إنّ التعرّف على الفرق بين الحلم والرؤيا هو سؤال يراود الكثير من النساء. عند الاستيقاظ من منام غريب أو مشهد مؤثر، قد تسألين نفسك: هل هذا حلم عادي؟ أم رسالة من الله؟ لا شك أن الرغبة في الفهم تزداد مع تكرار هذه الرؤى أو الأحلام. خصوصًا إن كانت تتعلق بحياتكِ الخاصة أو بأشخاص مقرّبين.
في هذا المقال، سنتناول بإسهاب كيف تفرّقين بين الحلم والرؤيا، استنادًا إلى ما جاء في الأحاديث النبوية والعلوم النفسية الحديثة. سنتعرّف معًا على علامات الرؤيا، وما يميّزها عن الحلم، وسنناقش الفرق بين ما يُرى قبل الفجر وما يُرى بعده. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفسير حلم السيل بدون مطر.
كيف أميّز بين الحلم والرؤيا؟
ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا ؟ الرؤيا ليست حلمًا عاديًا. إنها تجربة غالبًا ما تكون واضحة ومنظمة وغير مشوّشة. بعد الاستيقاظ، تشعرين براحة نفسية أو يقين داخلي بأنها تحمل معنى ما. علماء النفس مثل Calvin Hall يميّزون بين الأحلام الناتجة عن أنشطة ذهنية، وبين الرؤى التي تتضمن رسائل معنوية أقوى وأكثر استقرارًا.

أما الحلم، فهو وليد الدماغ. يحدث عندما يحاول العقل معالجة أحداث اليوم، أو عندما تخرج مشاعر دفينة من اللاوعي. قد تحلمين بأحداث غريبة، غير مترابطة، مليئة بالفوضى أو الرموز العشوائية. هذه الأحلام لا تحمل بالضرورة دلالة حقيقية.
كذلك، في الرؤيا غالبًا ما تكون الرموز مفهومة أو مرتبطة بشعور قوي كالسكينة أو الانشراح أو الراحة النفسية. بينما في الحلم، قد تستيقظين مشوّشة أو قلقة من دون سبب واضح.
متى يكون ما رأيته حلمًا ومتى يُعدّ رؤيا؟
ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا ؟ في الحديث الشريف، قيل إن الرؤيا “جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة”، ما يدل على أن للرؤى مصدرًا سماويًا لا يمكن إنكاره. ويقول العلماء المسلمون إن الرؤيا تأتي من الله، أما الأحلام فإما من النفس أو من الشيطان.

- الرؤيا من الله: تكون صادقة، وموجزة، وفيها إشارات أو دلالات رمزية لكن واضحة. وتحمل شعورًا بالطمأنينة.
- الحلم من النفس: يعكس الشعور بالقلق والتوتر، أو أفكارًا لم تُحسم خلال اليوم.
- الحلم من الشيطان: يثير الخوف، أو يتضمن مشاهد مزعجة، ويُعرف في الشريعة بـ”أضغاث الأحلام”.
ما يُساعدكِ على التمييز هو الإحساس الداخلي. إذا شعرتِ براحة وقوة بعد الاستيقاظ، فغالبًا ما رأيتِه رؤيا. أما إذا كان المشهد فوضويًا أو سببًا للقلق، فهو أقرب إلى حلم عابر.
ما الفرق بين الحلم قبل الفجر وبعده؟
ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا ؟ في علم النوم، يمر الجسم بمراحل مختلفة خلال الليل. المرحلة التي تحدث فيها أكثر الأحلام تُعرف باسم نوم حركة العين السريعة (REM)، وتكون أكثر كثافة قبل الفجر.

ذكر علماء النفس الإسلامي أن الرؤى الصادقة تظهر غالبًا في السحر، أي قرب الفجر، عندما يكون الجسم في حال استرخاء والعقل خاليًا من التشتت. هذه الفترة تُعَدّ وقتًا روحانيًا عالي التأثير، حيث تكون الروح أقرب إلى عالم الغيب.
أما الأحلام التي تحدث في أول الليل، فهي في الغالب نتيجة تعب أو انشغال ذهني. أشارت دراسة من Harvard Medical School عام 2018 إلى أن الأحلام المبكرة في النوم أكثر فوضوية وأقل وضوحًا.
لذلك، توقيت الرؤيا يساعدكِ على التمييز. ما ترينه قبل الفجر له احتمال أكبر أن يكون رؤيا، خاصة إن رافقته طمأنينة داخلية.
كيف تؤثر حالتكِ النفسية على الأحلام والرؤى؟
ما هو الفرق بين الحلم والرؤيا ؟ وكيف يتأثّر كلّ منهما بالحال النفسيّة؟ العقل الباطن هو العنصر الأساسي في صناعة الأحلام. إذا كنتِ تمرّين بقلق أو توتر، سترين أحلامًا مرتبطة بمشاعر الخوف أو الارتباك. في المقابل، الراحة النفسية وطمأنينة القلب تفتحان المجال لظهور رؤى حقيقية.
علم النفس التحليلي، كما طرحه Sigmund Freud وCarl Jung، يرى أن الأحلام تترجم صراعات داخلية أو رغبات دفينة. أما الرؤيا، فهي خارج هذا التحليل؛ إذ لا تُنتجها النفس، بل تأتي من مصدر علوي، وترتبط غالبًا بحال روحية نقية.
لهذا السبب، لا يمكن أن تكون كل رؤية ناتجة فقط عن الحال النفسية. بل إن بعض الرؤى قد تتجلّى حتى في أصعب الظروف النفسية، كإشارة أو لطف إلهي.
الخلاصة
معرفة الفرق بين الحلم والرؤيا تمنحكِ فهمًا أعمق لنفسكِ، ومفتاحًا للتعامل مع ما ترينه أثناء نومكِ. قد تكون الرؤيا رسالة، أو بشارة، أو حتى إنذار. أما الحلم، فمرآة لأفكاركِ ومشاعركِ اليومية. لا تُرهقي نفسكِ بمحاولة تفسير كل حلم. فقط استمعي إلى قلبكِ بعد الاستيقاظ، فهو يدلكِ غالبًا إن كان ما رأيتِه مجرد خيال أو نورًا من الله. وثقي دائمًا أن الرؤيا الصادقة تحمل في طيّاتها لطفًا من الله، وقد تكون دليلًا لكِ في قراراتكِ إن أحسنتِ استقبالها. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تفسير حلم الخيل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الفرق بين الحلم والرؤيا هو انعكاس حقيقي للعلاقة بين الروح والعقل. الرؤيا لا تأتي عبثًا، بل تحتاج إلى قلب صادق، ونية نقية. لذلك، أنصحكِ بالاهتمام بنقاء نيتكِ وأفكاركِ قبل النوم. اقرئي الأذكار، واطلبي من الله أن يُريكِ ما فيه خير لكِ. لا تقلقي إن رأيتِ حلمًا مزعجًا. تجاهليه، ولا تُشغلي قلبكِ به. أما إن رأيتِ رؤيا جميلة، فاشكري الله عليها، واحفظيها في قلبكِ، ولا تُخبرين بها إلا من تثقين به.