هل فكرتِ يومًا في التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب خلال الحمل خوفًا من تأثيرها على الجنين في الرحم؟ هذا القلق طبيعي، لكن اتخاذ قرار مفاجئ بوقف العلاج قد يعرضكِ أنتِ وطفلكِ لمخاطر أكبر من تلك التي تخشينها. للأسف، العديد من النساء يواجهن هذا الموقف من دون معرفة العواقب، ويجدنَ أنفسهنَّ يكافحنَ مع تدهور الصحة النفسية بعد أسابيع قليلة من التوقف.
تُظهِر الدراسات الحديثة أن التوقف المفاجئ عن تناول مضادات الاكتئاب لا يؤدي فقط إلى انتكاسة الاكتئاب، بل قد يرفع من احتمالية حدوث مضاعفات بعد الولادة. إذا كنتِ تواجهين هذا التحدي، فإنّ فهم الحقائق سيساعدكِ على اتخاذ القرار الأنسب للحفاظ على صحّتكِ وصحّة طفلكِ.
لماذا يعد التوقف المفاجئ خطرًا؟
عندما تقررين التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب من دون استشارة طبية، يبدأ جسمكِ في مواجهة تغيرات كيميائية سريعة. هذا التغيير لا يؤثر فقط على حالكِ المزاجية، بل قد يؤدّي إلى مواجهة عوارض انسحابية مثل الأرق، والتقلبات المزاجية، والقلق المفرط. والأهم من ذلك، فإن الاكتئاب غير المعالج يزيد من خطر الولادة المبكرة وانخفاض وزن الجنين عند الولادة.

في الواقع، أظهرت دراسة حديثة أن 48.8% من النساء يتوقفن عن تناول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل، لكن الكثيرات منهن يعدن إلى تناول العلاج بجرعات أعلى بعد شعورهن بعدم القدرة على مواجهة الحياة اليومية. هذا يدل على أن العلاج لم يكن هو المشكلة، بل كان التوقف المفاجئ عنه.
ماذا عن تأثير الدواء على الجنين؟
قد تسمعين كثيرًا أنّ تناول مضادات الاكتئاب يسبّب تشوهات خلقية، لكن الأبحاث الحديثة تكشف حقيقة مختلفة. لم تجد الدراسات أي زيادة ملحوظة في خطر التشوهات عند استخدام مضادات الاكتئاب الشائعة، مثل سيرترالين وإسيتالوبرام، بجرعات معتدلة. في الواقع، عندما قارن الباحثون بين النساء المصابات بالاكتئاب اللواتي تناولن الدواء وأولئك اللواتي لم يتلقين علاجًا، لم تظهر اختلافات كبيرة في صحة الأطفال.
أما بالنسبة لمخاوف اضطرابات التكيف بعد الولادة، فهي عادةً ما تكون طفيفة، مثل الارتعاش الخفيف أو صعوبة التغذية، وتختفي بسرعة من دون الحاجة إلى تدخل طبي كبير. الأهم هو أن تكون ولادتكِ في مستشفى يوفر رعاية للأطفال حديثي الولادة. ممّا يضمن مراقبة طفلكِ عن قرب إذا دعت الحاجة.
كيف تتخذين القرار الأفضل؟
إذا كنتِ تتناولين مضادات الاكتئاب وتفكرين في الحمل أو أنكِ حامل بالفعل، فلا تدعي الخوف يدفعكِ إلى قرارات قد تضر بصحتكِ. بدلًا من التوقّف المفاجئ، تحدثي مع طبيبكِ حول خياراتكِ. قد يكون الحلّ في تقليل الجرعة تدريجيًا أو استبدال الدواء بنوع أكثر أمانًا.
تذكّري أنّ صحتكِ النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة لكِ ولطفلكِ. الحمل بحد ذاته فترة مليئة بالتغيرات الجسدية والعاطفية، وأنتِ بحاجة إلى دعم نفسي مستمرّ لتجاوز هذه المرحلة بسلام. حافظي على توازنكِ، واتخذي قراراتكِ بناءً على حقائق طبية، وليس مخاوف غير مؤكدة.
لا تجعلي القلق يدفعكِ لاتخاذ قرارات قد تؤذيكِ أكثر ممّا تحميكِ. مضادات الاكتئاب ليست دائمًا العدو الذي يهدّد صحّة طفلكِ، بل قد تكون درعكِ ضدّ المعاناة من الاكتئاب الذي قد يعرضكِ أنتِ وطفلكِ لمخاطر أكبر. استشيري طبيبكِ، واعملي معه على خطة علاجية تضمن لكِ توازنكِ النفسي وصحة جنينكِ. فالأم السعيدة والمتزنة تمنح طفلها أفضل بداية في الحياة! ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أدوية ممنوعة أثناء الحمل.