لما ياسين لما ياسين 13-07-2025
تأخر النطق عند الاطفال

يُثير تأخر النطق عند الأطفال قلق كل أم حريصة على نمو طفلها بشكل طبيعي. عند ملاحظة أن الطفل لا ينطق كلمات بسيطة في عمر متوقّع، تبدأ الشكوك والأسئلة: هل الأمر طبيعي؟ أيحتاج إلى تدخل؟ وهل يمكنني كمربية أن أساعده في الوقت المناسب؟. هذه الهواجس مشروعة، خاصّةً أنّ اللغة تُعَدّ من أهم أدوات الطفل للتواصل، والتعبير عن مشاعره، واحتياجاته.

ias

لذلك، ومن أجل توضيح الصورة أكثر، سنأخذكِ في هذا المقال خطوة بخطوة لفهم أسباب تأخر النطق عند الأطفال، ثم ننتقل لشرح العوامل المؤثرة بدقة، وبعدها نسلّط الضوء على أهم العلامات التي تستدعي زيارة مختص. بعد ذلك، سنقترح خطوات عملية يمكنكِ تنفيذها فورًا في المنزل من دون تأخير لمساعدة طفلك بشكل مباشر. كما سنعرض الموضوع بلغة علمية مبسطة، إلى جانب أسلوب توعوي واضح، مع التأكيد الدائم على دوركِ المحوري كأم في عملية التحفيز المبكر، منذ اللحظة الأولى لظهور الشك.

ما هو تأخر النطق؟ ولماذا يحدث؟

تأخر النطق عند الأطفال يحدث عندما يعجز الطفل عن إنتاج الكلمات أو الأصوات المناسبة لعمره الزمني. عادةً، يبدأ الأطفال بنطق أولى الكلمات بين عمر 12 إلى 18 شهرًا. لكن إذا تجاوز الطفل عمر السنتين من دون استخدام كلمات مفهومة، ففي هذه الحال يُصنَّف التأخّر ضمن المجال اللغوي. لذلك، يجب على الأهل أن يراقبوا تطور النطق عن قرب، وأن يتدخّلوا فور ملاحظة أي تأخير. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري مقارنة سلوك الطفل بمعايير النمو المتوقعة لعمره، وعدم تجاهل أي علامات تنذر بصعوبة لغوية.

امرأة تمرّن طفلها على النطق
أسباب تأخّر النطق عند الأطفال

يحدث تأخر النطق عند الأطفال لعدة أسباب. من أهمّها:

  • وجود مشاكل سمعية مثل التهاب الأذن الوسطى المزمن.
  • اضطرابات عصبية مثل التوحّد أو اضطراب اللغة النمائي.
  • تأخر في التطوّر العام، أو مشاكل في عضلات الفم.
  • غياب التحفيز اللفظي في البيئة المحيطة، مثل قلّة الحوار أو التفاعل مع الطفل.

تشير دراسة نُشرت في Journal of Speech, Language, and Hearing Research إلى أنّ الأطفال الذين لا يتعرّضون لتحفيز لغوي كافٍ منذ السنوات الثلاث الأولى من عمرهم، غالبًا ما يُصبحون أكثر عرضة لاحقًا لتأخر النطق واللغة. ولذلك، يؤكّد الباحثون ضرورة البدء المبكر في تعريض الطفل للمحادثات اليومية، والقراءة، والتفاعل اللفظي، لأن ذلك يُساعد في بناء الأساس اللغوي المطلوب قبل دخول المدرسة” (Rescorla, 2011).

متى يصبح القلق ضروريًا؟

في بعض الأحيان، يكون التأخر بسيطًا ولا يحتاج إلا لبعض الوقت والدعم. لكن، هناك علامات تستوجب التدخل:

  • عدم نطق أي كلمة بعمر 18 شهرًا.
  • عدم استخدام جمل بسيطة بعمر 3 سنوات.
  • عدم القدرة على فهم التعليمات البسيطة.
  • تراجع في استخدام الكلمات التي سبق واستخدمها.
  • عدم الاستجابة عند مناداته أو عدم الانتباه للأصوات.

