يعتبر التعرّف على علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور من المواضيع التي تشغل بال الكثير من الآباء والأمهات، نظرًا لأهمية اكتشافها في مرحلة مبكرة من حياة الطفل، فالتوحّد هو اضطراب نمائي يؤثّر على التطوّر العصبي والاجتماعي، ومعرفة العلامات المبكرة يمكن أن تسهم في التدخل المبكر وتحسين جودة حياة الطفل، وحمايته من مواجهة أحد الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال.
سنتناول في هذا المقال بشكل مفصّل علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور، ونستعرض العوارض الشائعة، والأسباب المحتملة التي تؤدّي إلى إصابة الرضَّع بهذا الاضطراب، وأخيرًا سنقدّم بعض النصائح والتوجيهات الموصى بها للتعامل مع مضاعفاته.
عوارض إصابة الرضيع بهذا الاضطراب
تتعدّد علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور وتختلف بين طفل وآخر باختلاف أسباب الإصابة بهذا الاضطراب والعوامل المؤثّرة به، لذا سنكشف لكِ في ما يلي عن أبرزها، وتشمل:
تأخّر في التواصل البصري
أحد أبرز علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور هو التأخر في التواصل البصري، فالرضّع الذين يعانون من التوحّد قد يظهرون نقصًا واضحًا في التواصل البصري، وقد يفتقرون إلى تتبّع الأشياء بأعينهم أو التفاعل مع الوجوه المألوفة، ممّا يجعل من الصعب عليهم تكوين روابط اجتماعيّة مع المحيطين بهم.
نقص في الابتسامات الاجتماعية
غالبًا ما يعاني الرضّع المصابون بالتوحّد من نقص في التعبير عن الفرح والابتسامات التلقائيّة، التي تُعَدّ وسيلة هامّة لتكوين العلاقات والتفاعل، لذا فإنّ نقصها يمكن أن يكون مؤشّرًا مبكرًا على وجود مشكلة في التطور الاجتماعي لدى الطفل. فبحسب موقع (Cross River Therapy) في مقالة نُشِرَت هذا العام تحت عنوان “Do Babies with Autism Smile?”، قد يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من محدودية الاتصال البصري، أو انخفاض الاهتمام بالمحفزات الاجتماعية، أو صعوبة في فهم تعبيرات الوجه، ويمكن لهذه التحدّيات أن تعطّل التدفّق الطبيعي للتفاعلات الاجتماعيّة وتجعل من الصعب عليهم الانخراط. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
عدم الاستجابة للأصوات
قد يظهر الرضع المصابون بالتوحّد عدم استجابة للأصوات أو للأسماء عند مناداتهم، وهذا السلوك يشير إلى وجود مشاكل في الانتباه والاستجابة الاجتماعية، وقد يكون علامة واضحة على وجود اضطراب في التواصل.
حركات متكرّرة وغير طبيعيّة
قد يظهر على الرضع حركات متكرّرة وغير طبيعيّة مثل الهز أو الخبط باليدين، وهي غالبًا ما تكون غير موجّهة وتفتقر إلى الغرض، ممّا يشير إلى وجود اضطراب في النمط السلوكي للطفل، لذا يجب الانتباه إلى حركات يد الرضيع غير الطبيعية ومعانيها.
صعوبة في تنظيم النوم
يعاني بعض الرضع من صعوبة في تنظيم نمط النوم، وهذا ما يؤثّر على راحة الطفل وسلوكه اليومي، وقد يكون علامة إضافية على وجود التوحد.
الأسباب المحتملة التي تؤدّي إلى إصابة الرضَّع بالتوحّد
بعد الكشف عن أبرز علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور في ما سبق، من الضروريّ التعرّف على العوامل والأسباب التي تؤدّي إلى معاناتهم من هذا الاضطراب، لذا سنكشف لكِ عن أبرزها:
العوامل الجينيّة
تشير الأبحاث إلى أن العوامل الجينيّة تؤدّي دورًا كبيرًا في تطوّر التوحد، حيث يمكن أن يكون هناك مجموعة من الجينات التي تتفاعل مع البيئة وتؤثّر على تطوّر هذا الاضطراب، فالعوامل الوراثية قد تزيد من احتمال إصابة الطفل بالتوحد إذا كان هناك تاريخ عائلي للمعاناة منه.
