تُعتبَر مشكلة خوف الأطفال من المدرسة من التحدّيات التي تواجه الكثير من الأسر، حيث يشعر الطفل بالقلق والتوتر عند اقتراب موعد العودة إليها أو حتى خلال السنة الدراسية، وقد تتجسّد هذه المشكلة في صور متعدّدة مثل البكاء، الشكوى من آلام جسديّة، أو رفض الذهاب إلى المدرسة، وهذا لا تؤثّر فقط على الجانب الأكاديمي، بل قد يمتدّ ليؤثّر على الصحّة النفسيّة والعاطفيّة للطفل، ممّا يتطلب تدخلًا سريعًا وفعّالًا من الأهل والمعلمين لمكافحة أبرز مشاكل الأطفال في المدارس والتعامل معها.
في هذا المقال، سنتطرّق إلى الأسباب المحتملة لظهور مشكلة خوف الأطفال من المدرسة ، وسنقدّم بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعد الأهل في فهم ما يمرّ به الطفل، وكيفيّة التعامل معها بطرق علميّة ونفسيّة مثبتة، وأخيرًا سنختتم المقال بتقديم نصائح عملية للأهل لمساعدة الطفل على تجاوز هذا الخوف بنجاح.
أسباب خوف الطفل من المدرسة
ما هي أسباب مشكلة خوف الاطفال من المدرسة ؟ من المهمّ أن نبدأ بفهم الأسباب التي قد تدفع الطفل إلى الخوف من المدرسة، ففهمها يساعد الأهل في تحديد الطريقة المثلى للتعامل مع المشكلة، لذا سنكشف لكِ في ما يلي عن أبرزها:
الانفصال عن الوالدين
واحدة من أكثر الأسباب شيوعًا خلف مشكلة خوف الأطفال من المدرسة هي القلق الناتج عن الانفصال عن الوالدين، خاصةً لدى أولئك الذين لم يعتادوا الابتعاد عن المنزل لفترات طويلة، وهذا القلق قد يكون طبيعيًا في البداية، لكنه قد يتحوّل إلى مشكلة إذا لم يتم التعامل معه بشكلٍ صحيح.
التعرض للتنمر
إنّ التعرّض للتنمر في المدرسة، سواء كان جسديًا أو لفظيًا، يُعدّ من أكبر الأسباب التي تجعل الطفل يشعر بالخوف من الذهاب إليها، فالطفل الذي يتعرّض لهذه المشكلة قد يشعر بأنّه غير آمن في المدرسة، ممّا يجعله يرفض الذهاب إليها أو يشعر بالقلق الشديد قبل كل يوم دراسي.
الخوف من الفشل الأكاديمي
يشعر بعض الأطفال بضغطٍ كبير لتحقيق النجاح الأكاديمي، لذا إذا شعر الطفل بأنه غير قادر على تحقيق التوقّعات الملقاة على عاتقه، فقد يبدأ في الخوف من الذهاب إلى المدرسة ليتجنّب الفشل أو خيبة الأمل، وهذا يتعلّق بتأثير العلامات المدرسية.
التغيير في البيئة الدراسيّة
إنّ الانتقال إلى مدرسة جديدة، أو حتى الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، يمكن أن يكون تجربة مقلقة للطفل، فالشعور بالغربة وعدم الانتماء في بيئة جديدة قد يدفعه إلى الخوف من الذهاب إلى المدرسة.
الأسئلة التي يمكن طرحها على الطفل لمعرفة سبب نفوره من الذهاب إلى المدرسة وتحليل الإجابات
لكي يتمكن الأهل من فهم مشكلة خوف الأطفال من المدرسة بشكلٍ أفضل، من الضروريّ أن يتواصلوا مع الطفل بطريقة فعّالة، لذا فإنّ طرح الأسئلة الصحيحة يمكن أن يساعد في كشف الأسباب الكامنة وراء هذا الخوف، لذا سنعرض لكِ أهمّها في ما يلي:
“هل تشعر بالراحة في المدرسة؟”
هذا السؤال يُعدّ نقطة انطلاق جيدة لفتح حوار مع الطفل، فمن خلال طرحه، يمكنه أن يعبّر عن مشاعره بخصوص المدرسة بشكل عام.
“هل هناك شيء يزعجك في المدرسة؟”
يمكن أن يكشف طرح هذا السؤال عن مشاكل محدّدة يواجهها الطفل في المدرسة، سواء كانت تتعلّق بالمعلّمين، الزملاء، أو حتى البيئة المدرسيّة نفسها.