من المهم ألا تنتظري طويلًا، فكل شهر يُحدث فرقًا. التدخل المبكر يُحسّن النتائج بشكل كبير، كما تُظهر

تقارير American Speech-Language-Hearing Association (ASHA) التي أكدت أن التقييم والعلاج المبكر يُساهمان في تسريع التطوّر اللغوي للطفل.

ماذا يجب أن تفعليه فورًا كأم؟

كأم مسؤولة، عليكِ أن تتصرّفي فورًا بخطوات مدروسة:

طفل لدى مختصّة نطق
كيفيّة التعامل مع تأخّر النطق عند الأطفال
  • ابدئي بالتقييم السمعي: تأكدي أن سمع الطفل سليم. قومي بحجز موعد لدى مختصّ سمعيات.
  • راجعي طبيب الأطفال: لاستبعاد أي أسباب عضوية أو عصبية.
  • احصلي على تقييم من مختصّ نطق ولغة: التقييم لا يعني مباشرة العلاج، لكنه يمنحك تشخيصًا دقيقًا.

بموازاة ذلك، ابدئي بتعزيز التواصل اللفظي مع طفلك في المنزل. تكلّمي معه باستمرار، وكرّري الكلمات، واسأليه أسئلة مفتوحة، اقترحي عليه تسميات الأشياء. احرصي على التفاعل بالنظر، والإشارة، والنغمة العاطفية، فهذه أدوات فعالة في تحفيز النطق.

خطوات منزلية فعّالة لدعم نطق الطفل

إلى جانب التدخل المهني، دورك اليومي محوري. هذه بعض الطرق المدروسة التي أثبتت فعاليتها:

  • استخدمي الكتب المصوّرة: خصّصي وقتًا يوميًا لقراءة كتب تحتوي صور واضحة وكلمات بسيطة. اربطي الكلمة بالصورة وكرّريها.
  • غني مع طفلك: تحتوي الأغاني التي كلمات مكرّرة وإيقاع بسيط تحفّز الذاكرة اللغوية.
  • قلّلي من وقت الشاشات: أظهرت الأبحاث أن الإفراط في استخدام الشاشات يقلل من التفاعل الحقيقي، ما يؤثر سلبًا على النطق.
  • تحدثي معه طوال اليوم: حتى إن لم يجبك، واصلي الحديث. فسماع اللغة مرارًا يُدرّب الدماغ على فكّ رموزها.
  • شاركيه اللعب التفاعلي: استخدمي الدمى، والمكعبات، والألعاب التعليمية التي تتطلب منكِ وصف الحركات والألوان.

أكدت دراسة حديثة من Harvard Center on the Developing Child أن التفاعل اللفظي المباشر بين الأم والطفل، خاصّةً في أوقات اللعب، يسرّع تطوّر النطق بنسبة تصل إلى 30%.

متى نلجأ إلى جلسات علاج نطقي؟

لذلك، إذا لم يُظهر الطفل تحسّنًا بعد بدء ممارسة التمارين المنزلية، أو إذا كانت أسباب التأخّر واضحة منذ البداية (مثل التوحّد أو ضعف السمع)، فعليكِ فورًا البدء بجلسات علاج نطقي دون تردّد. في هذه الحالة، لا تقتصر هذه الجلسات فقط على ممارسة التمارين التقليدية، بل تشمل أيضًا تحفيز الوعي السمعي بشكل تدريجي، وتعزيز مخارج الحروف من خلال أنشطة مخصّصة، بالإضافة إلى تحسين الفهم اللغوي عبر التفاعل المباشر. علاوةً على ذلك، تُدرّب المعالِجة الأم على أساليب الدعم المنزلي اليومية، مما يجعل العلاج أكثر فعالية واستمرارية.

طفلة تنظر إلى والدتها بسعادة
حالات تأخّر النطق التي تتطلّب العلاج

تكون الجلسات غالبًا أسبوعية، ويُنصح بالاستمرارية ومرافقة الأم للطفل خلال العلاج. النجاح لا يأتي بين ليلة وضحاها، بل مع التكرار والمتابعة.

