التعليم المبكر للطفل له أهميّة كبرى في المساعدة في إعداد الأطفال للمدرسة، خاصّةً وأنّه يهيّئ المناخ لتكافؤ الفُرص بين الأفراد في المستقبل.
يشير تعبير “التعليم المبكر” إلى مرحلة التعليم التي تستهدف الأطفال في سنّ الطفولة المبكرة، والتي تشمل الفئات العمريّة من حديثي الولادة وصولًا الى عمر ثماني سنوات تقريبًا. يشمل هذا النوع من التعليم أنشطة عدّة تتنوّع بين الأنشطة التفاعليّة واللّعب الموجّه، ويهدف إلى تحفيز التفكير الإبداعي وتنمية الاستقلاليّة لدى الطفل، إذ يُركّز على تطوير المهارات الأساسيّة كالتواصل، اللّغة، والمهارات الاجتماعيّة والحركيّة لدى الصغار. كما يسعى إلى تعزيز وتنمية حبّ التعلّم لدى الأطفال، ما سيؤثّر بطبيعة الحال على نجاحهم في التعليم لاحقًا بشكلٍ إيجابيّة.
“الاستثمار الأكثر كفاءة”!
تشير في هذا السياق مُنظّمة الـ”يونيسف”، احدى منظّمات الأمم المتّحدة التي تُعنى بالأطفال حول العالم، الى أنّ الرعاية والتعليم في مرحلة مبكرة من الطفولة تُعدّ “الاستثمار الأكثر كفاءةً وفاعليّةً من حيث التكلفة ليسلك الأطفال درب التعلّم مدى الحياة وضمان حصولهم على فرصة عادلة لتحقيق إمكاناتهم”.
وتلفت الى أنّ التبكير بالبدء بتعليم الطفل يمهّد له الجوّ لتكافؤ الفُرص مُستقبلًا. فالتعليم المبكر يعطي الأطفال المهمشين، لأسبابٍ مُختلفة، كالفقر أو الأصل العرقي أو الإعاقة أو أيضًا بسبب موقعهم الجغرافي أو جنسهم، الدافع للانخراط بشكل كامل في عمليّة التعليم منذ بدايتها، وفق الـ”يونيسف”.
تعرّفي معنا على مختلف أهداف التعليم في المرحلة الابتدائيّة.
فوائد التعليم المبكر
كما ذكرنا، إنّ البدء بتعليم الطفل في سنّ مبكرة مُهمّ جدًّا وله دور كبير في تكوين شخصيّة الطفل، ونموه المتوازن، إذ يعود بفوائد واسعة النطاق على المجتمع، ومن شأنه أن يمنح جميع الأطفال تعليمًا جيّدًا. ومن أبرز فوائده، على الطفل بشكل خاصّ والمجتمع بشكل عام، نذكر:
- تطوير وتعزيز المهارات الأساسيّة: كالمهارات اللّغويّة والتواصل لدى الطفل، ما يسمح له بالتعبير عن نفسه وفهم الآخرين أيضًا.
- تنمية المهارات الاجتماعيّة: من أبرز فوائد التعليم المبكر، مساعدة الطفل على التفاعل مع أطفال آخرين وتعلّم التعاون والمشاركة، ما سيساعد مستقبلًا في بنائه لعلاقات صحيّة في كافّة مراحل حياته. إليك أهم المهارات الإستراتيجية لتربية أطفال مرنين في الحياة.
- تشجيع وتحفيز الاستقلاليّة: يتمكّن الأطفال الملتحقون بالتعليم المبكر من الحصول على فرصة استكشاف العالم من حولهم، الأمر الذي سيعزّز من استقلاليّتهم ويُنمّي ثقتهم بأنفسهم.
- تعزيز الصحة النفسيّة للطفل: عن طريق دعم نموّه العاطفي وتوفير بيئة آمنة ما سيساعده على معرفة كيفيّة التعامل مع مشاعره بشكل أفضل.
- تنمية الفكر الإبداعي والنقدي: يُعدّ هذا التعليم الطفل لمواجهة التحديّات المستقبليّة، إذ يُشجّع الطفل على التفكير الإبداعي والقدرة على حلّ المشاكل.
