أكتب لك في هذه المقالة على موقع عائلتي اختبار ثلاث نساء أصبحن أمهات قبل 18 عاما، لتتمكني من التعرف على أبرز أوجه الأمومة وصعوباتها بكافّة المراحل.
ليس من السهل أن تصبحي أمًّا! في الحقيقة، يختلف جدول حياة المرأة قبل الأمومة وبعدها، فكيف لو كانت بسنٍّ صغير؟ لا شكّ أنّك سمعت عن المقوّمات الأساسية التي يجب أن تتوفّر في المرأة لكي تستطيع ممارسة دورها كأمّ؛ كأن تتمتّع ببنية جسدية قوية، نمو ذهني ونفسي سليم، تعدد الاختبارات في مجال العمل والعلاقات والأهم الرغبة في بناء عائلة وبشكل واعٍ.
كل ما سبق، صحيح وسليم. ولكن هل هو ضروري؟ ماذا عن الفتيات اللواتي تزوّجن عن عمر صغير وأنجبن قبل 18 عامًا؟ في الواقع، تكشف اختباراتهنّ الكثير من التحديات الجميلة والتغيّرات الإجبارية، وكأنّهنّ يكشفن معالم الأمومة بصعوباتها وحلاوتها بتجرّد.
"طفلة تربّي طفلة؟"
"لم أكن مستعدة لهذا الكم من التغيّرات. أهدافي وتطلعّاتي وحتى حياتي الاجتماعية، كل شيء تغيّر. كنت أتمنّى لو كنت أعرف أنني سأفقد الكثير من العلاقات بسبب طفلي". هذا كان أوّل انطباع لـ"لانا" عند إنجابها طفلتها. افتقدت لحياتها الاجتماعية وخسرت أحلامها.
"لانا"، التي أنجبت طفلتها قبل بلوغها عامها 18، واجهت المجتمع كما واجهت نفسها. من الأقوال التي سمعتها عن حالتها كأمّ مراهقة "طفلة تربّي طفلة!" وكانت هذه الجملة ترافقها ليلا نهارًا، حتى خلقت فيها تحدّيًا لإسكات التناقضات التي تعيشها.
وفي هذا الإطار، قالت على وقع ذرف الدّموع الصّامتة: "أتمنّى لو كنت أعرف ما الذي سأتخلّى عنه من أجل رفاهية ابنتي. لم يكن الأمر كذلك حتى اضطررت إلى تفضيل بين شيءٍ لي وشيءٍ لها. حينها، قررت ألا أكون طفلة تربّي طفلة، لأنني أدركت أنها كانت أهمّ شخص في حياتي. لم تعد احتياجاتي ورغباتي هي الأولوية. كل ما يهمّ هو إعطاء تلك الفتاة الصغيرة كل ما يمكن أن تحتاجه وأكثر من ذلك."
وبعدما قبلت بحالتها، وبدعم من زوجها، تقول"لانا": "حدّدت هدفًا لنفسي وعملت على تحقيقه. بينما كنت أربّي طفلتي الصغيرة، أنهيت الدراسة وحصلت على وظيفة. أدركنا، زوجي وأنا أنّ الأبوة والأمومة حال ليست مرهونة بالعمر، بل بالدعم والمثابرة وباعتبار الولد شخص جديد، معه نعيش، وليس حجر عثرة به نتحطّم".
ومن "لانا" نصيحة لكل أمّ قررت الإنجاب قبل 18 سنة: "لا تخافي من طلب المساعدة. لا تستمعي لما يقوله الناس عنك وعن سنّك، لأنهم لا يعرفونك. إذا كنت تشعرين بالحزن والاكتئاب، فلا تخافي من التحدث إلى زوجك، لكي، معًا ، تعيدان تحديد الأهداف".
إقرأي أيضًا: كيف تخصص الأم وقتاً لنفسها بعيداً عن العائلة؟
"أولادي أصدقائي"
"كان عمري 15 عامًا مع حملي الأول و 16 مع حملي الثاني. أصعب جزء في كونك أمًا مراهقة هو محاولة من حولك التعامل معك على أنّك أم ناضجة ذات خبرة. البالغون قساة وقلة الدعم من المجتمع تحبطك وتجعلك تشعرين بالخجل. فيصبح أطفالك سببًا لفشلك كأم".
