متى يحق للأب حضانة الولد؟ سؤال يطرحه عدد من الأشخاص، الذين لأسباب معينة قد يواجهون مشاكل في حضانة الأولاد.
تُعرّف الحضانة، لغويًّا وفقهيًّا وقانونيًّا، بأنّها حفظ شخص لا يستطيع العناية بنفسه والاستقلال بأموره، كالطفل الصغير، وتربيته والعناية به، وحفظه ووقايته مما يهلكه أو يضره، من قبل من يكون أهلاً لذلك. ويُسمّى الشخص الذي يتولى “الحضانة” بالحاضن/ة. تنتهي الحضانة ببلوغ الطفل سنّ الرشد. ويُمكنه أن يختار بعد هذه الفترة العيش مع من يشاء من والديه. ويُمكنه إذا كان شابًّا الابتعاد عنهما واتّخاذ قرار العيش بمُفرده. ولكن هذا ليس حال الفتاة التي يجب أن تبقى لدى والديها أو الوصي عليها حتّى تتزوّج.
لمن حقّ حضانة الأطفال؟
بشكل عام، تُعتبر حضانة الأطفال مشتركة بين الأمّ والأبّ معًا ما داما مُتزوّجين ويعيشان معًا مع أطفالهما. ولكن إذا وقع الطلاق بينهما، يبدأ السؤال عن لمن يعود حقّ الحضانة.
لا يختلف أحد على أنّ الأمّ هي أقرب شخص إلى الطفل وأكثر شخص يعرفه، يشعر به ويفهم حاجاته. لذلك تُعتبر الأحقّ بحضانة أطفالها الصغار. انتبهي الى هذه الأمور خلال حضانة أطفالك بعد الطلاق.
وتتّفق قوانين الأحوال الشخصيّة مع الشريعة الإسلاميّة على إعطاء الأمّ هذا الحقّ في أول مراحل حياة الطفل إذا كانت “أهلًا لذلك” أي إذا توفّرت فيها شروط الحضانة، ومن بين هذه الشروط:
- أن تكون عاقلة ولا تعاني من مشاكل، صحيّة أو نفسيّة، تمنعها من رعاية أطفالها.
- أن تكون أمينة وتتمتّع بأخلاق عالية، ومستعدّة لتحمل مسؤولية الأطفال وتربيتهم.
- عدم زواجها من رجل آخر بعد طلاقها من زوجها.
مصدر الصورة: Freepik
إلا أن ثمّة خلاف بين الفقهاء حول حقّ حضانة الأطفال بعد الأم، في الحالات التّالية:
- انتهاء مدّة حضانة الأمّ
- إذا لم تعد تستوفي أحد شروط الحضانة أو أكثر
- في حال توفّيت
عند انتقال الحضانة عنها، من يخلف الأمّ؟
يرى بعضهم أنّ حضانة الأطفال تنتقل الى أب الأطفال. وبعضهم يرى أنّها يجب أن تنتقل إلى جدّتهم لجهة والدتهم، أي والدة الأمّ.
ولكن فعليًّا، على أرض الواقع، وفي أغلب الأحيان تنتقل الحضانة الى الأبّ بعد الأمّ، في حال وجوده (إذا كان لا يزال على قيد الحياة)، شرط أن يكون بدوره أهلًا لتربية أطفاله ويستوفي الشروط.
ويكون في جميع الأحوال للحاضن، قرار السماح ببقاء الأطفال مع والدتهم، إذا كانت لا تزال أهلًا لحضانة أطفالها، في حال تزوّجت من رجل آخر بعد طلاقها مثلًا، وبموافقة زوجها الثاني. فـ”الحضانة حقّ للحاضن، لا حقّ عليه”، ويمكنه التخلّي أو التنازل عنها.
مع الإشارة الى أنّه أثناء الحضانة، يتكفّل الأب بنفقة أطفاله، مادام موجودا، وتبقى نفقة الفتاة على أبيها حتى تتزوج.
