هل جنينك في خطر؟ هذا السؤال يراود كل امرأة حامل منذ اللحظة الأولى لظهور خطين على اختبار الحمل. فالصحة الوراثية للعائلة تؤدّي دورًا أساسيًا في تحديد سلامة الحمل، ونمو الجنين في الرحم بشكل طبيعي. قد تكون بعض العلامات في التاريخ العائلي إشارات واضحة تدلّ على وجود أمراض وراثية تنتقل عبر الأجيال.
في هذا المقال، سنكشف لكِ أبرز 7 علامات تدلّ على احتمالية وجود مشاكل وراثية في العائلة. كما سنتناول دور الفحوصات الجينية، ومتى يجب القلق، وكيفية الوقاية أو التعامل مع هذه الحالات. سنقدّم لكِ معلومات موثوقة مستندة إلى أبحاث طبية حديثة، بلغة مبسطة، تضع صحتك وصحة جنينك في المقدمة.
1. وجود مرض وراثي معروف في العائلة
إذا كان أحد أفراد العائلة، سواء من جهة الأم أو الأب، يعاني من مرض وراثي معروف مثل الثلاسيميا أو التليف الكيسي أو مرض هنتنغتون، فهذه إشارة قوية. تشير الدراسات الجينية إلى أن الأمراض الوراثية تنتقل غالبًا وفق نمط معين يُعرف بالوراثة المتنحية أو السائدة (Harper, 2010).

من المهم جدًا عند التخطيط للحمل، أو في بدايته، أن تخبري طبيبتك بوجود أي أمراض مزمنة أو جينية في العائلة. حتى وإن بدت لكِ بسيطة.
2. حدوث حالات وفاة مبكرة أو متكررة عند الأطفال
في حال وُجد في تاريخ العائلة حالات وفاة لأطفال في عمر مبكر، أو حالات ولادة لأطفال لا يعيشون أكثر من أسابيع أو أشهر، فهذا قد يشير إلى وجود طفرة جينية خطيرة تنتقل بين الأجيال.
تشير دراسة منشورة في مجلة Nature Genetics عام 2021 إلى أن العديد من حالات الوفاة غير المفسّرة عند الرضّع كانت مرتبطة بخلل جيني لم يتم تشخيصه خلال الحمل. لذلك، في حال وجود هذه السجلات العائلية، يُفضَّل إجراء فحوصات جينية مبكرة.
3. زواج الأقارب
يُعَدّ زواج الأقارب من أبرز العوامل التي ترفع خطر انتقال الأمراض الوراثية. فكلما تقاربت الجينات، زاد احتمال ظهور طفرة موروثة عند الجنين.
حسب تقرير منظمة الصحة العالمية (WHO, 2022)، فإن زواج الأقارب يرفع من احتمال الإصابة بالأمراض الوراثية بنسبة تصل إلى 25%. خاصّة في الدول التي تنتشر فيها هذه العادة. لذا، إذا كنتِ متزوجة من قريب، من الضروري مراجعة طبيب الوراثة في بداية الحمل.
4. وجود تشوّهات خلقية سابقة في العائلة
هل وُلد أحد من أفراد العائلة بتشوّه خلقي مثل الشفة الأرنبية، أو عيوب في القلب، أو تشوّهات في الأطراف؟ هذه علامات يجب عدم تجاهلها.

