أكثر سؤال سمعته خلال مرحلة حملي وبعد ولادة طفلي، هل تقومين بالرضاعة الطبيعية؟ هناك ضغط اجتماعي مهول يمارس في هذا الشأن تحديداً، خصوصاً بالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين، إذ إن الأمر مذكور في القرآن الكريم، على رغم أن الأم والزوجة ليست مجبرة على هذا الأمر، ففي عهد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كانوا يوظّفون مرضّعة للقيام بهذه المهمة.
ولكن، وكعادة العرب، فإننا نهوى وضع الأشخاص ضمن قوالب وأطر محدّدة، وأي شخص يتمرّد على هذه القوالب يكون الحلقة الأضعف في نظرنا. أذكر أنني أثناء حملي كنت مجبرة على الإصغاء للحديث عن "ميزات" الرضاعة الطبيعية للأطفال ملايين المرات، فالجميع مهووس بهذا الأمر، ولا ينحصر الموضوع بجهة واحدة، من محطات الإذاعة، ومواقع التواصل الاجتماعي، وصديقاتي، وحتى في غرفة الصلاة في شركتي وجدت امرأة تقوم بإرضاع طفلها كل يوم أثناء استراحة الغداء أيضاً!
لست جاهلة بشأن هذه المزايا، وأردت تجربة الأمر من أجل طفلتي، ولكن الفكرة كانت مخيفة بالنسبة لي، فلم أظن بأنني سأتمكن من السيطرة على الأمر، خصوصاً أنني أم عاملة في نفس الوقت. والحقيقة لم أتوقع بأن يكون الأمر مؤلماً، وأن يتطلّب هذا القدر من الصبر، ويحتاج كل هذا الجهد والتدريب حتى تمكّنت من إتقانه، وبالرغم من كل ذلك فإنني أفعل هذا الأمر من أجل طفلتي، وطالما أن الله يمنحني الصبر والقوة.
لا أزال مقتنعة بأن الأمر قرار شخصي بالكامل، ولا ضير إن لم ترد الأم القيام به، وأشجّع الأمهات للقيام بما يشعرهن بالرضى عن أنفسهن، وكل ما يستطعن تقديمه من الحب لأطفالهن هو كل ما يحتاجه الطفل فعلاً في نهاية الأمر..
> أمي أرضعتني ٣٠ يوماً فقط وبعد مضي ٣٠ عاماً نادراً ما أمرض وعلاقتي بأمي فوق الرائعة
ونصيحتي لكل الأمهات هي القيام بما يسعدكن حقاً، فالرضاعة الطبيعية هي أمر مفيد لصحة الطفل، كما يمنح شعوراً بالدفء للقلب، ويخلق رابطاً خاصاً بين الأم والطفل.
ولكن بعض الأمهات لا يستطعن القيام بهذا الأمر لأسبابهنّ الخاصة، وهذا الأمر لا يعني بأي شكل التقليل من حجم حبك وعلاقتك بطفلك، فأمي على سبيل المثال أرضعتني لمدة ٣٠ يوماً فقط، وبعد مضي ٣٠ عاماً فإنني أملك نظام مناعة قوي جداً الحمدلله، ونادراً ما أمرض أو أتعرّض لأي مشاكل صحية جدية، وعلاقتي بأمي فوق الرائعة، إذ إنها طالما كانت وستبقى أفضل صديقة ورفيقة لدربي..
إقرأي ايضًا: ما هي طريقة الرضاعة الصحيحة؟