العوامل البيئية
هناك بعض العوامل البيئية التي قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد، فتعرض الأمّ لمواد كيميائيّة ضارة خلال فترة الحمل، أو الولادة المبكرة يمكن أن تكون عوامل مساهمة في تطوّر هذا الاضطراب، حيث أنّها قد تؤثّر على نمو الجنين وتزيد من احتمالية ظهور علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور .
العوامل البيولوجية
تشمل العوامل البيولوجيّة المعاناة من مشاكل في النموّ العصبي أثناء الحمل أو بعد الولادة، فقد تكون هناك تغييرات في بنية الدماغ أو وظيفته تؤدّي إلى تطوّر التوحد، أمّا الأبحاث الحاليّة فتركّز على فهم هذه العوامل بشكل أفضل لتحديد كيفية تأثيرها على تطور الطفل.
كما أشار موقع (Science Direct.com) في مقالة نُشِرَت هذا العام تحت عنوان “Infant microbes and metabolites point to childhood neurodevelopmental disorders” أنّ المعاناة من اضطرابات النمو العصبي (NDs) تؤدّي إلى تأثيرات عميقة ودائمة على نضوج الجهاز العصبي المركزي، وغالبًا ما تظهر أثناء مرحلة الطفولة، وهي تشمل حالات مثل اضطراب طيف التوحد (ASD)، واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، والإعاقات الذهنية، واضطرابات التواصل. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
النصائح والتوجيهات الموصى بها
بعد أن أطلعناكِ على علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور ، سنقدّم لكِ أهمّ النصائح والتوجيهات التي يمكن اتّباعها للتعامل مع عوارض هذا الاضطراب في ما يلي، وتشمل:
التقييم والتدخّل المبكر
من المهم أن يتمّ تقييم الرضيع من قبل مختصّ نفسي أو طبيب أطفال عند ملاحظة ظهور أيّ من علامات التوحّد عند الرضع ٦ شهور، فالتدخّل المبكر يمكن أن يساعد في تحسين النتائج على المدى الطويل من خلال تقديم العلاجات والدعم المناسب.
الدعم النفسي والاجتماعي
إنّ توفير الدعم النفسي والاجتماعي للأسرة والرضيع يمكن أن يساعد في التعامل مع التحدّيات اليوميّة المرتبطة بالتوحّد، فهذا يساعد الأهل في فهم الاضطراب بشكل أفضل وتقديم الرعاية المثلى للطفل.
العلاجات السلوكيّة
تعتبر العلاجات السلوكيّة من الأدوات الفعّالة في تحسين مهارات التواصل والسلوك لدى الأطفال المصابين بالتوحد، والتي تستند إلى تقنيّات علميّة تهدف إلى تعديل السلوك وتعزيز المهارات الاجتماعيّة.
التعليم المختصّ
إنّ تقديم برامج تعليميّة مختصّة يمكن أن يساعد الرضيع على تطوير مهاراته الاجتماعيّة والمعرفيّة، فالتعليم المبكر يؤدّي دورًا حيويًا في تحسين حال الأطفال المصابين بالتوحد، ويمكن أن يسهم في تعزيز استقلاليّتهم وقدرتهم على التفاعل مع الآخرين.
التواصل المستمرّ مع الأطباء
من الضروريّ الحفاظ على التواصل المستمرّ مع الأطبّاء والمختصّين لضمان متابعة حال الرضيع وتقديم الدعم المناسب، فهذا يتيح للأهل الحصول على أحدث المعلومات والإرشادات حول أفضل السبل لدعم طفلهم.
إن التعرّف المبكر على علامات التوحد عند الرضع ٦ شهور يمكن أن يكون له تأثير كبير على مسار حياة الطفل، فالتدخّل المبكر وتقديم الدعم المناسب يمكن أن يساعد الأطفال المصابين بهذا الاضطراب على تحقيق أقصى إمكاناتهم وعيش حياة أفضل. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفسيرات تعلّق طفل التوحّد بالمرايا وأمور أخرى.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، من المهم أن يكون الوالدان على دراية بالعوارض والعوامل المؤثّرة، وأن يسعيا للحصول على الدعم والتقييم الطبّي في أقرب وقت ممكن، فالعمل على توفير بيئة داعمة ومحفزة يمكن أن يحقق فرقًا كبيرًا في جودة حياة الأطفال المصابين بالتوحّد وأسرهم.