“هل هناك أحد يضايقك في المدرسة؟”
يمكن أن يكشف هذا السؤال عن وجود حالات تنمّر أو سوء معاملة، فإذا أجاب الطفل بالإيجاب، يجب على الأهل اتّخاذ الإجراءات المناسبة بالتعاون مع المدرسة لضمان سلامة الطفل.
“هل تجد الدروس صعبة؟”
من خلال طرح هذا السؤال، يمكن للأهل معرفة ما إذا كان الطفل يعاني من صعوبات أكاديميّة تجعله يشعر بالقلق والخوف من الفشل.
عند تحليل الإجابات، يجب أن يكون الأهل على دراية بأن الطفل قد لا يكون قادرًا دائمًا على التعبير عن مشاعره بوضوح، لذلك، من المهمّ الاستماع بعناية وتقديم الدعم اللازم بدون التقليل من مشاعره أو الضغط عليه.
الإجراءات التي يجب اتّخاذها لحلّ هذه المشكلة
بعد فهم الأسباب الكامنة وراء مشكلة خوف الأطفال من المدرسة ، يجب على الأهل اتّخاذ خطوات فعّالة لمساعدة الطفل على التغلب على هذا الخوف، لذا سنقدّم لكِ بعض النصائح والتوجيهات في ما يلي:
تعزيز الثقة بالنفس
من الضروريّ أن يشعر الطفل بالدعم والثقة من قبل والديه، لذا يمكن للأهل تعزيز ثقته بنفسه من خلال التشجيع المستمرّ والإشادة بإنجازاته الصغيرة، فهذا يساعده على بناء صورة إيجابيّة عن نفسه وعن قدراته.
التواصل مع المدرسة
يعتبر التعاون مع المدرسة خطوة أساسيّة لحلّ مشكلة خوف الأطفال من المدرسة، لذا يجب على الأهل التحدّث مع المعلمين والإدارة لفهم المزيد عن ما يحدث في المدرسة وكيف يمكنهم دعم الطفل بشكل أفضل.
توفير بيئة آمنة وداعمة في المنزل
المنزل هو المكان الذي يجب أن يشعر فيه الطفل بالأمان والدعم، فإذا كان يشعر بالراحة في المنزل، سيكون لديه القدرة على مواجهة تحدّيات المدرسة بثقة أكبر، لذا يمكن للأهل توفير بيئة هادئة ومحفّزة للتعلّم، وتقديم الدعم النفسي للطفل عند الحاجة.
التوجيه التدريجي
في بعض الحالات، يمكن تطبيق مبدأ التوجيه التدريجي للطفل إلى المدرسة، كما يمكن البدء بأوقات قصيرة في المدرسة وزيادتها تدريجيًا حتى يعتاد على الروتين المدرسي، فهذا النهج يمكن أن يساعد في تقليل الخوف بشكل تدريجي من دون أن يشعر الطفل بضغط كبير.
الاستعانة بخبير نفسي
إذا كانت مشكلة خوف الأطفال من المدرسة تتفاقم أو إذا لم تفلح الأساليب المعتادة في التخفيف من هذا الخوف، قد يكون من المفيد الاستعانة بخبير نفسي، حيث يمكنه تقديم التوجيه المهني للأهل والطفل على حدٍّ سواء، ممّا يساعد في معالجة المشكلة بشكلٍ أعمق.
إنّ مشكلة خوف الأطفال من المدرسة هي قضيّة حسّاسة تتطلّب من الأهل التحلّي بالصبر والفهم العميق لما يشعر به الطفل، فمن خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة، يمكن للأهل تحويل هذه التجربة السلبية إلى فرصة لتعزيز ثقته بنفسه وتطوير مهاراته الاجتماعية والأكاديمية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح للتعامل مع نوبات بكاء طفلك قبل الذهاب إلى المدرسة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتقد أنّه من الضروريّ أن يبني الأهل علاقة قويّة قائمة على الثقة مع أطفالهم، فهذه الخطوة هي الأساس في مساعدة الطفل على تجاوز مخاوفه والشعور بالأمان، كما أرى أنّ تواصل الأهل المستمر مع المدرسة والمعلمين يؤدّي دورًا حاسمًا في فهم التحدّيات التي يواجهها الطفل وفي تقديم الدعم اللازم له، وفي النهاية، تذكري أن كل طفل فريد من نوعه، وما يناسب طفلًا قد لا يناسب آخر، لذا يجب التكيّف مع احتياجات كل طفل بشكل فردي لضمان نجاحه وسعادته في المدرسة.