نحن كأمهات نرغب دائمًا في حماية أطفالنا من كل ما يؤلمهم أو يزعجهم. قلبكِ يتألم حين ترين صغيركِ في حيرة أو يذرف دمعة لأنه لم يحصل على ما يريد. تشعرين أنكِ تريدين التدخل فورًا، حلّ مشكلته، ورفع الأذى عنه. لكن، هل تعلمين أن هذا التدخّل الدائم قد يمنعه من تطوير مهاراته النفسية والاجتماعية؟
في خضمّ الركض اليومي وضغوط الحياة، يصبح من السهل أن نقول “نعم” كي نجنّب أنفسنا وجع القلب أو نختصر الوقت. لكن الحقيقة أن شعور الطفل بالإحباط أو الملل فرصة ذهبية لتعليمه مهارات حياتية أساسية. دعيني أشرح لكِ كيف ولماذا.
الإحباط ليس عدوًّا، بل أداة تعليمية
الإحباط جزء طبيعي من حياة أي إنسان، وطفلكِ ليس استثناءً. حين تقولين له “لا” أو ترفضي شيئًا يرغب به، يشعر بالغضب أو الحزن. هذا ردّ فعل طبيعي، بل ضروري. من خلال هذه المشاعر، يتعلّم كيف يواجه الواقع، ويبدأ في تطوير قدرته على التحمل والصبر.

ترك الطفل يحاول هو مفتاح الاستقلالية
حين يواجه الطفل مشكلة بسيطة كربط الحذاء أو تركيب لعبة، لا تتسرّعي بمساعدته. اتركي له المساحة ليجرّب، يخطئ، ثم يحاول من جديد. كل تجربة فشل تبني داخله بذور المثابرة والاستقلالية. مع الوقت، يعتاد على التفكير وحلّ المشاكل بنفسه من دون الاعتماد الكلّي على الآخرين.
لا ترفهيه طوال الوقت.. اتركي له فرصة الملل
عندما تقولين: “هو يشعر بالملل، دعيني أشغله”، قد تقطعين عليه فرصة ثمينة لتنمية مخيلته. الشعور بالملل يدفع الطفل إلى الإبداع، إلى خلق ألعابه الخاصة، وربما حتى التفكير خارج الصندوق. إن منحه وقتًا من دون ترفيه دائم يساعده على اكتشاف ما يحب ويهوى.
الحماية الزائدة تُضعف لا تُقوّي
حين نحلّ جميع مشاكله، ونقدّم له كل ما يطلبه، نعتقد أننا نحبّه وندعمه. لكنّ الواقع أنّنا نمنعه من بناء القوة الداخلية. نحن نخلق بيئة لا يتعلم فيها كيف يتعامل مع “الرفض”، “الفشل”، أو “الصبر”. النتيجة؟ طفل هشّ، غير مستعد لمواجهة الحياة.
أنتِ لا تهملي طفلكِ عندما تتركيه يواجه بعض التحديات. بل على العكس، أنتِ تجهّزينه لحياة واقعية مليئة بالمواقف الصعبة. كل دمعة إحباط، كل لحظة انتظار، وكل تجربة فشل.. تضع حجرًا جديدًا في جدار قوّته النفسية.
اسمحي له أن يجرب، أن يتعثر، ثم ينهض مجددًا. بهذه الطريقة فقط، تربي طفلًا لا يخاف الحياة، بل يواجهها بثقة وصلابة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن خطأ تربوي تقع فيه كل أم يجعل طفلكِ خائفًا مدى الحياة!