تتعدّد اسباب تساقط الشعر عند الاطفال وتُقلِق كل أمّ تلاحظ خفّته أو وجود فراغات في رأس طفلها، سواء في الجانبين أو في مؤخرة الرأس. فالشعر يُعَدّ مؤشرًا بصريًا على صحة الطفل الجسدية والنفسية. عندما يتساقط الشعر خارج المعدّل الطبيعي، تبدأ التساؤلات: هل السبب عضوي؟ أو نقص في الفيتامينات عند الاطفال؟ أم مشكلة نفسية؟
سنشرح في هذا المقال أكثر الأسباب شيوعًا التي تؤدي إلى تساقط الشعر عند الأطفال. كما سنحدّد المؤشرات التي تستدعي زيارة الطبيب، بالإضافة إلى تقديم حلول فعالة قائمة على دراسات طبية. سنتطرّق أيضًا إلى الكشف عن الفرق بين التساقط الطبيعي والتساقط المرضي، وكيف يمكن أن تميّزي بينهما بسهولة.
عالجي السبب من الجذور
يُعَدّ نقص الحديد من أكثر اسباب تساقط الشعر عند الاطفال شيوعًا في العالم، خاصة في الفئة العمرية بين سنتين وخمس سنوات. عندما ينخفض مستوى الحديد في الدم، يتأثّر نموّ الشعر بشكل مباشر لأن الأوكسجين لا يصل بكفاءة إلى بصيلات الشعر.

أكدت دراسة منشورة في Journal of Pediatric Hematology/Oncology أن الأطفال الذين يعانون من فقر الدم لديهم نسبة أعلى بمرتين لتساقط الشعر مقارنةً بأقرانهم الذين لديهم مستويات حديد طبيعية.
تحققي من وجود عوارض مرافقة مثل: الشحوب، والشعور بالتعب، وفقدان الشهية، وبرودة الأطراف. عند الشك، قومي بإجراء فحص دم لتحديد مستوى الفيريتين والهيموغلوبين.
ابدئي بعلاج السبب الأساسي بإشراف طبيب أطفال. قد يوصي بتناول مكملات حديد، أو تعديل النظام الغذائي ليتضمّن أطعمة غنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء، والعدس، وصفار البيض.
لاحظي علامات الثعلبة البقعية
تصيب الثعلبة البقعية ما يُقارب 2% من الأطفال، وتُعَدّ من اسباب تساقط الشعر عند الاطفال المناعية غير المعدية. تبدأ على شكل بقعة صغيرة خالية من الشعر، غالبًا في منتصف الرأس أو على الجانبين، وتكبر تدريجيًا من دون تسبّب ألم أو احمرار.
تظهر هذه الحال نتيجة خلل في جهاز المناعة يجعل الجسم يهاجم بصيلات الشعر. أكّدت دراسة في Pediatric Dermatology أن العامل النفسي يمكن أن يفاقم الحال، خاصّةً عند الأطفال المعرّضين للشعور بالضغط أو التوتر.
سارعي إلى زيارة طبيب جلدية لتأكيد التشخيص. يصف الأطباء غالبًا كريمات موضعية تحتوي الكورتيزون، أو جلسات علاج ضوئي للأطفال الأكبر سنًا.
ادعمي الطفل نفسيًا. لا تظهري الخوف أمامه. ثقي أن العلاج المبكر يُعطي نتائج ممتازة.
انتبهي إلى العادات الخاطئة
تؤدي ممارسة بعض السلوكيات اليومية إلى تساقط الشعر، خاصّةً إذا تكرّرت لمدّة طويلة. وتُعتبر هذه من اسباب تساقط الشعر عند الاطفال القابلة للوقاية.

من أكثر العادات شيوعًا:
- شد الشعر إلى الخلف بقوة أثناء ربطه
- تمشيط الشعر وهو مبلّل
- استخدام فراشي خشنة
- النوم على وسادة خشنة أو قطنية تمتصّ الزيوت
اتّبعي خطوات بسيطة: اختاري مشطًا بأسنان عريضة. جفّفي شعر طفلتك بلطف. اربطيه بطريقة مريحة. ويفضّل استخدام وسادة من الحرير أو الساتان لتقليل الاحتكاك الليلي.
لا تهملي الجانب النفسي
تؤدّي العوامل النفسية دورًا كبيرًا في نموّ الشعر. يعتبر نتف الشعر اضطرابًا نفسيًا شائعًا، حيث يلجأ الطفل لشدّ شعره بسبب الشعور بالتوتر أو القلق. يشمل ذلك الرموش، والحاجبين، أو مناطق محدّدة من الرأس. ويُصنّف كأحد اسباب تساقط الشعر عند الاطفال المرتبطة بالسلوك القهري.
أظهرت أبحاث نُشرت في Journal of Child Psychology and Psychiatry أن الأطفال الذين يتعرّضون لضغوط عاطفية أو تغييرات مفاجئة في حياتهم (طلاق، ومدرسة جديدة، أو ولادة أخ) يكونون أكثر عرضة لهذا السلوك.
راقبي الطفل أثناء اللعب أو الجلوس بمفرده. في حال لاحظتِ سلوكًا متكرّرًا، توجّهي إلى مختصّ نفسي. يعتمد العلاج على تقنيات سلوكية داعمة، وأحيانًا على جلسات علاج معرفي سلوكي.
اعرفي الفرق
يمرّ شعر الطفل بدورات نموّ طبيعية، خاصّةً في مراحل النموّ السريع. ويُعتبر هذا التساقط جزءًا من التطوّر الفسيولوجي، وليس دائمًا مقلقًا.

في الشهور الأولى بعد الولادة، يعاني أغلب الرضّع من تساقط طبيعي يُعرف باسم telogen effluvium. يحدث ذلك نتيجة لتغيّر الهرمونات بعد الولادة. ثم ينمو الشعر تدريجيًا من جديد.
لا تقلقي في هذه الحالات:
- إذا كان الشعر يتساقط بشكل عام وليس في بقع
- إذا لم تظهر فراغات واضحة
- إذا بدا الطفل بصحة جيدة من دون عوارض مرافقة
راقبي التغيّرات بهدوء. استخدمي شامبوًا لطيفًا للأطفال، وامنحي فروة الرأس تهوية كافية.
الخلاصة
ترتبط اسباب تساقط الشعر عند الاطفال بعوامل متعددة: منها ما هو جسدي، ومنها ما هو نفسي، وبعضها سلوكي بحت. كلّما كان التشخيص مبكرًا، زادت فرص العلاج الفعّال واستعادة كثافة الشعر.
تذكّري أنّ الشعر ليس فقط زينة للطفل، بل مرآة لحاله الصحية والنفسية. لا تهملي أي علامة، وابدئي بالتحقيق برفق. اجمعي الملاحظات، وتوجّهي إلى الأطباء المختصين من دون تأخير. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ المزيد عن صدفية الشعر عند الاطفال.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن أن تساقط الشعر ليس مجرّد عرض جمالي، بل رسالة من جسد الطفل تستحقّ الإصغاء. الأم الواعية لا تنتظر أن تتفاقم المشكلة، بل تتحرّك بسرعة وتمنح طفلها العناية اللازمة. أنصح كل أمّ بمراقبة صحة طفلها يوميًا، ليس فقط بالنظر إلى شعره، بل إلى سلوكه، تغذيته، ونومه. الشعر سينمو من جديد، لكن الوقاية والدعم العاطفي يزرعان الثقة التي تبقى مدى الحياة.