يُعَدّ أخطر شهر في الحمل من أكثر المراحل حساسية في حياة المرأة الحامل. في هذا الشهر تحديدًا، تبدأ معظم التغيرات الجوهرية التي تؤثّر على الجنين في الرحم والأم معًا. الجسد يتفاعل بقوة، والهرمونات تتقلب بشكل ملحوظ. ممّا قد يعرّض الحمل لمخاطر فعلية إذا لم تُؤخَذ الاحتياطات اللازمة.
ومن هنا، سنناقش في هذا المقال أي شهر يُعتبَر الأخطر، ولماذا هو مهم جدًا، وما هي أبرز النصائح العلمية والطبية التي يمكن أن تساعدك على تجاوز هذه المرحلة بأمان. سنتناول أيضًا العوارض المرتبطة به، والأخطاء الشائعة، وأهم الخطوات الوقائية للحفاظ على سلامتك وسلامة جنينك.
الشهر الأول: التأسيس الخفي للمخاطر
في البداية، قد لا تعرف بعض النساء أنهن حوامل خلال الشهر الأول. رغم ذلك، غالبًا ما يكون أخطر شهر في الحمل هذا الشهر تحديدًا، لأن الجسم يبدأ ببناء المشيمة، وتنغرس البويضة المخصبة في الرحم.

في هذا الشهر، أي عدوى فيروسية، أو تناول أدوية من دون استشارة طبية، أو حتى التعرض لضغوط نفسية كبيرة قد يؤدي إلى فقدان الحمل. لذلك، لا بدّ من التعامل مع هذا الشهر بدقة شديدة.
حتى الآن، تُشير الدراسات إلى أن نسبة الإجهاض الطبيعي في الشهر الأول تتراوح بين 10% و20% من حالات الحمل. وغالبًا ما يكون السبب خللًا في الكروموسومات أو نقصًا في انغراس البويضة بالشكل الصحيح (American Pregnancy Association, 2022).
إضافةً إلى ذلك، إنّ ممارسة العادات السيئة مثل التدخين أو تناول الكافيين بكميات كبيرة قد تُضاعف الخطر. ولهذا، ينصح الأطباء دائمًا بالبدء في الرعاية الصحية قبل الحمل، لأن الشهر الأول لا يعطي فرصة كبيرة لتصحيح الأخطاء.
عوارض تحذيرية لا يجب تجاهلها أبدًا
بعد أن يبدأ الحمل، تظهر بعض العوارض التي لا يجب تجاهلها خلال أخطر شهر في الحمل. على سبيل المثال، قد يكون النزيف الخفيف طبيعيًا أحيانًا، ولكن إذا تكرّر أو كان غزيرًا، فقد يدلّ على وجود مشكلة تهدّد استمرار الحمل.

كذلك، يجب أن يُؤخذ الشعور بتقلصات شديدة أو ألم مستمر في أسفل البطن على محمل الجد. قد تشير هذه العوارض إلى وجود حمل خارج الرحم أو بداية إجهاض. أيضًا، إنّ المعاناة من الغثيان الشديد جدًا الذي يمنعكِ من تناول الطعام أو شرب الماء، قد تُسبّب الجفاف وتؤثّر على ثبات الجنين داخل الرحم.
من جهة أخرى، إذا لاحظتِ اختفاء مفاجئ لعوارض الحمل، مثل توقف الغثيان أو الشعور بألم الثدي، فقد يكون ذلك علامة على توقف نمو الجنين. في هذه الحال، يجب التوجه فورًا للطبيب لإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية.
عادات خاطئة تزيد من احتمالية الخطر
أحيانًا، قد تُمارس المرأة الحامل بعض العادات اليومية من دون وعي بمدى تأثيرها خلال أخطر شهر في الحمل. من أهم هذه العادات:

- إجهاد الجسد: ممارسة مجهود كبير، كالوقوف الطويل أو رفع أشياء ثقيلة، يضغط على الرحم وقد يسبّب انقباضات مبكرة.
- إهمال التغذية: عدم الحصول على الفيتامينات الأساسية مثل حمض الفوليك يضاعف من خطر التشوهات الخلقية، خاصّةً في الدماغ والحبل الشوكي.
- قلة النوم والتوتر: تؤثّر المعاناة من الأرق والتوتر المزمن على توازن الهرمونات، ممّا قد يؤدّي إلى حدوث خلل في استقرار الحمل.
لكل هذه الأسباب، يجب تعديل نمط الحياة في أقرب وقت ممكن، واتباع أسلوب صحي ومتوازن في الغذاء والراحة والعناية الذاتية.
كيف تتجاوزين هذا الشهر بأمان؟
ببساطة، التعامل مع أخطر شهر في الحمل يتطلب وعيًا والتزامًا. إليكِ أهم الخطوات التي يجب أن تتبعيها منذ اللحظة التي تكتشفين فيها حملك:
- ابدئي بحمض الفوليك فورًا: هذا الفيتامين أساسي لنمو الأنبوب العصبي لدى الجنين، ويقلل من احتمالات الإجهاض والتشوهات بنسبة كبيرة.
- استشيري طبيبك من الأسبوع الأول: حتى وإن لم تظهر عوارض قوية، يُساعدكِ التواصل المبكر مع الطبيب على التخطيط الصحيح.
- أجري التحاليل الأساسية: فحوص الدم والهرمونات تُحدّد حال الحمل، وتكشف عن وجود أيّ خلل يمكن معالجته في وقت مبكر.
- نامي جيدًا وتجنّبي التوتر: يُساعد النوم العميق على توازن الهرمونات، ويُخفّف من الشعور بالغثيان والدوخة في بداية الحمل.
- ابتعدي عن أي دواء بدون وصفة: قد يكون تناول بعض الأدوية سامًّا للجنين في هذه المرحلة الحساسة.
باتباع هذه الخطوات، تقللين من احتمال حدوث أي مضاعفات، وتحصلين على بداية آمنة لحملك.
أخطر شهر في الحمل ليس شهرًا يجب أن يُخيفكِ، بل هو شهر يجب أن يُنبّهكِ. الوعي بالمخاطر، والمتابعة الطبية الدقيقة، وتجنّب ممارسة العادات الضارة، جميعها عوامل تمنحكِ ولجنينكِ فرصة لحمل صحي وآمن. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن مأكولات شائعة تضرّ بالجنين رغم فائدتها!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن بداية الحمل هي الأساس الذي يُبنى عليه كل ما سيأتي لاحقًا. عندما تفهم المرأة أهمية أول شهر، وتعتني بنفسها من اللحظة الأولى، فإنها تمنح جنينها بداية حياة سليمة وقوية. لا تنتظري أن تظهر العوارض أو المشاكل، بل بادري بالحذر والعناية منذ اللحظة الأولى، لأن الوقاية دائمًا أسهل من العلاج.