يُعَدّ التعرّف على الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع من المواضيع الأساسية لفهم طبيعة السلوك البشري والعوامل التي تؤثّر فيه، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع. فالعديد من النساء يتساءلنَ عن دور كلٍّ من هذين العلمين في تفسير تصرّفاتنا اليومية، والآليات التي يستخدمها كل منهما لتحليل المشاعر والتفاعلات الاجتماعية.
في هذا المقال، سنأخذكِ في رحلةٍ علميّةٍ لفكّ رموز هذين التخصّصين. وذلك من خلال تقديم تعريف دقيق بكل علم، واستعراض المجالات التي يغطيها كل منهما، وصولًا إلى الإجابة عن سؤال شائع: هل علم النفس هو علم اجتماعي؟ ستجدين هنا الإجابات مستندة إلى أبحاث ودراسات علمية موثوقة، بلغةٍ بسيطة وقريبة منكِ. مع العلم أنّنا سبق وقدّمنا لكِ معلومات حول علم النفس العكسي.
ما الفرق بين علم الاجتماع وعلم النفس؟
لفهم الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع ، يجب أولًا معرفة أن كلاهما يدرس الإنسان، لكن من منظور مختلف تمامًا. فبحسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA)، يُركّز علم النفس على دراسة العمليات العقلية والسلوكيات الفردية. مثل التفكير، والمشاعر، واتخاذ القرار، ويركّز على العوامل الداخلية المؤثرة على الفرد كالوراثة والتجارب الشخصية.

أما علم الاجتماع، فهو يهتم بدراسة الجماعات والظواهر الاجتماعية والتفاعل بين الأفراد داخل المجتمع، مثل الطبقية، والجريمة، والأنماط الثقافية، كما تؤكد دراسات Sociology Compass. يستخدم علماء الاجتماع أدوات تحليلية لفهم كيف تشكّل العوامل الاجتماعية سلوك الأفراد وتؤثر في خياراتهم.
إذًا، أهمية علم النفس تبدأ من داخل الفرد نحو الخارج. بينما علم الاجتماع ينطلق من المجتمع لفهم الفرد في سياقه الاجتماعي.
ما هي مجالات علم النفس والاجتماع؟
ما هو الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع وما هي المجالات التي يتناولها كلّ علم منهما؟ يتميّز كل من علم النفس وعلم الاجتماع بمجالاته الواسعة. حيث يتقاطعان أحيانًا لكن من دون أن يتطابقا.

- علم النفس: يتفرّع إلى عدة تخصّصات مثل علم النفس السريري، والعصبي، والتربوي، والاجتماعي، والتنظيمي. وتهدف هذه الفروع إلى معالجة الاضطرابات النفسية، وتحسين جودة الحياة، وفهم الدماغ البشري، وتعزيز العلاقات الاجتماعية والصحة النفسية. كما تُظهر دراسات The Lancet Psychiatry أن علم النفس السريري أصبح من أكثر المجالات أهمية عالميًا نظرًا لارتفاع نسب القلق والاكتئاب الحاد.
- علم الاجتماع: يشمل مجالات مثل علم الجريمة، وعلم الاجتماع الأسري، وعلم الاجتماع السياسي، وعلم الاجتماع الطبي. ويركّز على فهم تأثير الدين، والاقتصاد، والسياسة، والتعليم على الأفراد والمجتمعات. بحسب الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA)، تُستخدم أدوات مثل الاستبيانات والإحصائيات لتحليل القضايا الاجتماعية الكبرى.
هذه التفرّعات تؤكّد مجددًا الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع من حيث الأهداف والآليات، رغم تقاطعهما في دراسة الإنسان وسلوكياته.
هل علم النفس هو علم اجتماعي؟
بعد التعرّف على الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع في مل سبق، يطرح هذا السؤال نفسه بقوّة بين النساء المهتمّات بالعلوم الإنسانية: هل ينتمي علم النفس إلى العلوم الاجتماعية مثل علم الاجتماع؟

بحسب التصنيف الأكاديمي العالمي للعلوم، يُعدّ علم النفس علمًا مستقلًا بين العلوم الإنسانية والاجتماعية. لكنه يميل أكثر إلى كونه علمًا إنسانيًا بسبب تركيزه العميق على الفرد وآلياته الداخلية. إلا أن فرع “علم النفس الاجتماعي” يُعدّ من الجسور الواضحة بين العلمين، حيث يهتم بكيفية تأثر الفرد بالجماعة المحيطة به، كما ورد في دراسة نشرها موقع Journal of Social Psychology عام 2020.
لذلك، نعم، بعض فروع علم النفس تُصنّف ضمن العلوم الاجتماعية، خاصةً تلك التي تدرس العلاقات البشرية والتفاعلات الاجتماعية، لكنها تظلّ مرتبطة أيضًا بالعلوم البيولوجية والطبية.
الخلاصة
في نهاية هذا التحليل، يتّضح لنا جليًا الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع ، حيث يهتم الأول بالإنسان من الداخل، بينما يركّز الثاني على المجتمع ككل. كلاهما ضروري لفهم الصورة الكاملة لسلوكياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. خاصةً في عصرنا الحديث الذي تتداخل فيه المؤثرات النفسية والاجتماعية بشكل معقّد. اختياركِ لأي من العلمين يعتمد على حاجتكِ: هل ترغبين بفهم ذاتكِ أكثر؟ إذًا توجّهي لعلم النفس. أم تسعين لفهم مجتمعكِ ومحيطكِ وتأثيرهما على حياتكِ؟ عندها سيكون علم الاجتماع وجهتكِ المثالية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن نظريات علم النفس.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أجد أن كل امرأة يجب أن تُدرك بوعي الفرق بين علم النفس وعلم الاجتماع لتتمكّن من تفسير سلوكياتها وعلاقاتها بطريقة علمية وعميقة. فالوعي النفسي والاجتماعي معًا يُشكّلان درعًا معرفيًا يحميكِ من الوقوع في الأحكام المسبقة أو التفسيرات السطحية للمواقف التي تمرّين بها يوميًا. الأمر الذي يُجنّبكِ اقتراف العديد من الأخطاء التي من الممكن أنّكِ فسّرتها بطريقةٍ غير صحيحة ومن منظور آخر. لهذا السبب، أنصحكِ بالاطلاع على مبادئ كلا العلمين. وذلك لأن فهم النفس والمجتمع معًا يمنحكِ قدرةً أكبر على تحسين جودة حياتكِ. بالإضافة إلى القدرة على بناء علاقات صحية ومتوازنة تنعكس إيجابًا على سعادتكِ الداخلية وتُضيف على حياتكِ طاقةً إيجايبّة ومُلهِمة.