تشعرين يومًا بعد يوم بأنّكِ متعبة من دون وجود سبب واضح؟ إرهاقك ما له تفسير؟ تنهضين من نومكِ وكأنكِ لم تنامي، تتراجع قدرتكِ على التركيز، وتفقدين طاقتكِ حتى في اداء أبسط المهام. لا يرتبط هذا الشعور دائمًا بقلة النوم أو الإجهاد، بل قد يكون إشارة صامتة إلى وجود خلل داخلي يمرّ بدون أن تلاحظيه. يجهلن كثير من النساء الأسباب الحقيقية للشعور بهذا التعب، فيربطنه بشعور الإرهاق العادي أو التوتر، بينما يكون في أحيان كثيرة نتيجة لمشكلة صحيّة دقيقة لم تُشخّص بعد.
لهذا السبب، نكشف لكِ في هذا المقال عن ستة أسباب خفيّة قد تكون وراء شعوركِ بالتعب المستمر، وكلها مدعومة بأحدث الأبحاث الطبية، ونسلّط الضوء على عوامل غذائية، وهرمونية، وأيضية قد تفسّر هذا الإرهاق، ونقدّم نصائح علمية وعملية تساعدكِ على تحديد المشكلة والتصرّف حيالها.
نقص فيتامين B12: العدو الصامت لطاقتكِ
ينتج نقص فيتامين B12 غالبًا عن سوء امتصاص غذائي أو اتباع نظام نباتي صارم. تظهر دراسات منشورة في Journal of Hematology & Oncology أن انخفاض نسبة فيتامين B12 يرتبط مباشرة بانخفاض مستوى الطاقة، وشعور مزمن بالتعب، واضطرابات في درجة التركيز.
يُعتبر هذا الفيتامين ضروري لتكوين كريات الدم الحمراء، وعند نقصه، تقلّ نسبة الأوكسجين الذي يصل إلى الأنسجة. تُشير دراسة أخرى من National Institutes of Health إلى أن النساء بعد عمر الثلاثين أكثر عرضة لنقص هذا الفيتامين بسبب العوامل الهرمونية والتغذوية.
خمول الغدة الدرقية: إرهاق ناتج عن بطء داخلي
تُظهر دراسة نُشرت في The Lancet Diabetes & Endocrinology أن قصور الغدة الدرقية يُصيب واحدة من كل ثماني نساء، ويسبّب إرهاقًا مزمنًا، واكتئابًا خفيفًا، وزيادة بسيطة في الوزن.
تتحكم الغدة الدرقية بمعدلات الأيض، وحين ينخفض مستوى هرموناتها، يتباطأ الجسم ويشعر بالإرهاق حتى مع الحصول على راحة كافية. يتم التشخيص عبر فحص هرمون TSH وT4، ويكون العلاج فعّالًا من خلال تناول هرمونات بديلة بوصفة طبيب.
ضعف الهيموغلوبين يضعفكِ
أشارت دراسة نُشرت في American Journal of Clinical Nutrition أن فقر الدم الناجم عن نقص مستوى الحديد هو السبب الأول للشعور بالإرهاق عند النساء، خاصة في فترة سن الخصوبة. يتسبب في شعور بالدوخة، وتسارع دقات القلب، وانخفاض مستوى التركيز.
تشير الأبحاث إلى أن النظام الغذائي الفقير بالحديد، والدورات الشهرية الغزيرة، والحمل، كلها عوامل تزيد خطر الإصابة بفقر الدم. يكشف تحليل الدم الشامل عن هذه الحالة، والعلاج يكون من خلال مكملات الحديد أو تحسين التغذية.
ساعات نوم كافية لكنها بلا جودة
أثبتت دراسة من Sleep Health Journal أن 25% من النساء تعاني من اضطرابات نوم من دون أن تدرك ذلك، مثل انقطاع النفس أثناء النوم أو متلازمة الساقين القلقة. تؤدي هذه الاضطرابات إلى تقطّع النوم ومنع الدخول في مرحلة النوم العميق، مما يسبب تعبًا مزمنًا.
توصي الدراسة بإجراء دراسة نوم في حال وجود أعراض مثل الشخير أو الاستيقاظ المفاجئ أو الشعور بالنعاس النهاري. قد يشمل العلاج تغييرات في نمط الحياة أو استخدام أجهزة تساعد على تنظيم التنفس الليلي.
التوتر المزمن
أكدت دراسة نُشرت في Psychoneuroendocrinology أن شعور التوتر النفسي المزمن يرفع مستويات الكورتيزول بشكل دائم، مما يؤدي إلى شعور بإرهاق شديد، وضعف مناعة، واضطراب في النوم.
لا يؤثر شعور التوتر فقط على صحتكِ النفسية بل يرهق جسمكِ تدريجيًا. تساعد ممارسة تقنيات التأمل، والرياضة، والعلاج النفسي السلوكي (CBT) في تخفيض مستويات التوتر وتحسين مستويات الطاقة اليومية.
مقاومة الإنسولين واضطراب استجابة الجسم للطاقة
أظهرت دراسة من Diabetes Care أن مقاومة الإنسولين شائعة بين النساء بعد سن الثلاثين، خصوصًا اللواتي لديهن وزن زائد أو تاريخ عائلي لمرض السكري. تؤدي هذه الحالة إلى شعور بتعب شديد بعد تناول الوجبات، وتقلب في المزاج، ورغبة شديدة في تناول السكر.
تبقى مستويات السكر في الدم مرتفعة، عند اضطراب استجابة الجسم للإنسولين، ويمنع ذلك الخلايا من الحصول على طاقتها. يساعد اتباع نظام غذائي غني بالألياف، وممارسة الرياضة المنتظمة، والنوم الكافي في تقليل مقاومة الإنسولين وتحسين النشاط اليومي.
خاتمة
لا تعتبري شعوركِ بالتعب الدائم أمرًا عابرًا. حين تسألين نفسكِ: إرهاقك ما له تفسير؟ فاعلمي أن الجواب قد يكمن في تغيير تفاصيل دقيقة داخل جسدكِ. قد يؤدي تجاهل هذا الشعور إلى تفاقم الحالة، ويمنعكِ من عيش حياتكِ بالطاقة التي تستحقينها. لا تظهر الأسباب التي عرضناها دائمًا بوضوح، لكنها تؤثّر بعمق في توازن الجسم وصحة المرأة، خصوصًا إذا تراكمت بدون خضوع للعلاج.
لهذا، لا تتردّدي في إجراء فحوصات شاملة عند استمرار الشعور بالتعب، ولا تهملي الإشارات التي يرسلها جسدكِ. تابعي تحسين غذاءكِ، ونظّمي أوقات نومكِ، وراقبي مستوى الشعور بالتوتر في حياتكِ. حين تعتنين بنفسكِ من الداخل، ينعكس ذلك على نشاطكِ الخارجي، وتستعيدين طاقتكِ وثقتكِ خطوة بخطوة. أخيرًا سبق وكشفنا لكِ عن دلالة نزول كتل دم مع الدورة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة أرى أن شعور التعب غير المبرر لا يجب التعامل معه كأمر عابر أو طبيعي. يكون أحيانًا إنذارًا داخليًا ينبهنا لوجود خلل صحي مهم. لهذا السبب، أنصحكِ كمرأة بألا تتجاهلي إرهاقكِ، بل راقبيه وافهميه وتحرّكي نحوه علميًا. الإرهاق ليس ضعفًا، بل رسالة من جسدكِ تطلب منكِ الاهتمام، فاستمعي لها قبل أن تتفاقم.
