يُثير استعمال المره للحامل جدلًا واسعًا بين الطب الشعبي والطب الحديث. إذ تلجأ بعض النساء لاستخدامها ظنًا بأنها تعزّز المناعة أو تطهّر الجسم. في حين تحذّر دراسات طبية من مضاعفاتها أثناء الحمل. تُعدّ المرة، وهي صمغ يُستخرج من شجرة “الكوميفورا”، من أكثر المواد الطبيعية استخدامًا في المنطقة العربية، وتُعرف بخصائصها المضادة للبكتيريا والالتهابات. لكن هل تصلح هذه الخصائص للاستخدام في فترة دقيقة مثل الحمل؟ وهل تختلف تأثيراتها بحسب مراحل وأسابيع الحمل؟
في هذا المقال، سنشرح لكِ بالتفصيل ما إذا كان من الآمن تناول المرة خلال الحمل، ونُناقش تأثيرها المباشر على الرحم. كما سنستعرض أضرار شرب منقوعها، مستندين إلى مصادر علمية موثوقة وتحليل منطقي بعيد عن التهويل.
هل يمكنني تناول المر أثناء الحمل؟
قبل أن تُفكّري في إضافة أي عشبة أو مكمّل طبيعي إلى نظامكِ الغذائي أثناء الحمل، عليكِ أن تطرحي هذا السؤال. كثيرات يلجأن إلى المره للحامل بهدف تقوية المناعة أو علاج بعض الالتهابات. لكن الطب الحديث لم يثبت بعد سلامة استخدامها خلال هذه المرحلة.

تشير دراسة منشورة في مجلة Phytomedicine عام 2020 إلى أن المرة تحتوي مركبات نشطة مثل الـfuranosesquiterpenes التي تتمتع بخصائص مضادة للبكتيريا ومضادة للأكسدة. ورغم هذه الفوائد، لم تُثبت التجارب السريرية سلامة هذه المركبات على النساء الحوامل. خصوصًا من حيث التأثير على تطوّر الجنين في الرحم.
لهذا السبب، تحذّر الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) من استخدام أي عشبة لم تُدرَس بشكل كافٍ على النساء الحوامل، بما في ذلك المرة. ومع غياب الدليل القاطع على أمانها، يُفضّل تجنّبها خلال الحمل، حتى إشعار طبي موثوق.
هل المر يؤثر على الرحم؟
من أخطر المواضيع المرتبطة باستخدام المره للحامل هو علاقتها المباشرة بالرحم. يعتقد البعض أنّ المرة قد تُسهّل الولادة، بينما تحذّر دراسات طبية من أنّها قد تُحفّز انقباضات الرحم قبل أوانها. مما يعرّض المرأة إلى خطر الولادة المبكرة أو حتى الإجهاض.

دراسة أجريت عام 2015 في Journal of Ethnopharmacology أثبتت أن مستخلص المرة يُحفّز تقلّص العضلات الملساء، ومنها عضلات الرحم. هذه النتيجة تُفسّر استخدام المرة قديمًا لتحفيز الطلق أو تسهيل الطمث. لكنها في الحمل تُعدّ خطرة للغاية، خاصّة في الشهور الثلاثة الأولى.
كما أفادت دراسة أخرى نُشرت عام 2021 في BMC Complementary Medicine and Therapies أن تحفيز الرحم خلال الحمل باستخدام مركّبات نباتية يمكن أن يغيّر من توازن الهرمونات ويزيد من احتمالية النزيف أو فقدان الحمل. بناءً على ذلك، لا يُنصح بأي شكل من الأشكال بتناول المرة من دون إشراف طبي مباشر.
ما هي أضرار شرب منقوع المرة؟
ما هي أضرار المره للحامل ؟ تعتقد بعض النساء أن شرب منقوع المرة يُساعد في تطهير الجسم من السموم أو في علاج التهابات الفم والمعدة. لكن الدراسات العلمية تُحذّر من آثارها الجانبية، خاصّة عند تناولها بكميات غير محسوبة أو لفترات طويلة خلال الحمل.

من أبرز الأضرار المحتملة:
- انقباض الرحم: يُحفّز منقوع المرة الرحم بطريقة غير مباشرة، ويُعزز التقلّصات العشوائية. ممّا قد يُسبّب الإجهاض أو الولادة المبكرة، خصوصًا إذا استُخدم في الشهور الأولى من الحمل.
- تسمم الكبد: تحتوي المرة على مواد مثل الـCurzerene. وهي سامة للكبد في حال تراكمها، وقد تتفاقم آثارها في جسم الحامل نظرًا لحساسية الكبد خلال الحمل.
- التداخل مع الأدوية: أوضحت دراسة نُشرت في Frontiers in Pharmacology عام 2022 أن المرة قد تتفاعل مع بعض أدوية الحمل كأدوية تثبيت الحمل أو مكمّلات الحديد. ممّا يُقلّل من فاعليتها أو يُضاعف آثارها الجانبية.
- تهيج الجهاز الهضمي: قد يُسبّب الاستعمال المتكرّر لمنقوع المرة حموضة زائدة، غثيانًا، أو اضطرابات في الأمعاء. وهي عوارض تعاني منها أصلًا معظم الحوامل.
كل هذه التأثيرات تُثبت أنّ تناول المرة من دون استشارة طبية دقيقة ليس خيارًا آمنًا خلال الحمل.
هل هناك حالات آمنة لاستخدام المرة؟
في بعض الثقافات، تُستخدم المرة في الأيام الأخيرة من الحمل لتسهيل الطلق الطبيعي، ولكن هذا الاستخدام يبقى محل جدل طبي. لا توجد أي توصية من منظمة الصحة العالمية أو الهيئات الطبية الكبرى تُجيز استعمال المرة حتى في نهاية الحمل، إلا ضمن مراقبة طبية صارمة.
الأفضل لكِ أن تتفادي استخدام المرة بكافة أشكالها خلال الحمل، إلا إذا وصفها لكِ الطبيب لأسباب محدّدة وبعد تحليل حالكِ الصحية بدقّة. لا تنسي أنّ ما قد يفيد امرأة قد يُضرّ أخرى، وخصوصًا في الحمل حيث تتفاوت التجارب بشكل كبير بين النساء.
الخلاصة
رغم انتشار استخدام المره للحامل في الطب الشعبي، فإن غياب الدراسات السريرية الدقيقة يجعلها خيارًا غير آمن خلال هذه الفترة الحساسة من حياة المرأة. على الرغم من فوائدها العامة في حالات أخرى، إلا أن آثارها الجانبية المحتملة على الرحم والجنين تجعل من الضروري الابتعاد عنها، خاصة في الأشهر الأولى من الحمل. عليكِ أن تتذكري دائمًا أن الحمل ليس الوقت المناسب للتجارب العشوائية أو العلاجات الشعبية غير المثبتة علميًّا. إنّ الحفاظ على صحة جنينك مسؤولية كبيرة، وأي تدخل يجب أن يخضع لتوصية طبية صارمة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن فوائد وأضرار السمك للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أنا شخصيًّا أؤمن بقوّة الأعشاب وفاعليتها في علاج الكثير من الحالات، ولكن عندما يتعلّق الأمر بالحمل، أضع الحذر أولًا. لا شيء يعلو فوق سلامتكِ وسلامة طفلكِ. لذلك، لا أنصحكِ باستخدام المرة خلال الحمل مهما كانت دوافعك، إلّا إذا أشرف طبيب مختص على ذلك. الاستعانة بالمصادر العلمية الموثوقة هو خطوتكِ الذكية في كل قرار، ولا سيّما في هذه المرحلة الدقيقة من حياتك.