من فنانة تشكيلية ومصممة الجرافيك إلى مؤلّفة قصص أطفال،حكاية فيها الكثير من الإبداع بطلتها مها الخلاوي التي خصّتنا بحديث خاص راويةً”قصصها” مع “عالمي السري”، القصّة الخاصّة بعالم الخيال من ضمن مجموعة “عدّة الحياة”.
مها الخلاوي، الكاتبة الحساسة والمؤلّفة بروح فنية لبقة، تكشف عن أهمية القصص للأطفال، دور الأهل وأحلامها المستقبلية. تابعي تفاصيل اللقاء:
مها الخلاوي: الرسائل البسيطة والوقع الكبير
- أخبرينا عن أصداء “عالمي السري” من سلسلتك الأولى “عدّة الحياة”؟ وما هي أبرز ردود الأفعال التي لفتتك؟
“عالم السري” الذي صدر في يناير كان أوّل كتاب من سلسلة “عدة الحياة” التي تتضمّن 3 كتب. الأصداء وردود الفعل كانت مثيرة للإهتمام. في الحقيقة، أتوجّه إلى فئتين من الجمهور عندما أكتب وهما الأهل والأطفال، ويهمّني أن أسمع رأيهم جميعًا. وأبرز تعليق على الكتاب كانت رسالة صوتية تلقّيتها من أم لا أعرفها، تقول في الرسالة إنّها اشترت الكتاب لأطفالها وأعجبهم كثيرًا لدرجة أنّ ابنتها الصغيرة بدأت تبني في غرفتها عالمها السري بالبطانيات، وعند اقتراب وقت النوم دعت شقيقها لينام عندها، في عالمها السري.
عندما سمعت رسالة هذه الأم فرحت كثيرًا لأن القصّة لم تبني فقط العلاقة بين الأهل وأطفالهم وإنّما خلقت لغة مشتركة بين الأخ والأخت.
2. ما هي أبرز الرسائل التي تختبئ خلف هذا العمل؟
لكل قصّة رسالة، ورسالتي في قصة “عالمي السري” بسيطة مستوحاة من تجاربي في الحياة، وكنت أتمنّى لو كنت أعرفها في سنٍّ مبكر لأنّها كانت ستساعدني في مواقف أتعبتني.
أبرز رسالة في قصّة “عالمي السري” أنّ عالم الخيال مهم ونريد التمسّك به. إذا استطعنا أن نتخيل العالم الذي نريد أن نعيش فيه يمكننا تحقيقه. والأطفال لديهم خيالا واسعا بالفطرة ولكن قد نفقد هذا الأمر عندما نكبر، فهدف هذه القصّة أن نحافظ على هذه الموهبة وألا نضيّعها.
3. أخبرينا أكثر عن سلسلة ” عدّة الحياة” ولماذا اخترت هذا الإسم؟
سلسلة “عدّة الحياة” تتضمّن 3 كتب سيقدّم كل واحد منها أداة لتحسين نوعية الحياة. تتوجّه هذه المجموعة للصغار بشكل عام إلّا أنّها مناسبة لأي عمر. سميتها “عدّة الحياة” لأنّها مجموعة من الأدوات، وفي حال نجحت هذه الأدوات يمكنني أن أكتب عن المزيد.
و”عائلتي” تنصحك أن تضيفيها إلى قصص قبل النوم للاطفال!
4. وماذا عن كتابك الجديد “عدسات القوّة” الذي أطلقته منذ أسبوعين؟
يحمل كتاب “عدسات القوة” رسالة أساسية ترتكز على أنّ أفكارنا تكوّن نظرتنا للأمور وتكوّن أيضًا ردود فعلنا ومفهومنا للحياة. فإذا قلت لنفسي الناس أشرار ويريدون أن يخدعوني أو يسرقوني فسوف أتعامل معهم على هذا الأساس وسأكون لئيمة أو باردة لأنني لا أثق بهم. ويؤدي ذلك إلى عزل نفسي عن المجتمع لمجرد أنّي قلت لنفسي هذه الفكرة.
الأمر نفسه ينطبق على النجاح، عندما أقول لنفسي لا أستطيع أن أقوم بأمر معيّن أو أحقق حلم معيّن. هذه الأفكار هي التي تمنعنا من تحقيق النجاح والأحلام. لذا علينا تغيير نظرتنا للعالم من “عدسة الضعف” إلى “عدسة القوّة”. من المهم أن ننتبه إلى أفكارنا لكي نستطيع تغيير نظرتنا وبالتالي تجربتنا في الحياة.
تعتبر هذه الفكرة معقّدة بالنسبة للأطفال من هم بين سن الرابعة والثماني سنوات، لكن حاولت أن أبسّطها قدر الإمكان في الكتاب لكي يفهمها الأطفال، ولكي يتكّمن أهلهم أيضًا من فهمها. من المهم بالنسبة لي أن يكون الأهل وأي مربّي على نفس الموجة مع الأطفال، لذا خصصت في كل كتاب الصفحة الأخيرة للأهل أو للمربّي أو للمدرّسة، عنوانها “أساليب مناقشة المحتوى”. يستطيعون من خلال هذه الصفحة استعمال بعض الأسئلة لتعزيز الدروس الموجودة في القصة.
