يُعتبَر حل مشكلة التنمر في المدرسة من أكثر التحديات التي تواجهها المؤسّسات التعليميّة في العالم اليوم، وعادةً ما تبدأ هذه المشكلة بعدّة تصرفات قد تبدو بسيطة لكنّها تتفاقم لتؤثّر بشكلٍ كبير على حياة الطلاب، خاصّةً في مرحلة الطفولة المبكرة.
في هذا المقال، سنتناول جوانب مختلفة من هذه المشكلة، بدءًا من تأثير التنمّر على صحّة الأطفال النفسيّة والجسديّة، مرورًا بأساليب تعليمهم كيفية مواجهة هذه الظاهرة، وصولًا إلى الإجراءات التي يمكن اتخاذها بالتعاون مع المدرسة.
تأثير التنمّر على الحال الصحيّة والنفسيّة والمستوى التعليمي للأطفال
يترك التنمّر آثارًا عميقة على الأطفال المتضرّرين منه، حيث أنّهم يعانون من مشاكل صحية متعددة مثل الصداع المستمر، الأرق، وآلام المعدة المتكرّرة،وغالبًا ما تكون هذه العوارض نتيجة للضغط النفسي الذي يسببه التنمر.
التأثيرات النفسيّة
من الناحية النفسية، يؤدّي التنمّر إلى ظهور اضطرابات مثل الاكتئاب، القلق، وفقدان الثقة بالنفس، لذا فإنّ الأطفال المتنمر عليهم يشعرون بالعزلة الاجتماعيّة، ممّا يزيد من حدّة مشاكلهم النفسية ويؤدّي في بعض الأحيان إلى التفكير في إيذاء النفس أو حتى الانتحار.
التأثير على المستوى التعليمي
تشمل التأثيرات التعليميّة للتنمر تدهور أداء الطفل الأكاديمي، فالأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة يجدون صعوبة في التركيز على دراستهم نتيجة للشعور بالخوف المستمرّ والقلق، ممّا يؤثّر سلبًا على تحصيلهم العلمي، بالإضافة إلى ذلك، قد يتجنّبون الذهاب إلى المدرسة، ممّا يؤدي إلى تراجع مستواهم الدراسي وزيادة الفجوة بينهم وبين أقرانهم.
أساليب يمكن اتّباعها لتعليم الطفل على مواجهة التنمّر
بهدف حل مشكلة التنمر في المدرسة ، لا بدّ من تعليم الأطفال على بعض الطرق والأساليب والتي تُساعد في تخطّي وتجنّب تأثيرات هذه المشكلة، لذا سنقدّم لكِ في هذا السياق بعض النصائح والتوجيهات في ما يلي:
تعزيز الثقة بالنفس
يعتبر تعليم الطفل كيفية تعزيز ثقته بنفسه من الأساليب الفعّالة لمواجهة التنمّر، فعندما يكون واثقًا من نفسه، يصبح أقلّ عرضة للتأثّر بالتصرّفات السلبية من الآخرين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم الدعم والتشجيع المستمر، وتعليم الأطفال كيفية الدفاع عن أنفسهم بشكل صحيح، وهذا ما يبيّن دور الأسرة في تطوير الصحة النفسية للطفل.
التواصل الفعّال
يعتبَر تعليم الأطفال كيفية التعبير عن مشاعرهم ومشاكلهم بشكلٍ صريح أحد الأساليب المهمّة لمواجهة التنمّر، فعندما يتعلّمون التحدّث عن مشاكلهم، يمكن للأهل والمعلمين التدخّل في الوقت المناسب وتقديم الدعم اللازم.
مهارات حلّ النزاعات
يساعد تعليم الأطفال مهارات حلّ النزاعات بطرق سلمية وبنّاءة في تقليل حالات التنمّر، لذا يمكن استخدام الحوار والتفاوض كوسائل لحلّ المشاكل بدلًا من اللجوء إلى العنف، فهذه المهارات تساهم في بناء شخصيّة قويّة ومتوازنة لدى الطفل، ممّا يقلّل من تأثير التنمّر عليه.
الإجراءات التي يمكن اتّخاذها مع المدرسة لمواجهة هذه المشكلة
يمكن أن يكون التواصل مع المدرسة والمسؤولين فيها طريقة فعّالة تهدف إلى حل مشكلة التنمر في المدرسة ، لذا سنعرض لكِ في ما يلي بعض الإجراءات التي يمكن اتّخاذها بالتعاون مع المعلّمين والمدراء، وتشمل:
وضع سياسات واضحة لمكافحة التنمّر
من الضروري أن تضع المدارس سياسات واضحة وصارمة لمكافحة التنمّر، تشمل تعريفًا واضحًا للتنمّر، العقوبات المترتّبة عن التصرفات التنمّرية، والإجراءات التي يجب اتّباعها في حال وقوع هذا الفعل.
تقديم برامج توعية وتدريب
إنّ تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية للطلّاب والمعلّمين وأولياء الأمور حول كيفيّة التعرف على التنمّر وطرق مواجهته يعتبر من الأساليب الفعّالة، فهذا يساهم في بناء ثقافة مدرسيّة ترفض التنمّر وتشجع على التعامل باحترام وتقدير متبادل.
توفير دعم نفسي للطلاب
يُعتبَر إنشاء وحدات دعم نفسي داخل المدارس لتقديم المساعدة للأطفال الذين يتعرضون للتنمّر من الخطوات الهامة،ويمكن أن تشمل وجود مستشارين نفسيين واجتماعيين مختصّين لمساعدتهم على التعامل مع تأثيرات التنمّر النفسيّة والجسديّة.
تعزيز بيئة مدرسيّة آمنة
إنّ تعزيز الرقابة والإشراف في الأماكن الأكثر عرضة لحدوث التنمّر مثل الملاعب والممرّات يساعد في تقليل حالات التنمّر، كما أن تشجيع الطلّاب على الإبلاغ عن حالات مشابهة من دون خوف من الانتقام يعدّ خطوة مهمّة لحماية الأطفال وتوفير بيئة تعليمية آمنة.
في الختام، يمكن القول أن حل مشكلة التنمر في المدرسة يتطلّب تعاونًا مشتركًا بين الأهل والمدرسة والطلاب، فالتعليم والتوعية والدعم النفسي تعتبر من الأدوات الفعّالة لمواجهة هذه المشكلة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على ابرز مشاكل الاطفال في المدارس وكيفية التعامل معها.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ تنظيم الحوار المفتوح والتعاون بين جميع الأطراف المعنيّة هو أمر ضروريّ لتحقيق تقدّم ملموس في حلّ مشكلة التنمّر في المدرسة، لذا يجب أن نكون جميعًا جزءًا من الحل من خلال التوعية المستمرة، التعليم الفعّال، وتقديم الدعم النفسي للأطفال، فإنشاء بيئة مدرسية ترفض التنمّر وتدعم الاحترام المتبادل هو هدف يجب أن نسعى إليه جميعًا، لذا علينا أن نعمل معًا لنضمن أن أطفالنا ينمون في بيئة آمنة وصحية تمكّنهم من تحقيق إمكانيّاتهم الكاملة والنمو بشكل سليم وسعيد.