الخلاصة

تأخر النطق عند الأطفال لا يعني بالضرورة وجود مشكلة كبيرة، بل يُشكّل غالبًا إشارة واضحة تستدعي التدخل المبكر. في كل لحظة تأخير، تزداد احتمالية دخول الطفل في دائرة صعوبات التواصل مستقبلًا. لهذا السبب، تصرّفي بسرعة وابدئي من اليوم. لا تنتظري المزيد، بل اطلبي التقييم فورًا، وشاركي طفلك الحديث في كل لحظة، ووفّري له بيئة غنية بالكلمات والمحفّزات. كذلك، استخدمي أدوات بسيطة، ولكن فعّالة، وكرّري المحاولة بصبر وحبّ، لأن النتيجة تبدأ من قرار صغير تتخذينه الآن. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات التوحد عند الأطفال.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن بكل يقين أنّ الأم تُشكّل الركيزة الأولى في تنمية قدرات طفلها اللغوية والمعرفية. لذلك، لا تحتاجين أن تكوني خبيرة في النطق أو العلاج، بل يكفي أن تكوني حاضرة بقلبك، وداعمة بكلماتك، ومستمعة بانتباه. في كل لحظة تتواصلين فيها مع طفلك، تزرعين فيه بذور التعبير والثقة. ولهذا السبب، تذكّري دائمًا أن الكلمات التي لا يقولها طفلك اليوم، يمكن أن تتحوّل إلى جمل واضحة غدًا، فقط إذا استثمرتِ الوقت، ومنحتِه الحب، وبادرتِ بالفعل في اللحظة المناسبة. ومن هنا، كل كلمة تُقال، وكل ابتسامة تُقدَّم، وكل تفاعل بسيط يُحدث فرقًا.

الأمومة والطفل الأم والطفل الطفولة تأخر النطق سلامة الطفل مشاكل الطفولة نصائح الأم والطفل

مقالات ذات صلة

كيف توازنين بين حبك لأطفالك وحاجتك لمساحة خاصة؟
الأمومة والطفل كيف توازنين بين حبك لأطفالك وحاجتك لمساحة خاصة؟ السرّ في هذه العادات البسيطة!
اتّبعي هذه الخطّة!
كل شوي سؤال
الأمومة والطفل كل شوي سؤال! كيف تتعاملين مع طفلكِ الفضولي بدون ما تتوتري؟
اتّبعيها وستلاحظين الفرق!
طفلك يصرخ في الأماكن العامة؟
الأمومة والطفل طفلك يصرخ في الأماكن العامة؟ هذه الطرق تخفف التوتر وتحتوي الموقف
اتبعيها ولاحظي الفرق بنفسك!
طفلي يتعلّق فيني بشكل مفرط
الأمومة والطفل طفلي يتعلّق فيني بشكل مفرط.. هل هذا طبيعي؟
لا تتجاهلي هذه التصرّفات!
ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟
الأمومة والطفل ليش ما أحب ألعب مع طفلي؟ عن الملل الطبيعي في الأمومة
اعتمدي هذه الخطوات!
أمهات بلا دعم
الأمومة والطفل أمهات بلا دعم… لماذا الأم تكون لوحدها بكل شيء
آثار نفسيّة غير مُتوقَّعة!
هل فقدتِ نفسك في زحمة الأمومة؟
الأمومة والطفل هل فقدتِ نفسكِ في زحمة الأمومة؟ خطوات لاسترجاع هويتكِ بهدوء
هذه الخطوات لكِ!
بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
الأم والطفل بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
هل تعانين من هذه المشاكل؟
3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
الأمومة والطفل 3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
تضمن لكِ تربية طفل واثق وسعيدة!
بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
الأم والرضيع بالفيديو، اسمحي لرضيعك ان يضع قدمه في فمه
اكتشفي الأسباب!
ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
الأمومة والطفل ما الذي يجعل مشاعر الأمومة مع الطفل فريدة لا تشبه أي حب آخر؟
إليكِ ما لم تعرفيها من قبل..
الأم العاملة
الأمومة والطفل الأم العاملة: كيف تواجهين التعب، الذنب، والإرهاق العاطفي؟
اعتمدي هذه الأساليب وغيّري حياتكِ!

تابعينا على