الشيخ وسيم يشرح في ما يلي عن مفهوم الحرية في الإسلام وحدودها.
فيقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً "؟! ولذلك قال أحد العلماء: "الحرية في النظرة الإسلامية ضرورة من الضرورات الإنسانية، وتكليف شرعي واجب وليست مجرد "حق" من الحقوق، يجوز لصاحبه أن يتنازل عنه إن هو أراد"! فالإسلام اعتبر "الرق" بمثابة "الموت"، واعتبر "العتق" إحياء وحياة، حيث جعل عتق الرقبة (إحياءها) كفارة للقتل الخطأ الذي أخرج به القاتل نفساً من إطار الأحياء إلى عداد الموتى، فكان عليه، كفارة عن ذلك، أن يعيد الحياة إلى الرقيق بالعتق والتحرير، قال تعالى:{ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة}[النساء:92] ويقول الإمام النسفي رحمه الله تعالى في تفسيره: " فإنه – أي القاتل- لما أخرج نفساً مؤمنة من جملة الأحياء، لزمه أن يدخل نفساً مثلها في جملة الأحرار، لأن إطلاقها من قيد الرق كإحيائها، من قبل أن الرقيق ملحق بالأموات. ..".(انظر مدارج التنزيل وحقائق التأويل).
للمزيد: الشيخ وسيم يشرح عن حكم الوشم في الاسلام
والدين الاسلامي لا يجبر أحدا على اعتناقه، قال تعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)[البقرة:256]، والانسان يحاسب يوم القيامة على اختياره، فالكافر هو الذي اختار الكفر وسلك طريقه، قال تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[يونس:99]، فالناس لهم الحرية والخيار، ويحاسبون يوم القيامة على اختيارهم، فالله عز وجل لا يرضى لعباده الكفر ولكن لا يجبرهم على الايمان، قال تعالى: (قال يا قوم أرئيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) [هود:28].
وعظمة الاسلام تظهر في أهمية شهادة التوحيد "لا إله إلا الله" حيث تحرر الإنسان من كل الطواغيت والأغيار الذين يسلبون حرية الانسان ويطلبون منه التبعية العمياء لهم، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخرج الناس من عبودية اللذات والشهوات للحرية في معناها الأعلى والأسمى بأن تكون لله عز وجل، ولذلك قال سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حينما وقف أمام النجاشي وسألهم عن سبب اضطهاد كفار قريش للمسلمين:
" أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وأباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام".
فالحرية كما قال أحد العلماء: (الحرية هي أن تتعبَّد الخالق باختيارك، وأنْ لا يستعبدك الخلْق في ظاهرك أو باطنك)