غالبًا ما تواجه الأمّهات تحدّياتٍ يوميّة مع أطفالهنَّ عندما يتعلّق الأمر بفرض القواعد والاستماع للتعليمات المتكرّرة. في الوقت نفسه، يبدو الأطفال أكثر التزامًا وهدوءًا بحضور الأب، وعادةً ما يكون الطفل مهذّبًا أكثر بوجوده.
فما السبب الذي يجعل الأطفال يتصرّفون بشكلٍ أفضل حين يكون الأب موجودًا؟ سنُجيبكِ عن جمع تساؤلاتكِ في الأسطر القادمة من هذا المقال الجديد على موقعنا.
تأثير الأب المميّز
من المعروف أنّ الأطفال يميلون إلى إحداث الفوضى وتجاهل توجيهات الأم، مثل أوقات النوم أو عادات النظافة. لكنّ المفاجأة تحدث عند ترك الأطفال مع الأب لفترةٍ قصيرة؛ يعود الطفل إلى الانضباط ويتّبع التعليمات، حتى في أبسط الأمور. يظهر أنّ للأب تأثيرًا خاصًا يمتد إلى تغير واضح في سلوك الطفل، وهو ما أكدته الدراسات، حيث وجدت أن دور الأب في التأثير على الأطفال يمكن أن يكون أقوى وأعمق من تأثير الأم.
أسلوب الأبوة الفعّال
يشرح رونالد رونر، مدير مركز دراسة القبول والرفض بين الأشخاص في جامعة كونيتيكت، في مقال منشور، أن الأبوة الفعّالة ترتكز على أسلوب متوازن يجمع بين الحب والانضباط. مع تفسير القواعد وإتاحة الاستقلاليّة المناسبة لعمر الطفل. هذا النوع من التربية يحقق نتائج ملحوظة، حيث يكون الأطفال أكثر استعدادًا لتقبل قواعد الأب واتباع توجيهاته مقارنة بما يحدث مع الأم.
لماذا يستجيب الأطفال للأب بشكل أفضل؟
تعدّدت الأسباب وراء هذا التفاعل الخاص بين الأب والأطفال، ومنها:
- الوقت والتفاعل الجديد: بوجهٍ عام، تمضي الأمّهات وقتًا أطول مع أطفالهن، ما يجعلهنّ أكثر عرضةً للمواجهة مع التصرّفات الصعبة. ومن جهةٍ أخرى، قد يكون تواجد الأب أقلّ تواترًا. ما يضفي نوعًا من التجديد في التفاعل بين الأب وأطفاله، ويشجعّ على السلوك الجيّد.
- اختلاف أساليب التربية: تتباين أساليب التربية بين الأب والأم، حيث تميل الأمهات غالبًا إلى التفاوض مع الأطفال والمرونة أحيانًا في الالتزام بالقواعد. بينما يكون الأب أكثر حزمًا، ما يجعل الأطفال أكثر استعدادًا للامتثال لتوجيهاته. هذا التنوّع في الأسلوب يجعل الأطفال يتصرّفون بطريقةٍ مختلفة مع كلّ من الوالدين.
- لغة الجسد وتأثيرها العاطفي: يتأثّر الأطفال بلغة الجسد والمشاعر التي تظهر عليهم. فإذا كانت الأمّ تعاني من الإرهاق، قد يتّسم تفاعلها بالتوتّر. في حين أنّ الأب الذي يكون في حاله العاديّة أكثر راحة وتفاعلًا قد ينعكس إيجابًا على سلوك الطفل. تعزّز هذه الطاقة المتجدّدة من رغبة الطفل في التصرّف بشكلٍ جيد.
- التعلّق العاطفي الآمن: يرتبط الأطفال عاطفيًا بالأم ويعتبرونها مصدر الأمان. هذا الارتباط يجعل الطفل يشعر بالراحة ليعبر عن مشاعره، حتى لو كانت متوترة أو معقّدة. بينما يعكس السلوك الهادئ مع الأب احترامًا خاصًا وشعورًا بالاستقلالية.
خطوات لتعزيز العلاقة بين الأم والطفل
يمكن للأمّهات تحسين تفاعل أطفالهنَّ من خلال اعتماد عدّة استراتيجيّات:
- التواصل الفعّال: من المهمّ أن تتحاور الأمّ مع طفلها لمعرفة مشاعره وتفهّم علاقته مع الأب، ممّا يساعدها على تعزيز التفاعل الإيجابي معه.
- خلق بيئة إيجابية: يمكن للأمّ تعزيز السلوك الإيجابي عند التفاعل مع الطفل عبر تشجيعه ومدحه على الأفعال الجيدة. فتخصيص وقت للأنشطة الممتعة والمشتركة كالرسم أو الموسيقى يمكن أن يقوي الروابط بينهم.
- أسلوب تربية مرن: يمكن للأمّ تبنّي أسلوب تربية أكثر مرحًا وحيوية، ما يشجع الطفل على الانسجام ويحفّز تفاعله الإيجابي.
- الاعتناء بالصحّة النفسيّة: عند شعور الأم بالتوتّر أو التعب، يمكن أن يؤثّر ذلك على تفاعلها مع الطفل. من المهمّ أن تأخذ وقتًا لنفسها وتبحث عن الدعم من العائلة أو الأصدقاء عند الحاجة.
- التعاون بين الوالدين: إنّ توحيد الأب والأم لأساليب التربية المتَّبعة يعزّز انسجام الطفل ويقلّل الفروقات في سلوكه بين الوالدين.
- استشارة الخبراء عند الحاجة: إذا استمرّ اختلاف سلوك الطفل بشكلٍ ملحوظ بين الوالدين، قد يكون من المفيد استشارة مختصين في علم النفس لتقديم إرشادات محدّدة للتعامل مع المشكلة.
بهذه الطرق، يمكن للأمّهات تعزيز الروابط مع أطفالهن وتشجيعهم على التصرف بشكل أفضل، تمامًا كما يفعلون مع الأب. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح لتربية طفل واثق وسوي نفسيًّا.