يُعَدّ علاج المغص للرضع من الأمور التي تشغل بال العديد من الأمّهات، خصوصًا في الأشهر الأولى من حياة الطفل. يصعب على الأمّ رؤية طفلها الرضيع يعاني من الألم ويبكي لساعاتٍ طويلة من دون سبب واضح، ممّا يجعلها تبحث بشكلٍ دائم عن طرق فعّالة وآمنة لتخفيف هذا الألم. أمّا المغص فهو نتيجة بعض المشاكل الهضمية الشائعة التي تصيب نسبة كبيرة من الرضع، والتي غالبًا ما تتسبّب في بكاءٍ شديدٍ ومتكرّر خلال الأسابيع الأولى.
في هذا المقال، سنقدّم لكِ نصائح مهمّة تساعدكِ على علاج المغص للرضَّع في المنزل بطرقٍ طبيعيّة وآمنة. سنتناول كيفيّة تحديد المغص عند الرضع، بعض الأساليب المنزليّة التي يمكن أن تساعد في تخفيف الألم، ودور الأعشاب الطبيعيّة مثل اليانسون في التخفيف من عوارض هذه الحال.
كيف أتخلّص من المغص عند الطفل الرضيع؟
يبدأ علاج المغص للرضع بفهم السبب الأساسي خلفه، والذي غالبًا ما يكون مرتبطًا بالغازات المتجمعة في الأمعاء أو الرضاعة الخاطئة. لذا، من الضروري أن تتّبعي بعض الخطوات التي قد تساعد في تخفيف معاناة طفلكِ من هذه الحال.
بحسب موقع Boudreaux’s Butt Paste في مقالة نُشِرَت عبره تحت عنوان “5 Surefire Ways to Soothe a Gassy Baby“، يُعَدّ تدليك بطن الطفل أحد أهم الطرق الطبيعيّة لعلاج المغص من دون دواء. فقد يُساعد التدليك بلطف على بطن الرضيع بحركاتٍ دائريّة في طرد الغازات وتقليل التشنّجات المعوية التي تسبب المغص. لذا، استخدمي زيتًا مناسبًا لبشرة الأطفال الرقيقة لجعل هذه العمليّة مريحة وفعّالة. ويُفضَّل أن تنفّذيها بعد الرضاعة، خصوصًا إذا كان الطفل يشعر بعدم الراحة أو يواجه صعوبة في النوم.
يؤدّي اتّخاذ الوضعيّة الصحيحة للرضاعة أيضًا دورًا كبيرًا في منع دخول الهواء إلى معدة الطفل، وهو ما يُعتبَر أحد الأسباب الرئيسيّة للمغص. لذا، سواء كنت ترضّعين طفلكِ رضاعة طبيعيّة أو صناعيّة، تأكّدي من أن يكون رأسه مرفوعًا قليلًا خلال الرضاعة لتقليل دخول الهواء. وبعد إحساسه بالشبع أو حصوله على الكميّة التي تُناسبه من الحليب، احرصي على حمله بشكلٍ مستقيم وتربيت ظهره بلطف حتى يخرج الهواء المتجمّع في معدته.
كيف أعرف أن طفلي يبكي من المغص؟
إنّ تعلّم قراءة رسائل طفلك الرضيع من طريقة بكائه يُعَدّ أول خطوة نحو علاج المغص للرضع ، فهم غالبًا ما يعانون من نوبات بكاء متواصلة تمتدّ لفترات طويلة خلال اليوم في هذه الحال. إذا كان طفلكِ يبكي لأكثر من ثلاث ساعات في اليوم ولمدّة تزيد عن ثلاثة أيام في الأسبوع، فقد يكون هذا مؤشّرًا على أنّه يعاني من المغص.
هناك بعض العلامات التي يمكنكِ ملاحظتها لمعرفة ما إذا كان المغص هو السبب وراء بكاء طفلك. على سبيل المثال، قد ترين أنّ طفلك يشدّ ساقيه باتجاه بطنه بشكلٍ متكرّر، أو تظهر عليه علامات الانزعاج مثل احمرار الوجه وانتفاخ البطن. أحيانًا قد تلاحظين أنّ طفلكِ يهدأ لفترات قصيرة، لكنه يعود للبكاء مرّة أخرى بعد دقائق، وهذا أيضًا من علامات المغص.
