ما حكم الإسراف والتبذير في الإسلام؟ الشيخ وسيم المزوق يجيب على هذا السؤال فيما يلي:
فالإسراف في اللغة: هو مجاوزة الحد، ويعرفه الجرجاني بأنه مجاوزة الحد في النفقة، ويقول سفيان الثوري رضي الله عنه: "ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سرف، وإن كان قليلاً"، وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من أنفق درهماً في غير حقه فهو سرف".
والمشهور أن الإسراف والتبذير بمعنى واحد لغة وشرعا، وهما يشملان الأقوال والأفعال وغيرهما. والتبذير: إفساد المال وإنفاقه في السرف، قال الله عز وجل: { وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }، وقيل: التبذير أن ينفق المال في المعاصي، وقيل: هو أن يبسط يده في إنفاقه حتى لا يبقي منه ما يقتاته، ومن العلماء من فرق بينهما فقال: – التبذير: الجهل بمواقع الحقوق. والسرف: الجهل بمقادير الحقوق.
للمزيد:الشيخ يشرح عن خصائص العبادة في الاسلام
قال ابن عابدين رحمه الله: التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقاً، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي. ا.هـ.
وقد جاءت النصوص في الكتاب والسنة تحذر منهما معاً، قال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً{الإسراء 26-27} وقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ{الأعراف: 31}
وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب قول الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة، وقال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف أو مخيلة.
وقال تعالى ممتدحا أهل الوسطية في النفقة الذين لا يبخلون ولا يسرفون: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً) (الفرقان:67).
وقال عز وجل: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (الإسراء:29).
ربناء عليه: يتبين لنا أن الشرع نهى عن الاسراف والتبذير وحرمهما لأنهما من مساوىء الأخلاق التي تعود على صاحبها وعلى المجتمع والأمة بالكثير من الأضرار، ودعا إلى الوسطية والاعتدال فلا تقتير إلى درجة البخل والشح ولا إسراف وتبذير.