في حال عدم أهليّة الوالدين، من يكون الحاضن؟
في حال سقطت الحضانة عن الأمّ، ولكن لم تتوفّر الشروط اللّازمة لحضانة الأطفال لدى الأبّ، لا يتمّ إعطاءه حقّ الحضانة. فإذا وجد القاضي أنّ الطرفين غير مؤهلين للحضانة، يقرّر قانونيًّا ويحكم بها لأحد آخر يكون من الأقارب، لأنّ هدف الحضانة هو بالدرجة الأولى مصلحة الأطفال. ويتبع لدى اختيار الحاضن المُناسب ترتيبًا مُعيّنًا، استنادًا الى أهليّة كل من الموجودين في هذا الترتيب، وبالتالي إذا لم يكن الأوّل أهلًا للحضانة، تُعطى للذي يأتي بعده في الترتيب. وطبعًا هذا يحدد بناءً على قرار القاضي تبعًا لظروف كل قضية وحالة.
مصدر الصورة: Freepik
باختصار، في أي حالات تُعطى الحضانة للوالد؟
بالاستناد الى ما تمّ توضيحه سابقًا، يُمكن للأب أن يحصل على حضانة أطفاله، إذا توافرت فيه الأهليّة للحضانة والقدرة على تدبير جميع شؤون أطفاله وتربيتهم، بالدرجة الأولى، وإذا توافرت الظروف التي تُساعد على ذلك. ومن أبرز الحالات التي يمكن فيها للأب الحصول على حضانة أطفاله، نُعدّد:
في حال تنازلت الأمّ عن حقّها بالحضانة ودّيًّا، واتفقت مع طليقها على أن تكون حضانة الأطفال له. ويتمّ في هذه الحالة إجراءات لتثبيت الحضانة للأبّ. يمكنكم الإطّلاع على نشاطات يقوم بها الأب مع ابنته وأخرى يقوم بها مع ابنه!
في حال اختار الأطفال ذلك: لدى بلوغ الطفل عمر السبع سنوات، يحقّ له أن يُقرّر البقاء مع والدته أو الانتقال للعيش مع والده.
في حال استطاع الأبّ أن يُثبت، بعد رفع دعوى حضانة في المحكمة، أنّ والدة أطفاله غير مؤهلة للحضانة لأحد الأسباب التّالية:
- مشاكل أخلاقيّة ومسلكيّة: سلوك الأمّ السيء وأخلاقها غير الحميدة، أو اثبات تورّطها بقضيّة أخلاقيّة.
- سوء معاملة الأطفال: إذا كانت تُسيء معاملة أطفالها.
- مشاكل نفسيّة: معاناة الأمّ من أي مُشكلة أو مرض نفسي مزمن قد يُؤثّر على أهليّتها وقدرتها على تربية الأطفال، أو قد يُشكّل خطرًا عليهم أو على صحّتهم النفسيّة.
- مشاكل صحيّة: معاناة الأمّ من مشاكل صحيّة، أي مرض خطير، مُعدي، مزمن قد يؤدّي الى عدم قدرتها على تربية أطفالها لسوء وضعها الصحّي.
- بيئة غير مناسبة: إذا كانت الظروف المحيطة بالأمّ، وأسلوب حياتها، غير مناسبة للأطفال جسديًا أو نفسيًا.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، إنّ الهدف من حضانة الأطفال هو تأمين الظروف الحياتيّة الصحيّة، النفسيّة والتربويّة المُناسبة لهم، وعلى كل أهل أن يعوا ذلك ويعطوا الأولويّة لمصلحة أطفالهم، والابتعاد عن الصراعات قدر الإمكان. اليك بعض النصائح لتربية أطفال سعداء وأسوياء بعد الطلاق.
يمكنك في هذا السياق الاطّلاع على: الإعلامية سارة مراد تكشف رحلة صراعها على حضانة ابنتها.
