تُعد تربية الأطفال من أصعب المهام وتكون نتائجها غير متوقعة. غالبًا ما يتساءل الأهل حول مدى فعالية أسلوبهم بتربية أطفالهم وما إذا كانوا يقومون بالأمر بالطريقة "الصحيحة". دعوني أطمئنكم قليلًا وأؤكد لكم أن ما من طريقة "صحيحة" واحدة لتربية أطفالكم لكن يمكنكم اعتماد المقاربة المُثلى في تربيتهم لتحصلوا على نتيجة ترضيكم. أظهرت الدراسات حول تربية الأطفال أهمية مزج أبعاد مختلفة من أنماط التربية الأبوية مثل: الدفء والرعاية والحزم (أي فرض القواعد الواضحة والمتّسقة) ومستويات التوقعات (متطلبات النضوج) وأنماط التواصل بين الأهل والأطفال. إن دمج هذه الميزات يولّد 4 أنماط تربية معروفة يعتمدها الأهل في تربية أطفالهم.
5طرق للتربية الجنسية للأطفال
• الأسلوب المتساهل (Permissive Style): يتّسم هذا النمط بقدر كبير من الدفء والرعاية وبشبه غياب القوانين والنظم والمراقبة والمتابعة والإشراف. كما يفتقر إلى تطبيق القرارات فهذا النمط ينقصه الحزم في التعامل والتوجيه. غالبًا ما لا يحقق الأطفال الذين يتم تربيتهم بحسب الأسلوب المتساهل نتائج باهرة في المدرسة. كما يكونون بالإجمال عدائيين ولا يتحملون المسؤولية ولا يميلون إلى الاستقلالية. بالإضافة إلى ذلك تتسم تصرفاتهم مع الأشخاص الآخرين ومن بينهم أصدقاؤهم بعدم النضج.
• الأسلوب المتسلط (Authoritarian Style): يتّسم هذا النمط بقدر كبير من المراقبة والنضوج ولكنه يكاد يخلو من العاطفة والتواصل. فتكون مطالب الأهل كثيرة ويسيطرون بالكامل على مجرى حياة أولادهم. كما يعتمدون مبدأ " أنا أدرى بمصلحتك" في تربية أطفالهم. فغالبًا ما يتجاهلون أفكار أولادهم ولا يصغون إلى ما يحبون فعله ويلقون على عاتقهم توقعات كبيرة. وفي معظم الأحيان لا يحقق الأطفال الذين يتم تربيتهم بحسب الأسلوب المتسلط نتائج باهرة في المدرسة. كما لا يتمتعون بالمهارات الاجتماعية وبالثقة الكافية ويكونون غير قادرين على السيطرة على مجرى حياتهم.
• الأسلوب المرشد (Authoritative style) : يتسم هذا النمط بقدر كبير من النضوج والحب والمراقبة والتواصل. فالأهل الذين يعتمدون هذا النمط يسيطرون على زمام الأمور بطريقة متوازنة ومقبولة وفي الوقت عينه يشعرون الطفل بالعاطفة ويعاقبونه عند الحاجة ويفرضون حسن السلوك ويستجيبون لحاجاته. وبالإجمال يتمخّض عن هذا الأسلوب أكثر النتائج إيجابية. إذ يتمتع الأطفال بثقة كبيرة بالنفس ويكون أداؤهم متميزًا في المدرسة وغالبًا ما يكونون اجتماعيين وأقل عرضة للإدمان على المخدرات والكحول خلال سن المراهقة. كما يميلون إلى الاستقلالية ويتمتعون بثقة عارمة بالنفس ويستجيبون إلى مطالب أهلهم.
• الأسلوب المتجاهل (Neglecting Style): يُعتبر هذا الأسلوب من أسوأ أساليب التربية الأبوية الذي يؤدي إلى نتائج سلبية. في هذه الحالة غالبًا ما يعاني الأهل من مشاكل نفسية ولا يتمتعون بالقدرة أو الرغبة للاهتمام بأطفالهم. ففي معظم الأحيان تكون الأم مصابة بالاكتئاب أو أنانية أو مدمنة على الكحول في حين يكون الأب غائبًا أو غير قادر على تسلم زمام الأمور. كما قد لا يشعر الوالدان بأي مشاعر عميقة تجاه الطفل بسبب المشاكل التي يعانيان منها والتي لا تسمح لهما بتخصيص أي مساحة للآخرين في حياتهما. غالبًا ما تكون علاقة الأطفال الذين تربوا على الأسلوب المتجاهل مع الأشخاص الآخرين متوترة. ومع تقدمهم بالسن، يصبحون أكثر تسرّعًا وعدائية وعدوانية كما لا يحرزون إنجازات مهمة في حياتهم مما يجعلهم أكثر عرضة لارتكاب الجنح والتورط بالعلاقات الجنسية والإدمان خلال سنوات المراهقة.
في النهاية لا ينبغي لوم الطفل على سلوكه السيء إن لم يكن ناجمًا عن حالة طبية أو نفسية لا يمكن السيطرة عليها، بل يجب تسليط الضوء على الأهل والمقاربة التي يعتمدونها في تربيته. فإذا وصلت عدائية طفلكم وتمرده إلى مستويات تتخطى المعقول فذلك يعني أن هناك خللاً في أساليب التواصل التي تعتمدونها وعلاقتكم به وبالتالي حان الوقت لتفكروا باعتماد مقاربة مختلفة. فلا تكتفوا بالتحدث مع أطفالكم، إذ من الأهمية بمكان أن تستمعوا إليهم أيضًا.
أي أسلوب من هذه الأساليب الأربعة تعتمدون؟ هل النتائج التي تحصلون عليها تحاكي توقعاتكم؟ إذا لم تكن كذلك… فعليكم انتهاج مقاربة مختلفة.