هذا ما قالته" أروى" عن تجربتها القاسية لكونها أمًا صغيرة في السن. كانت تتلقّى الكثير من الانتقادات على تربيتها وطريقة تعاملها مع أطفالها، حتى أنّها بذلك خسرت الصداقات والروابط العائلية الجميلة.
وانطلاقًا من ذلك، كشفت" أروى" عن سرٍّ، فقالت: "بصراحة، أتمنى لو كان بإمكاني الانتظار لفترة أطول لإنجاب الأطفال، حتى أتمكن ولو لفترة قصيرة من تجربة الحياة كوني صغيرة جدًا. أنا لا أندم بأي حال من الأحوال على وجود طفليّ، فهما نعمة مطلقة في حياتي. ولكن كنت سأبدو أقوى وواثقة من نفسي أكثر عندما يتحدث الناس معي ويخبرونني أنني لن أتمكن من تربيتهم".
لكن وبالرغم من كل تلك التحدّيات، كان"وليد" و" جنى" ، أطفال" أروى" ، مصدر إلهام وقوّة لها. قبلت أن تتخلّى عن حياتها الخاصة ودراستها، لتكون إلى جانبهما وبَنَت معهما علاقة صداقة متينة، وقد عبّرت عن ذلك بالقول: "حوّلت من سنّي الصغير أداة لبناء علاقة صداقة متينة مع أطفالي. كنت بفترة من الفترات كأختهما الكبيرة. تعلّمت منهما الكثير. قد لا تكون هذه الطريقة هي الأفضل لتربية الأطفال، ولكنني أفتخر بالقول أنّ ولدّي صديقاي، وأنني ضحّيت بحياتي لأجلهما".
للمزيد: أفضل الابراج بالترتيب للأمهات الناجحات في تربية الأطفال
"لو كنت أعلم…"
"عندما أصبحت أمًّا، كان عمري 15 عامًا فقط. شعرت بالوحدة وكأن لا أحد يفهمني. أتمنى لو بقيت في المدرسة الثانوية أثناء حملي حتى أتمكن على الأقل من الحصول على شهادتي. لم أنفك يومًا، حتى الآن وأنا عمري 20 عامًا، عن التعبير أنّ رغبتي هي بالتعلّم واختبار الحياة قبل الإنجاب".
تروي" لميس" قصّتها بحسرة وكأنّها نادمة. لم تكن ترغب بالإنجاب مع أنّها تزوّجت عن حبّ وقناعة. ولكنّ، بعد 5 سنوات تشعر أنّها ظلمت نفسها وظلمت طفلها.
"أندم. ولا أندم. أنا مشوّشة. طفلي جميل ويحبّني كثيرًا. يرى فيّ مرجعًا. ولكنني صغيرة جدًا، ولو كنت أعلم لما أنجبت قبل أن أصبح جاهزة. لم يجبرني زوجي على ذلك، ولكننا معًا أخطأنا في التقدير".
وعن حياتها اليوم تقول "لميس" : "رغم هذا التحدي الكبير الذي أعيشه في داخلي، لا يمكنني أن أنكر مدى اهتمام عائلتي وعائلة زوجي بنا، ودعمهم الكبير لنا لكي نتخطّى هذه الفترة بأقل ضرر ممكن. أمي وام زوجي تتناوبان في تربية الطفل وتحضير الطعام، فيما أنا خارج المنزل طوال أيام الأسبوع للعمل وإكمال الدراسة".
وأنهت قائلة: "أحب طفلي كثيرًا، ولكنني أجد نفسي أعبّر له عن ذلك من خلال تحقيق ذاتي لأكون له قدوة، وهذا ما أقوم به بمساعدة العائلة".
اختبارات متنوّعة من الألم والحبّ والأهم من الخيارات الصعبة من أجل الاستمرارية. وأخيرًا، أنصحك بقراءة اختبار آخر عن الأمومة على موقعنا، بعنوان: أنا أم اختصاصية نفسية إلّا أنني لا أثق بنفسي كوالدة.