الشعور بالذنب هو عاطفة انسانية طبيعية تنمو داخل الانسان في عمر الثالثة تقريبًا وتعتبر مهمّة له لكي يستطيع العيش بطريقة حضارية. فمثلاً، القتلة المتسلسلين والسفاحيّن والمغتصبين واللصوص هم أشخاص لا يستطيعون الشعور بالذنب لأنّ نمّوهم قد توّقف لسبب ما في هذا العمر الحرج، ولم يتسنّ لهم الفرصة لكي يطوّروا هذا الشعور بطريقة سليمة. لذا، يعتبر الشعور بالذنب هنا أمرًا بالغ الأهميّة للمجتمع، ولكن متى يصبح الذنب مدمرًّا؟
للمزيد: نصائح المعالجة النفسية حول كيفية السيطرة على الغضب!
فالذنب الذي يصاحبه عادةً الشعور بالخزي أو الخجل، يمكن أن يسببّ الكثير من الأذى وقد يكون مدمّرًا للذات مثلما سيكون الافتقار الى الاحساس بالذنب مدمّرًا للمجتمع. كما أنّ الاحساس بالذنب المبالغ به في معظم الأحيان قد يصبح مدمّرًا للذات لأنّه يصل الى درجة يتعارض فيها مع حياتك اليومية وعلاقاتك مع الآخرين وعملك. ويصبح هذا الشعور غير سليم عندما تشعر بالذنب حيال الأخطاء التي يرتكبها الآخرون، أو عندما تُبدي رأيك أو تعبّر عن مشاعرك لأحدهم، أو تقوم بأمر تحبّه، أو عندما تشعر بالسعادة، أو حتّى عندما تشتري غرضًا بحاجة إليه أو عندما تشكّ بقدراتك أو عندما تشعر أنّه يتوجبّ عليك دومًا القيام بالصواب مع الناس خصوصًا هؤلاء الذين تسببّوا لك بالأذى، وهلمّ جرا.
وينمو هذا الاحساس بالذنب غير السليم عند الطفل خلال مرحلة الطفولة عندما يستعمل الأهل الذنب كوسيلة لتربية طفلهم وتأديبهم. وإن كان يتمّ استخدام الذنب مع الطفل في معظم الأوقات، فسيترسّخ في ذهنه فكرة أنّه دائمًا على خطأ ويجب أن يشعر بالخجل. ويرافق الشعور بالذنب الطفل خلال مرحلة البلوغ وتنتج عنه قلّة الثقة وعدم تقدير الذات ويتحوّل الى شعور تلقائي يسيّر تصرّفاته، وهذا ما أسميّه بـ "الذنب الكاذب". لذا، يجب أن تعرفوا كيفيّة التمييز بين الذنب الحقيقي والذنب الكاذب.
إنّ الاحساس الكاذب بالذنب هو أحد العادات التي اكتسبتها وبرمجت نفسك عليها، أمّا الذنب الحقيقيّ فهو الشعور الصحيح بالذنب الذي ينتابك عندما تشعر أنّك تصرّفت بطريقة فعلاً تتطلّب منك الاحساس بالذنب. ما أن تصبح قادرًا على معرفة الفرق بين الاثنين والفصل بينهما، ستتمكنّ من السيطرة على شعورك بالذنب والتمتّع بحياة أفضل.