تبدأ رحلة الأمومة بالحلم والرعاية، ولكن سرعان ما تترافق مع مسؤوليات دقيقة، خاصةً عندما تلاحظين تصرّفات غير مألوفة لدى طفلكِ. من المهم أن تتنبّهي إلى التغيّرات السلوكية منذ المراحل الأولى. لأن التدخّل المبكر يحدث فرقًا جذريًا في تطوّر الطفل وتحسين جودة حياته.
لهذا السبب، نقدّم لكِ في هذا المقال دليلًا واضحًا وسلسًا حول علامات التوحد المبكرة التي قد تظهر على طفلكِ. سنتناول العلامات السلوكية، والاجتماعية والحسية التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة. مع تقديم نصائح عملية للخطوات التالية التي يمكنكِ اتخاذها.
مشاكل في التواصل: هل يتجاهل طفلكِ مناداتكِ له؟
عندما تلاحظين أن طفلكِ لا يلتفت لاسمه رغم تكرار مناداته، لا تتجاهلي الأمر. هذه من أولى العلامات التي قد تشير إلى اضطراب في التواصل، ويُعدّ ذلك سمة بارزة من سمات التوحد. إذ إن الأطفال المصابين بالتوحد غالبًا لا يستجيبون للأصوات الاجتماعية مثل أسماءهم أو الكلمات البسيطة.

اللعب الانفرادي: هل يحب اللعب وحده دائمًا؟
إذا فضّل طفلكِ الانشغال بالألعاب وحده من دون محاولة مشاركة الآخرين، فقد يشير ذلك إلى ميل للانعزال الاجتماعي. يبحث الطفل الطبيعي عن التفاعل واللعب مع أقرانه أو معكِ. لكن، في حالات التوحد، يميل الطفل إلى اللعب المتكرر بالأشياء بطريقة غير اعتيادية، كترتيب المكعبات فقط، من دون تواصل بصري أو لفظي.
فرط الحساسية للأصوات واللمس: لماذا ينزعج طفلكِ بسرعة؟
هل يبكي طفلكِ عند سماع صوت مكنسة كهربائية؟ أو يرفض ارتداء ملابس جديدة؟ هذه العلامات تُظهر حساسية مفرطة للمؤثرات الحسية، وهي شائعة لدى الأطفال المصابين بالتوحد. كذلك، قد يرفض طفلكِ الأحضان أو لمساتكِ الحنونة، ليس لأنه لا يحبكِ. بل لأن جهازه العصبي يفسّر اللمس بطريقة مختلفة.
التأخر في الكلام: هل لا يزال طفلكِ لا يتكلّم بوضوح؟
من أبرز المؤشرات التي يجب أن تراقبيها هي تأخر النطق أو عدم تطوّر الكلام مقارنةً بأقرانه. إذا بلغ طفلكِ سنتين ولم يبدأ في تكوين جمل بسيطة، فربما تحتاجين إلى استشارة مختصّ نطق وتخاطب. يرتبط التوحد في كثير من الحالات بضعف في اللغة التعبيرية والاستيعابية.
سلوكيات غير معتادة: هل يمشي طفلكِ على رؤوس أصابعه؟
عندما تلاحظين أن طفلكِ يمشي على رؤوس أصابعه باستمرار، أو يقوم بحركات متكررة مثل رفرفة اليدين، أو يهتز إلى الأمام والخلف، فهذه إشارات واضحة إلى سلوكيات نمطية. هذه التصرفات تُعتبر وسائل تهدئة ذاتية يستخدمها الطفل لمواجهة التوتر.
تجنّب النظر في العينين: هل يهرب من نظرتكِ؟
يُعدّ تجنّب التواصل البصري من أكثر العلامات وضوحًا. عندما لا ينظر طفلكِ في عينيكِ أثناء الحديث أو اللعب، فهذه علامة على صعوبة التواصل الاجتماعي، وتحتاج إلى انتباهكِ الفوري. كذلك، قد تلاحظين غياب الإيماءات الطبيعية كالإشارة بالأصبع أو الابتسامة الاجتماعية.
نوبات الغضب أو “الهستيريا”: هل لا يستطيع السيطرة على مشاعره؟
نوبات الغضب الشديدة وغير المبررة، خصوصًا في أماكن جديدة أو عند تغيير الروتين، تُعدّ من سمات التوحد. إذ يشعر الطفل بضغط عصبي كبير بسبب التغيّرات أو الإزعاجات الحسية، ولا يستطيع التعبير عنه بالكلام. فيلجأ إلى البكاء أو الصراخ.
تجاهل الخطر: هل لا يخاف طفلكِ من الأماكن الخطرة؟
قد ترين طفلكِ يركض باتجاه الشارع أو يلمس شيئًا ساخنًا من دون تردّد، مما يعرّضه لخطر حقيقي. هذه التصرفات تُظهر غياب الشعور بالخطر، وهو سلوك شائع لدى الأطفال المصابين بالتوحد. لذلك، من الضروري مراقبة الطفل دائمًا في الأماكن العامة.
لا يعني تشخيص التوحد نهاية الطريق، بل هو بداية لفهم احتياجات طفلكِ الحقيقية. لا تتردّدي في استشارة مختصّين عند ملاحظتكِ لأي من هذه العلامات. التقييم المبكر والتدخّل السريع يفتحان أمام طفلكِ فرصًا حقيقية للنمو والتطوّر. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ مجموعة من الالعاب المناسبة لأطفال التوحد.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ وعيكِ كأم يشكّل حجر الأساس في رحلة طفلكِ نحو الأفضل. كلّما رصدتِ العلامات مبكرًا، كلّما استطعتِ أن تقدّمي له الدعم المناسب، وتؤسّسي لمستقبل أكثر إشراقًا. لذا، ثقي بملاحظاتكِ، وتصرّفي عندما تشعرين أن هناك شيئًا غير طبيعي، فحدسكِ الأمومي لا يخطئ.