تُعَدّ نوبات غضب طفل التوحد من أهمّ التحدّيات التي تواجه الآباء والأمّهات في تربيتهم لطفلهم المصاب بالتوحّد. وهي غالبًا ما تكون شديدة ومفاجئة، ممّا يترك الآباء في حال من الحيرة حول كيفيّة تهدئة طفلهم بطريقةٍ فعّالة وآمنة. تحدث هذه النوبات نتيجة لمجموعة من العوامل التي تختلف من طفل لآخر، ويمكن أن تتراوح شدتها حسب الظروف المحيطة بالطفل،وغالبًا ما يعبر الطفل عن غضبه من خلالها.
في هذا المقال، سنقدّم لكِ دليلًا شاملًا حول كيفيّة التعامل مع نوبات غضب طفل التوّحد، مع تسليط الضوء على أهميّة فهم طبيعة هذه النوبات وأسبابها. سنتناول أيضًا استراتيجيات فعّالة لمساعدة طفلكِ في تخطي نوباته بسلام، مستندين إلى دراسات علميّة موثوقة وتجارب من واقع الحياة.
هل الطفل المصاب بالتوحد يكون عصبيًا؟
كيف يمكن التعامل مع نوبات غضب طفل التوحد وهل جميع الأطفال الذين تمّ تشخيصهم بهذا الاضطراب يكونون عصبيّين؟ سنعرض لكِ الإجابة الدقيقة في ما يلي:
في الحقيقة، قد تبدو العصبيّة والغضب من السمات التي تميّز الأطفال المصابين بالتوحّد، ولكن يجب فهم أنّها ليست جزءًا من طبيعة الطفل بحدّ ذاتها، بل هي ردّ فعلٍ طبيعيّ على الظروف المحيطة. فالأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب يواجهون صعوبة في تفسير العالم الخارجي والتعامل مع المؤثّرات البيئيّة التي يتعرّضون لها يوميًا.
توضح الأبحاث العلميّة أنّ الأطفال المصابين بالتوحّد يواجهون تحدّياتٍ في التعامل مع المواقف الاجتماعيّة وفهم الإشارات اللفظيّة وغير اللفظيّة، وهذا يؤدّي إلى معاناتهم من الشعور بالتوتّر والقلق في كثير من الأحيان. يصعب عليهم أيضًا التعامل مع المحفزات الحسيّة الزائدة مثل الأصوات العالية أو الأضواء الساطعة، ممّا يؤدّي إلى ظهور سلوكيّات عصبيّة مثل نوبات الغضب.
ما هي نوبات التوحد؟
ما هي نوبات غضب طفل التوحد ؟ تختلف نوبات التوحّد كثيرًا عن نوبات الغضب التي قد يمرّ بها الأطفال الآخرون. ففي حال نوبات غضب طفل التوحد، يكون عادةً غارقًا في مشاعر قويّة يعجز عن التعبير عنها بطرق تقليدية، وهذا يدفعه للانفجار في موجة من الغضب.
من المهمّ أن تدركي أن هذه النوبات لا تعني بالضرورة سوء سلوك الطفل، بل هي وسيلة للتعبير عن مشاعر الحيرة أو الانزعاج التي لا يستطيع توضيحها.
قد تكون نوبات الغضب التي تُصيب طفلكِ نتيجة لمجموعة من العوامل، مثل التغيّرات المفاجئة في الروتين اليومي أو الصعوبات في التواصل مع الآخرين. في بعض الأحيان، قد يكون الطفل مصابًا بالإرهاق الحسي بسبب العيش وسط بيئة محيطة مليئة بالضوضاء أو الحشود، ممّا يؤدّي إلى عدم قدرته على التكيّف مع الوضع. بالإضافة إلى ذلك، يجد العديد من الأطفال المصابين بالتوحّد صعوبة في التكيف مع التغيرات المفاجئة، ممّا يؤدي إلى الشعور بالإحباط.
كيف أتعامل مع نوبات غضب طفل التوحد؟
كيف يجب التعامل مع نوبات غضب طفل التوحد ؟ عندما يتعرّض الطفل لنوبة غضب، ينبغي التعامل معها بصبرٍ وفهم. المفتاح هنا هو القدرة على تحديد مسبّبات النوبة والتعامل معها بشكلٍ استباقي. إليك بعض النصائح حول كيفيّة التعامل مع نوبات الغضب بطريقةٍ فعّالة:
- فهم الموقف: قبل أيّ شيء، عليكِ فهم السبب الذي دفع الطفل للدخول في هذه النوبة. هل كان هناك تغيير مفاجئ في الروتين؟ هل يعاني الطفل من التحفيز الزائد نتيجة بيئة مليئة بالضوضاء أو الإضاءة القويّة؟ فمعرفة السبب يمكن أن يساعدكِ في منع النوبة من الحدوث في المستقبل.
- البقاء هادئة: خلال نوبة الغضب، من المهم أن تحافظي على هدوئكِ. فالطفل يعتمد على إشاراتكِ العاطفية، إذًا إذا كنتِ هادئة، قد يساعد ذلك في تهدئته أيضًا. والتفاعل بهدوء قد يُظهر له أنكِ موجودة لدعمه وليس لمعارضته.
- إعادة توجيه الانتباه: إنّ محاولة تحويل انتباه الطفل من السبب المزعج إلى شيء آخر محبب له يمكن أن تكون حلًّا فعّالًا. سواء كان ذلك لعبة معيّنة يحبها أو نشاطًا يفّضله، فإنّ تحويل تركيزه يمكن أن يخفّف من حدّة النوبة.
- استخدام التواصل البصري البسيط: قد يجد الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في فهم العبارات المعقّدة أثناء النوبة. لذا، من الأفضل استخدام جمل قصيرة وبسيطة مثل “أنا هنا” أو “أنت بخير” لطمأنته.
- تقنيات الاسترخاء: إنّ تعلّم تقنيات التنفس العميق أو تمارين الاسترخاء يمكن أن يساعد في تهدئة الطفل. وهذا يتطلّب تدريبه مسبقًا على هذه التقنيّات حتى يكون مستعدًا لاستخدامها عندما يشعر بالضيق.
أثبتت الدراسات أنّ استخدام استراتيجيّات تعديل السلوك وتقنيّات الاتصال غير اللفظيّة قد تكون فعّالة جدًا في تقليل نوبات الغضب. على سبيل المثال، يمكن استخدام الصور أو أنظمة التواصل البديلة لمساعدة الطفل على التعبير عن مشاعره واحتياجاته من دون اللجوء إلى النوبات.
تُعَدّ مواجهة نوبات غضب طفل التوحد جزءًا من التحدّيات التي تواجهينها كأم، ولكنّها أيضًا فرصة لفهمه بشكلٍ أفضل وتقديم الدعم الذي يحتاجه. المفتاح للتعامل مع هذه النوبات هو الصبر والهدوء وتوفير بيئة آمنة ومريحة للطفل. والتعلّم من هذه التجارب يساعد في تطوير استراتيجيات فعّالة لمنع حدوث النوبات أو تقليل حدّتها. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفسيرات تعلّق طفل التوحّد بالمرايا وأمور أخرى.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتقد أنّ التعامل مع نوبات غضب طفل التوحّد يتطلّب تفهمًا عميقًا لاحتياجات الطفل واستعدادًا لتقديم الدعم المناسب في الوقت المناسب. الصبر والتواصل الفعّال هما الأساس للتعامل مع هذه التحدّيات، ويجب على الأهل تقديم بيئة آمنة مليئة بالحب والدعم لطفلهم حتى يشعر بالأمان والاستقرار.