5. بعد تجربة حافلة في مختلف أنواع الفنون، ونجاحات كثيرة، هل سعادة طفل بعملك لها وقع مختلف عليك؟
الأطفال يتصرّفون بعفوية ولا يجاملون. ردّة فعلهم تؤثّر عليّ بشكل مختلف لأنني أعلم أنها غير مفلترة، خالية من المجاملة ونابعة من القلب. والأهم بالنسبة لي أنني أقدّم ما يمكنه أن يرافقهم ويؤثّر على مستقبلهم بطريقة إيجابية. لهذا السبب أظنّ أن التعامل مع الأطفال يكون مختلف جدًّا عن التعامل مع الكبار.
6. كيف أثّرت خبرتك العميقة في هذا العمل؟ وهل من أي تحديّات واجهتها؟
أظنّ أن خبرتي أثّرت في هذا العمل لأنني أصبحت أعلم نقاط القوة والضعف لديّ. اكتشفت أنني أستطيع الكتابة والرسم، أمّا نقطة ضعفي في هذا المجال فكانت النشر والتوزيع. لذا سعيت للتعامل مع ناشر يفهم حقيقةً ما أريد، يعطيني حريّة التعبير ويدعم هذا العمل. علّمتني خبرتي ألا أخجل بكتاباتي بل أتكلّم عنها وأتقبّل مساعدة من هم حولي.
من ناحية التحديات، كان عليّ أن أتخطّى خوفي من الفشل وتحديد ما أريد حقًّا من هذا العمل. كان تعريف النجاح بالنسبة لي تحدٍّ أيضًا.
7. ما هو تأثير القصّة على تربية الأطفال؟ وهل فقدت أهميّتها في عالم السوشيل ميديا؟
لدي ثلاث أخوات كل واحدة منهنّ لديها طفلين الأمر الذي يساعدني في تكوين صورة موضوعية حول كيف يكبر الأطفال. وقد لمست أنّه لا يزال الأطفال يعشقون القصص. كما قرأت مقالة يومًا نشرت دراسات تعالج الأمور التي تؤثّر على قراءة الأطفال، واكتشفوا أنّ الأطفال يقرأون عندما يرون كتبًا كثيرة وعندما يكتشفون أنّ أهلهم يحبّون القراءة. لا أظنّ أنّ القصص فقدت أهميّتها في عالم السوشيل ميديا، وهذا يعتمد على الأهل وعلى مدى قدرتهم على أن يكونوا إمّا القدوة في القراءة أو القدوة في الجلوس على الهواتف المحمولة. الأطفال يتعلّمون بالقدوة لا بالكلام!
القصّة حتّى الآن لها مكانة. تعتبر قصص الأطفال، بالنسبة لي وبالإستناد إلى بعض المراجع، أول مجموعة فنية منسّقة. فهي ليست فقط محتوى نصيّ وإنّما تقدّم المحتوى الفني أيضًا، لأنّها تتضمّن الرسومات المعبّرة عن الكلمات التي قد تكمّل وتزيد المعنى. وأتوقّع عندما يرى الأطفال رسالة قوية إن كانت على السوشيل ميديا أو في كتاب ستسرق انتباههم، فالمهم هو الرسالة وليس الوسيلة.
أفضّل الكتب على السوشيل ميديا لأنّ الكتاب يمكن لمسه والشعور به. أحبّ قصص الأطفال لأنّها كناية عن “رسمة زائد كلام”.
8. أين هو دور الأم؟ وماذا تقولين لكل أم تتجاهل سرد القصص لأطفالها؟
لن أقول لها شيئًا. فأنا لا أعرف ظروفها والمسؤوليات التي تحملها لكي أقول إنّه يجب عليها أن تسرد القصص لأطفالها. هناك دور لأي مربّي لكي يكون مؤثّر في نمو وتطور الطفل وسعادته. من الجميل أن يكبر الطفل على هذه العلاقة مع أهله حتى عندما يبلغ سن السابعة من عمره يتمكّن من القراءة بنفسه. إن القراءة عالم جميل للأطفال، يفتح لهم المجال ليصبحوا مستقلّين. لا أحكم على أي أمّ لأنّه لكل أم ظرفها الخاص وهي من تقرر القراءة لطفلها أم لا، مع العلم أنّه يمكن لأي شخص آخر أن يقرأ للطفل إن كان الأب أم الجدّة أم الخالة.
9. ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟ وهل الأطفال حصّة فيها؟
إذا نجحت هذه المجموعة وكانت مطلوبة من الناس، لدي أفكار لأدوات أخرى يمكن أن أضيفها على “عدّة الحياة”. بالإضافة إلى ذلك هناك خطط أخرى أرغب في تحقيقها ومنها إقامة بودكاست مع صديقة لي للحديث عن الإبتكار المؤسسيّ. الموضوع مختلف والجمهور مختلف إذ يطال الكبار والمحترفين. لا زلنا نعمل على هذا المشروع وأتمنى أن نستطيع تحقيقه. وواحد من المشاريع الأخرى التي أرغب في تحقيقها إصدار كتاب للطفل الداخلي. إنّه كتاب للكبار مع أنّه يتكلّم مع الطفل الداخلي، يتضمّن رسائل بسيطة عن الحياة مع رسومات على أن يكون ممتع.
أخيرًا، بمجرد النظر إلى الكتب مع طفلك والتحدّث عنها، يمكنك أن تكوني راوية رائعة ونموذجًا جيدًا لاستخدام اللغة والكتب، وبخاصّةٍ في عالم اليوم، بحيث أنّ أطفال “كورونا” يتحدّثون أقلّ من غيرهم. سيتعلمّ طفلك من خلال مشاهدتك تمسكين كتابًا بالطريقة الصحيحة ورؤيتك تقلّبين الصفحات بلطف. فكوني النموذج له!