين الأهل والمختصّين، فيرون فيها خطرًا يهدّد تركيز الأطفال وتوازنهم النفسي والسلوكي. لكنّ الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو، فالخطر لا يكمن في اللعبة نفسها، بل في طريقة استخدامها ومدّة التعرّض لها.
في هذا المقال، نسلّط الضوء على الجانب الإيجابي لألعاب الفيديو، ونكشف كيف يمكن للأهل أن يحوّلوها إلى وسيلة فعّالة لتحسين تركيز أطفالهم، بدلًا من أن تصبح مصدرًا للتشتت أو الإدمان.
اختيار الألعاب المناسبة يغيّر كلّ شيء
ينبغي على الأهل أن يختاروا ألعابًا تعتمد على التحليل السريع، والتفكير المنطقي، واتخاذ القرارات في لحظات محدودة. على سبيل المثال، تحفّز ألعاب الألغاز، والألعاب الاستراتيجية، وألعاب البحث عن الأشياء المخفية، قدرة الطفل على التركيز البصري والانتباه للتفاصيل.

يساعد هذا النوع من الألعاب في تمرين الدماغ على العمل بفعالية، خصوصًا عند تكرار المحاولات وتحليل الأخطاء. وبالتالي، لا تعود اللعبة مجرّد تسلية، بل تتحوّل إلى تدريب عقلي حقيقي.
تحديد الوقت يمنع التشتت ويحافظ على التوازن
يستطيع الطفل أن يستفيد من ألعاب الفيديو إذا استمرّت الجلسة لفترة قصيرة لا تتجاوز 30 إلى 45 دقيقة يوميًا. عند استخدام المؤقّت، يتعلّم الطفل ضبط الوقت والالتزام، كما يتجنّب الدخول في حال الإنهاك الذهني أو فرط التحفيز.
يُفضّل أن يرافق الأهل الطفل أثناء اللعب، ليس بهدف المراقبة فقط. بل لدعم التركيز من خلال التعليق، وطرح الأسئلة، وتحفيزه على الملاحظة الدقيقة.
الدمج بين اللعب والحياة الواقعية يعزّز المهارات
يشجّع بعض المختصّين على ربط ما يتعلّمه الطفل داخل اللعبة بمهارات الحياة الواقعية. فإذا واجه الطفل مثلًا تحدّيًا في لعبة تطلب حل لغز، يمكن للأهل أن يعرضوا عليه لعبة مشابهة واقعيًا، كأحجية تركيب الصور أو ألعاب التفكير السريع.
بهذه الطريقة، تنمو قدراته المعرفية، ويتعلّم استخدام تركيزه في سياقات مختلفة. ممّا يعزّز من مرونة الانتباه ويقلّل من تشتّته في الصف أو أثناء الدراسة.
لا يُعدّ منع ألعاب الفيديو الحل الأمثل دائمًا، بل يتطلّب الأمر من الأهل وعيًا في طريقة التقديم، ونوع اللعبة، ومدّة التعرّض. وعندما يتبع الطفل نظامًا منظّمًا، يمكن لتلك الألعاب أن تتحوّل من خطر محتمل إلى وسيلة تنمّي قدراته المعرفية، وتدعّم تركيزه بشكل ملحوظ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ كيف تعزّزين قدرات طفلكِ العقلية قبل النوم؟