ما هو تأثير تناول اسبرين للحامل ؟ في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث في الأوساط الطبية حول استعمال اسبرين للحامل في مراحل مختلفة من الحمل. إذ أصبح يُوصف بشكل وقائي في حالات محددة. ممّا أثار تساؤلات كثيرة بين النساء والمهنيين الصحيين على حدٍّ سواء. تتراوح هذه الأسئلة بين فوائد الأسبرين ومخاطره، ودوره في تثبيت الحمل في الأشهر الأولى، وصولًا إلى علاقته بحدوث النزيف.
سنتناول في هذا المقال إجابات علمية دقيقة ومدعّمة بالدراسات الحديثة حول استخدام اسبرين للحامل . مع تحليل الأسباب التي تدفع الأطباء لوصفه، وما إذا كان يُعَدّ وسيلةً فعّالةً لتثبيت الحمل أو الوقاية من المضاعفات. كما سنوضح العلاقة بين الأسبرين ونزول الدم أثناء الحمل.
لماذا تأخذ الحامل اسبرين؟
ما هي دواعي استعمال اسبرين للحامل ؟ تُعتبر مضادات التخثر من أهم محاور البحث في علم طب الأجنّة. ويُعد الأسبرين بجرعة منخفضة (Low-Dose Aspirin) واحدًا من الأدوية الأكثر استعمالًا ضمن هذا الإطار. تلجأ الحوامل إلى تناوله غالبًا بناءً على توصية طبية دقيقة. خصوصًا في حالات الحمل المعقّدة أو المعرّضة لخطر مضاعف.

وفقًا لدراسة نشرتها American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG) عام 2021، يُوصى باستخدام الأسبرين بجرعة يومية تتراوح بين 75-150 ملغ للنساء المعرضات لخطر الإصابة بتسمم الحمل (Preeclampsia). وهو اضطراب خطير يؤثر على ضغط الدم ووظائف الكلى والكبد. تبدأ الجرعة غالبًا بين الأسبوع 12 و16 من الحمل وتستمر حتى الأسبوع 36.
بالإضافة إلى ذلك، توصي U.S. Preventive Services Task Force (USPSTF) بإعطاء الأسبرين للنساء اللواتي لديهن تاريخ من تسمم الحمل، أو أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض المناعة الذاتية.
يعمل الأسبرين على تحسين جريان الدم إلى المشيمة. مما يعزز وصول الأكسجين والمواد الغذائية للجنين. وبالتالي يقلل من احتمالية تأخر نموه داخل الرحم.
هل الأسبرين يساعد على تثبيت الحمل؟
سؤال يُطرح بكثرة، خصوصًا في حالات الحمل بعد الإجهاضات المتكررة. فهل يؤدّي استعمال اسبرين للحامل دورًا فعليًا في تثبيت الحمل؟ تتفاوت الإجابة حسب الحال الصحية لكل امرأة.

تشير دراسة نُشرت في مجلة New England Journal of Medicine عام 2020 إلى أن استخدام الأسبرين بجرعة منخفضة لدى النساء الل,اتي تعرّضن للإجهاضات المتكررة ولم تُشخّص لديهن مشاكل تخثرية، قد لا يكون فعّالًا بدرجة كافية لتثبيت الحمل. بالمقابل، تؤكد أبحاث أخرى مثل دراسة NIH’s EAGeR Trial على أن النساء اللواتي لديهن مشاكل في تجلّط الدم (مثل متلازمة أضداد الفوسفوليبيد) قد يستفدن بشكل كبير من الأسبرين مع الهيبارين لتثبيت الحمل وتجنّب الإجهاضات المبكرة.
إذًا، يمكن القول إن دور الأسبرين في تثبيت الحمل يتعلّق أساسًا بالمسبّب الكامن وراء الإجهاض. ما يتطلب تقييمًا طبيًا معمّقًا.
هل الأسبرين ينزل دم للحامل؟
هل تناول اسبرين للحامل ينزل دم؟ إن طرح هذا السؤال شائع ومشروع، خصوصًا أن الأسبرين يُعرف بتأثيره المثبط لتجمّع الصفائح الدموية. ما يعني أنه يزيد من سيولة الدم ويقلل من قابليته للتجلط. هذا التأثير قد يكون مفيدًا في حالات منع التجلطات. لكنه في الوقت ذاته يرفع احتمالية حدوث نزيف خفيف أو متوسط في بعض الحالات.

وفقًا لمراجعة علمية نُشرت في مجلة BMJ Open عام 2022، فإن استخدام اسبرين للحامل بجرعة منخفضة لم يظهر ارتباطًا كبيرًا بزيادة خطر النزيف الشديد أو الإجهاض. لكنه قد يؤدي إلى نزول بقع دموية خفيفة عند بعض النساء. ويُعتبر هذا النزيف غير خطير في معظم الأحيان. إلا أنه يتطلب مراقبة دقيقة واستشارة الطبيب فورًا عند حدوثه.
من المهم التذكير أن الجرعة تُؤدّي دورًا حاسمًا: فالجرعات العالية من الأسبرين (فوق 300 ملغ يوميًا) ممنوعة أثناء الحمل، لكونها قد تُسبب مشاكل في قلب الجنين أو تؤثر على وظائف الكلى لدى الأم.
هل يُنصح بتناول الأسبرين لجميع الحوامل؟
بالرغم من الانتشار الواسع لمفهوم “الأسبرين الوقائي”، إلا أن التوصيات الطبية لا تدعو إلى استعمال اسبرين للحامل بشكل عشوائي أو من دون داعٍ طبي. فكل حال حمل تختلف عن الأخرى، ويجب تقييم مؤشرات الخطر بدقة قبل وصف هذا الدواء.
توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بأن يُستخدم الأسبرين فقط في حالات وجود خطر حقيقي لتسمم الحمل أو اضطرابات التجلط. وينبغي عدم استخدامه كوسيلة عامة للوقاية من الإجهاض عند النساء الأصحاء.
الخلاصة
يُعد اسبرين للحامل أداة طبية دقيقة، لا تُستخدم إلا بعد تقييم معمّق وشامل. لا يمكن إنكار فوائده المثبتة في الوقاية من تسمم الحمل وتحسين تدفّق الدم إلى المشيمة، لكنه في الوقت نفسه ليس خاليًا من الآثار الجانبية. خاصة في ما يخص النزيف أو استخدامه من دون إشراف طبي. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أمان استخدام جافيسكون للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن المعرفة الطبية يجب أن تُبنى على التشخيص العلمي لا على التوصيات العامة. لا يُمكن تعميم فوائد الأسبرين على جميع النساء. بل يجب أن يُنظر إليه كأداة علاجية مخصصة لحالات طبية معينة فقط، تُحدّد بناءً على نتائج الفحوصات والتحاليل والتاريخ الطبي. ومن المهم جدًا أن تُدرك المرأة الحامل أن الاستعمال الذاتي للأسبرين من دون استشارة طبيب قد يُعرّضها وجنينها لمخاطر لا تُحمد عقباها.