تسألين: كيف أنزل الدورة بعد الولادة من دون أن أتأثر أو يتأثر طفلي الرضيع؟ بعد الولادة، يتغير جسمكِ بشكل كبير، وتبدأين مرحلة جديدة تحتاج إلى عناية دقيقة. من بين الأسئلة الشائعة التي تراود الأمهات الجدد: متى تعود الدورة الشهرية؟ وكيف يمكن تحفيز نزولها بطرق آمنة لا تُعيق الرضاعة الطبيعية؟. لا يُعَدّ هذا السؤال مهمًّا من الناحية الصحية، بل يرتبط أيضًا بالراحة النفسية والتنظيم الهرموني بعد الحمل والولادة.
في هذا المقال، نشرح لكِ كيف أنزل الدورة بعد الولادة بطرق طبيعية معتمدة على دراسات موثوقة، ونُقدّم لكِ خطوات فعالة لا تؤثّر سلبًا على الحليب أو على جسمكِ. نتناول الأسباب التي قد تؤخر الدورة، ثم نعرض أبرز الحلول من أعشاب، وتغذية، وحركة، وعوامل نفسية، مدعومة بمراجع علمية موثوقة.
أسباب تأخر الدورة بعد الولادة
بعد الولادة، تتغير الهرمونات بشكل كبير، خاصّةً في حال الرضاعة الطبيعية. إنّ هرمون البرولاكتين، المسؤول عن إنتاج الحليب، يثبّط الإباضة، ممّا يؤخر الدورة الشهرية. بحسب دراسة منشورة في Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism (2009)، يعود الطمث في فترة تتراوح بين 6 و18 شهرًا بعد الولادة لدى المرضعات، بينما قد تعود خلال شهرين أو 3 عند غير المرضعات.
لكن، هناك عوامل أخرى تؤخّر الدورة أيضًا، منها:
- التوتر النفسي.
- سوء التغذية أو نقص الحديد.
- اضطرابات النوم المتكررة.
- الولادة القيصرية أحيانًا، وتأثير التخدير والشفاء البطيء.
لا شكّ أنّ معرفة هذه العوامل ضرورية لتحديد كيف أنزل الدورة بعد الولادة بأمان ومن دون المسّ بالإرضاع.
مفاتيح غذائية لتحفيز الهرمونات
تُعَدّ التغذية الصحية من أقوى الوسائل الطبيعية التي تساعد في تنظيم الهرمونات. لضمان نزول الدورة من دون الإضرار بالرضاعة، ركّزي على العناصر التالية:
- الدهون الصحية: مثل زيت الزيتون، والأفوكادو، والمكسّرات النيئة. تُعزّز إنتاج الإستروجين بطريقة طبيعية.
- الحديد: يوجد في العدس، والسبانخ، واللحوم الحمراء، ويساعد على تعويض النقص الذي قد يكون سببًا في تأخر الدورة.
- فيتامين C: يُحسّن امتصاص الحديد، ويوجد في الفلفل، والليمون، والكيوي.
- البذور: مثل بذور الكتان والشيا، وهي غنيّة بالأوميغا 3 التي تساهم في توازن الهرمونات.
بحسب دراسة في Nutrition Reviews (2020)، تُظهر الأغذية النباتية المتوازنة دورًا إيجابيًّا في إعادة التوازن الهرموني لدى النساء بعد الولادة.
خيارات طبيعيّة آمنة تساعد على نزول الدورة
تُستخدَم العديد من الأعشاب منذ القدم لتحفيز الدورة. ولكن من الضروري اختيار الأنواع التي لا تؤثّر على إدرار الحليب أو على صحة الرضيع. من هذه الأعشاب:
- القرفة: تساعد في تحفيز تقلصات الرحم وتنشيط الدورة، يمكن غليها وشربها مرة يوميًا.
- الزنجبيل: يُنشّط الدورة الدموية ويُحسّن حرارة الجسم، لكن يجب عدم الإفراط.
- الحلبة: تُنظّم الهرمونات وتُفيد في نفس الوقت في زيادة إدرار الحليب.
بحسب دراسة نُشرت في Phytotherapy Research (2016)، تؤدّي القرفة والزنجبيل دور فعّال في تنظيم الدورة الشهرية لدى النساء بعد الولادة، إذا استُخدَمت باعتدال وتحت إشراف طبي.
التمارين والهدوء الداخلي عاملان أساسيان
تؤدّي ممارسة الحركة اليومية المعتدلة دورًا كبيرًا في إعادة الدورة الشهرية. تسرّع ممارسة الرياضة التوازن الهرموني وتُخفّف من التوتّر.
- المشي اليومي: يساعد في تحسين الدورة الدموية وتنظيم هرمونات الجسم.
- اليوغا أو التنفس العميق: يقلّلان من إفراز الكورتيزول، الهرمون المرتبط بالتوتر الذي قد يُبطئ عودة الدورة.
في دراسة صادرة عن BMC Women’s Health (2021)، النساء اللواتي مارسن التمارين اللطيفة بعد الولادة، مثل المشي واليوغا، عادت لديهن الدورة في وقت أسرع، وكنّ أقل عرضة لاضطرابات ما بعد الولادة.
متى أحتاج لمراجعة الطبيب؟ مؤشرات لا يجب تجاهلها
في حال مرّت أكثر من 12 شهرًا بعد الولادة ولم تنزل الدورة رغم الفطام، يُفضّل استشارة طبيب مختص. أيضًا، في حال ظهور:
- نزيف غير منتظم أو شديد فجأة.
- ألم حاد أو مستمر في أسفل البطن.
- عوارض هرمونية غير مبرّرة مثل ظهور حب الشباب أو تساقط الشعر.
يضمن إجراء الفحص المبكر العلاج السريع ويمنع أي مضاعفات ناتجة عن اضطرابات في المبايض أو الغدة الدرقية.
الخلاصة
إذًا، كيف أنزل الدورة بعد الولادة من دون أن أؤثّر على رضاعة طفلي؟. يكمن الجواب في التوازن: توازنكِ الهرموني، وتوازنكِ الغذائي، وتوازنكِ النفسي. لا تحتاجين لتناول أدوية ولا لمكمّلات إلا عند الضرورة وتحت إشراف طبي. كل ما عليكِ هو اتباع نمط حياة صحي، وتناول أطعمة داعمة، واستخدام أعشاب طبيعية بذكاء، والحفاظ على نشاطكِ اليومي. احرصي على الاستماع لجسمكِ، فهو يُخبركِ متى يحتاج إلى دعم، ومتى يطمئن. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سر العناية بالأم بعد الولادة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الصبر والوعي هما الأساس في هذه المرحلة. لا يُعتبَر نزول الدورة هدفًا بحدّ ذاته، بل هو انعكاس لتوازن داخلي يبدأ من حبّكِ لذاتكِ ورغبتكِ في الاهتمام بجسدكِ. لا تتسرّعي، ولا تُرهقي نفسكِ بالبحث عن حلول فورية. الجسد يعلم، فقط أعطيه الوقت، والطاقة الصحيحة، وسيُعيد لكِ توازنكِ الجميل.