قد تكون التشوّهات الخلقية ناتجة عن أسباب بيئية، ولكن في كثير من الأحيان يكون السبب جينيًا. فبحسب المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC)، فإن ما يقارب 20% من حالات التشوّهات ترتبط بعوامل وراثية مباشرة.
5. تأخّر في النمو العقلي أو الحركي لأفراد من العائلة
إذا لاحظتِ وجود أطفال في العائلة لديهم تأخر في النطق، أو مشاكل في المشي، أو تأخّر عقلي غير مبرّر، فقد يكون ذلك نتيجة اضطرابات وراثية.
على سبيل المثال، اضطرابات التمثيل الغذائي الوراثية مثل “الفينيل كيتون يوريا” تؤدي إلى تلف في الدماغ إذا لم تُكتشف مبكرًا. فكلما عُرفت الحالات المشابهة في العائلة، كان بالإمكان اتخاذ إجراءات وقائية، مثل فحص الدم للجنين في الأشهر الأولى.
6. مشاكل عقم أو إجهاض متكرر في العائلة
قد لا يخطر في بالك أن مشاكل العقم أو الإجهاضات المتكررة تحمل أبعادًا جينية. لكن الحقيقة أن وجود طفرات في بعض الكروموسومات، مثل خلل في الكروموسوم X أو Y، قد يؤدي إلى هذه المشاكل.
فإذا كانت والدتك أو خالتك أو حتى أخواتك يعانين من مشاكل في الحمل، فقد يكون من الضروري إجراء فحص وراثي لتجنّب تكرار التجربة المؤلمة. بحسب الجمعية الأمريكية للوراثة الطبية (ACMG), يُنصح بهذه الفحوصات قبل الحمل أو في الأشهر الثلاثة الأولى.
7. اختلافات واضحة في الصفات الوراثية بين الإخوة
أحيانًا قد تظهر صفات غريبة أو مختلفة جدًا في أطفال العائلة، مثل اختلاف لون الشعر، أو الطول، أو البنية بشكل واضح وغير مبرّر. في حالات نادرة، قد تكون هذه الاختلافات علامة على وجود اضطرابات جينية كمتلازمة مارفان أو متلازمة داون الفموية.
رغم أن هذه العلامات لا تعني حتمًا وجود خطر. إلّا أنها تستدعي الانتباه، خاصّة إذا تكررت في أكثر من فرد داخل العائلة.
الفحوصات الجينية.. متى يجب إجراؤها؟
من الضروري إجراء فحوصات جينية في حال وجود أي من العلامات السابقة. تُجرى هذه الفحوصات من خلال تحليل دم الأم أو فحص خلايا من المشيمة أو السائل الأمنيوسي. وغالبًا ما تكون آمنة إذا أُجريت تحت إشراف مختصّين.

تساعد هذه الفحوصات في الكشف المبكر عن معظم الطفرات الوراثية. ما يتيح للطبيب اتخاذ قرارات مبكرة بخصوص إدارة الحمل، أو حتى التخطيط للحمل في المستقبل بوسائل وقائية.
كيف تتعاملين مع نتائج الفحص؟
في حال كشفت الفحوصات عن وجود طفرات وراثية، لا داعي للهلع. معظم الأمراض الوراثية اليوم يمكن إدارتها طبيًا. المهم هو المتابعة الدقيقة والتواصل مع فريق طبي متعدد التخصصات يشمل طبيب نسائي، وطبيب وراثة، وطبيب أطفال.
الوقاية.. هل ممكنة؟
نعم، الوقاية ممكنة في العديد من الحالات. من خلال الفحص قبل الزواج، والفحوصات الوراثية المبكرة، يمكن الحدّ من ولادة أطفال يعانون من أمراض مزمنة. كذلك، الغذاء الصحي، والابتعاد عن التدخين والأدوية من دون استشارة، عوامل تقلّل من خطر الإصابة أو التفاقم.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال “هل جنينك في خطر؟” مفتوحًا على احتمالات متعددة. لكنّ الوعي، والفحوصات الدقيقة، والمتابعة الطبية المنتظمة، تمنحكِ إجابة وطمأنينة أكبر. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ما هي اسباب تشوهات الجنين؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الخطوة الأذكى لأي امرأة حامل هي المعرفة المسبقة. فالعلم اليوم يمنحنا أدوات قوية تساعدنا في التنبؤ بالمشاكل الوراثية مبكرًا. لا تترددي أبدًا في طرح الأسئلة على طبيبتك، ولا تخجلي من التحدث عن التاريخ العائلي. تذكّري أن الوقاية خير من الندم، وأنكِ تستحقين عيش رحلة الحمل بأمان واطمئنان.