هل تعتقدين أن التحدث مع طفلك قبل أن يبدأ بالكلام لا يحمل فائدة؟ فكّري مجددًا. فالكلمات التي يسمعها في أشهره الأولى تُشكّل أساس نموّه العقلي واللغوي. حتى وإن بدا الحديث من طرف واحد. لا تنتظري أن يبدأ طفلك بالكلام لتبدئي بالتواصل معه، بل اجعلي صوتك رفيقه اليومي.
في هذا المقال، نشاركك الأسباب العلمية والنفسية التي تجعل حديث الأب مع طفله عادة ذهبية، تبدأ من اليوم الأول بعد الولادة. تابعي لتكتشفي كيف يمكن لحديث بسيط أن يترك أثرًا عميقًا في عقل صغيرك، ويقوي علاقة الأب بابنه أو ابنته مدى الحياة. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا عن 5 طرق بسيطة تعزز دور الأب في الأسرة.
دماغ الطفل يصنع ملايين الروابط
حين يتحدث الأب مع طفله، فإن دماغ الطفل يبني شبكات عصبية جديدة بسرعة مذهلة. تُثبت الدراسات أن الأطفال الذين يسمعون كلمات أكثر خلال الطفولة يطوّرون مهارات لغوية ومعرفية أقوى في سن لاحق (Hart & Risley, 1995). لا تقلقي من بساطة الكلام أو محتواه. فحتى حديث الأب عن فنجان القهوة أو تغيير الحفاض يُحفّز نمو الدماغ.

نصيحة: شجعي زوجك أن يروي لطفله تفاصيل يومه مهما كانت بسيطة. فكل كلمة تساهم في بناء الأساس العقلي.
المزيد من الكلمات = مهارات لغوية أقوى لاحقًا
حين يسمع الطفل كلمات أكثر، يكبر مع مفردات أوسع وقدرات أعلى في القراءة والفهم بحلول سن الحضانة. الأمر لا يتطلب استخدام مفردات معقدة أو لغة رسمية، بل يكفي أن يتحدث الأب بعفوية ويصف ما يفعله أمام الطفل.
نصيحة: دعي الأب يصف لطفله ما يلبسه أو ما يأكله، مثلًا: “هيا نرتدي الجوارب الحمراء! هل هذه هي الحمراء؟ نعم!”.
التواصل البصري مع الحديث = تمرين مبكر على الحوار
لا يحتاج الطفل للكلام حتى يدخل في أول حواراته. يكفي أن ينظر إلى عيني والده وهو يتحدث، ويردّ بابتسامة أو صوت بسيط. هذه التفاعلات الأولى تُدرّبه على فكرة الحوار، وتُنمّي مهاراته الاجتماعية.
نصيحة: ذكّري الأب أن يتوقف بعد جملة أو سؤال، وينتظر رد فعل الطفل. حتى لو كان مجرد حركة صغيرة أو صوت خافت.
الطفل يميّز صوت والده ويشعر بالطمأنينة
منذ ولادته، يستطيع الطفل التمييز بين الأصوات المألوفة. وصوت الأب الذي سمعه في الرحم يُصبح مصدرًا للراحة بعد الولادة. حين يتحدث إليه، تتعزز الروابط العاطفية، ويشعر الطفل بالأمان والانتماء.
نصيحة: شجّعي الأب على التحدث بنبرة دافئة ومليئة بالمشاعر. فذلك يجذب انتباه الطفل ويساعده على التواصل مبكرًا.
الغناء والقراءة تضيفان تنوّعًا وإيقاعًا
إنّ سماع الأغاني والقصص يُعرّف الطفل على أنماط صوتية مختلفة، ويزيد من قدرته على التمييز بين الكلمات. كما أن التكرار يساعد على التعلّم السريع. لا يحتاج الأب أن يكون مغنيًا، فصوت الأب وحده كافٍ لجذب الطفل.
نصيحة: اقترحي على الأب أن يخترع أغانٍ بسيطة أو يقرأ لطفله بصوت مرتفع. حتى لو كانت لائحة التسوق!
لا تنتظري اللحظة المثالية لتبدأي ببناء علاقة الأب بطفله. كل لحظة تُشكّل فرصة. كل كلمة يقولها الأب لطفله تزرع بذرة للغة، وللثقة، ولرابط إنساني عميق يدوم.
ففي الوقت الذي يُطوّر فيه دماغ الطفل قدراته اللغوية، يبني أيضًا جسور المودة مع والده. وهذه الجسور لن تُنسى، بل ستكون الدعامة الأساسية لعلاقة متينة ومليئة بالحب والدعم. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأخبرناكِ لماذا عليكِ أن تتركي طفلكِ يعاني أحيانًا؟