إذا كان طفلكِ يظهر هذه العلامات بشكلٍ مستمر، فمن الأفضل استشارة الطببي المختصّ للتأكّد من عدم وجود مشكلة صحيّة أخرى.
هل اليانسون يخفف المغص عند الرضع؟
يُعتبر اليانسون من المكوّنات الطبيعيّة التقليديّة التي تُستخدم منذ القِدَم بهدف علاج المغص للرضع ، حيث يُعتقَد أنّه يمتلك خصائص مهدّئة تساعد على تقليل التشنّجات المعوية وتخفيف الشعور بالألم.
يمكنكِ تقديم مشروب اليانسون لطفلكِ عن طريق غلي بذوره في الماء ثم تصفيته جيّدًا وتقديمه بكميّاتٍ صغيرة جدًا. يُفضَّل أن يتمّ هذا بعد استشارة طبيب الأطفال، لضمان سلامة استخدامه وتجنب أي تأثيرات جانبية. ولكن من المهمّ الانتباه إلى تحذير منظّمة الصحّة العالميّة في الدراسة التي نُشِرَت عام 2021 تحت عنوان “Use of complementary and alternative therapies in infants under 3 months in Jordan“، والذي يُحَذّر من تقديم اليانسون لحديثي الولادة لأنّه قد يكون له تأثير سام عليهم بسبب احتوائه الأنيثول في الزيت العطري والذي قد يسبب المعاناة من عصبية.
على الرغم من أنّ الكثير من الأمّهات يجدنَ في اليانسون حلًّا فعّالًا لعلاج المغص للرضع، يجب التنويه إلى أن استجابة الأطفال للعلاجات الطبيعية تختلف من طفل لآخر. فقد يشعر بعضهم بتحسّن فوري، بينما قد يحتاج آخرون إلى تجريب طرق مختلفة قبل الحصول على النتائج المرجوّة. لذا، من الضروريّ مراقبة طفلكِ بعد تقديم أي علاج منزلي لمعرفة تأثيره.
نصائح أخرى للتعامل مع مغص الرضع
إلى جانب تدليك بطن الطفل واستخدام الأعشاب الطبيعيّة، هناك بعض العادات التي يمكن أن تساعد في تقليل حدوث المغص عند الرضع. على سبيل المثال، يمكنكِ استخدام قماط الأطفال، وهو غطاء مخصّص للفّ الطفل بلطف، حيث يساعد على تهدئه ويمنحه إحساسًا بالأمان يشبه وجوده في رحم الأم. كما يُنصح أيضًا بتهدئة الطفل من خلال الهدهدة أو تشغيل ضوضاء بيضاء خفيفة، وهي أصوات مريحة تشبه صوت تدفّق المياه أو الرياح الخفيفة التي تساعده على الشعور بالاسترخاء.
من الضروريّ أيضًا أن تحرصي على الاسترخاء والراحة النفسيّة، حيث أنّ توتّرك قد يزيد من توتر الطفل. إذا شعرتِ بالتعب أو الضغط، حاولي أخذ استراحة قصيرة وطلب المساعدة من أفراد العائلة أو الأصدقاء.
في الختام، يُعتبَر علاج المغص للرضع مهمّة تحتاج إلى صبر وفهم عميق لاحتياجات الطفل. من الممكن تجربة بعض الطرق المنزليّة مثل التدليك، ووضعيات الرضاعة الصحيحة، بالإضافة إلى استشارة الطبيب قبل تقديم أيّ علاج عشبي مثل اليانسون. وتذكّري أنّ كل طفل يختلف في استجابته للعلاجات، لذا قد يستغرق الأمر بعض الوقت لاكتشاف ما يناسب طفلكِ بشكلٍ أفضل. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على فوائد قطرات المغص للرضع.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ التعامل مع مغص الرضّع يتطلّب أوّلًا وقبل كلّ شيء الصبر. فالمعاناة من هذه المشكلة هي مرحلة مؤقَّتة يمرّ بها معظم الأطفال، ومن خلال الاعتماد على النصائح الطبيعية والاهتمام الدائم، يمكنكِ أن تجعليها أقلّ توترًا لكِ ولطفلكِ. تجنبي القلق الزائد، وحاولي توفير بيئة هادئة لطفلكِ، فذلك قد يساعد على تخفيف المغص بشكل كبير.