- تحسين الأداء الأكاديمي: يميل الأطفال الذين يتلقون تعليمًا مبكرًا، وفق ما تُظهر الدراسات، إلى تحقيق أداء أكاديمي أفضل في المراحل الدراسيّة المتقدّمة.
- فرص اكتساب المعرفة باكرًا: إذ يساعد الطفل على اكتساب مهارات والوصول الى المعرفة في مجالات مختلفة كالعلوم والفنون وغيرها بعمر صغير.
- إشراك الأهل في تعليم أبنائهم: يحثّ التعليم المبكر على التعاون الدائم بين الأهل ومعلّمي أطفالهم، ما يساعد على الوصول الى بيئة تعليميّة شاملة.
- الوصول الى أنظمة تعليمّية أكثر كفاءة وقادرة على تحقيق أهدافها بشكل أفضل: عند حصول الأطفال على التعليم المبكر النوعي، ما يعني التحاق مزيد من الأطفال بالمدرسة وانخفاض عدد الذين يكونون بحاجة إلى تعليم خاص أو المتسربين، والمعيدين لصفوفهم في سنّ أكبر.
- تخفيض الفجوات التعليمية: يساعد في تقليل الفجوات بين الأطفال من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة.
التعليم المبكر النوعي وأدواته التعليميّة
يمكن أن يكون التعليم المبكر جزءًا من برامج رياض الأطفال أو برامج التعليم المنزلي، فيتعاون الأهل والمعلمّون لضمان بيئة تعليميّة داعمة وإحاطة الطفل بكلّ ما يحتاجه في هذا المجال. وهناك طُرق عدّة لإعداد الأطفال للالتحاق بالمدرسة وتوفير فرص تعليم بعمر مبكر بنوعيّة وجودة عالية من خلال برامج قائمة على التعليم المنزلي والجماعي. وثمّة مكوّنات أساسيّة تجعل هذه البرامج ناجحة، وأهمّها:
- تتمحور أساليب هذه البرامج حول الطفل، وتوفّر له فرصًا للَّعب والاستكشاف.
- يُديرها معلّمون مدرَّبون ومُتخصّصون بـ”تعليم الطفولة المبكرة”.
- تدعم البرامج اللّغة الأم للأطفال وتستخدم مواد ذات صلة بالخلفية الثقافيّة لهم.
- تشجّع مشاركة العائلات والمجتمعات في تعلم الأطفال.
التعلّم المبكر حول العالم بالأرقام
خلال العقد الماضي ارتفع عدد الملتحقين بالتعليم المبكر، ولكن لا تزال سبل الالتحاق بالتعليم التمهيدي لا تتوفر لما يزيد عن نصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و6 سنوات أي ما يُعادل 159 مليون طفل حول العالم، وفق ما تُشير أرقام الدراسة التي قدّمتها منظّمة الـ”يونيسف”.
في هذا السياق، ينخفض احتمال التحاق أطفال الأسر الأكثر فقرًا بمرحلة التعليم التمهيدي عشرة أضعاف مقارنة بالأطفال لدى الأسر الأكثر ثراءً.
ومن بين الأطفال غير القادرين على الحصول على التعليم المبكر نذكر إضافةً الى أطفال الأسر الفقيرة: أطفال المناطق الريفيّة النائية، الأطفال الناطقين بلغات الأقليات، الأطفال من أصحاب الهمم، والأطفال المتأثرين بحالات الطوارئ كالحروب وغيرها.
برأيي الشخصي كمحرّرة، إنّ التعليم المبكر للطفل هو بلا شكّ استثمار مهمّ جدًّا، إذا لم يكن هو الأهمّ، في بداية حياة الطفل وتماشيًا مع نموّه. وكما يقول المثل “العلم في الصغر كالنقش في الحجر”، فما يتعلّمه الطفل منذ نعومة أظافره سيساهم في تطويره الشامل ويُعدّه لحياة أكاديميّة واجتماعيّة أكثر نجاحًا.
نقدّم لك أفكار انشطة لأطفال الحضانة: تنمي العقل وتعزز الذكاء.
