تُعتبر رعشة الجماع واحدة من أهمّ التجارب التي يسعى الأفراد لتحقيقها خلال العلاقة الجنسيّة، وذلك لما تُمثّله من ذروة شعورية تُعبّر عن الاستجابة الكاملة للجسم والعقل للإثارة وتُساهم في تحقيق الرضا الجنسي، ولكن الوصول إلى هذه المرحلة قد يكون معقدًا للبعض، حيث يتطلب فهمًا للعوامل المؤثّرة فيها.
في هذا المقال، سنستعرض مفهوم رعشة الجماع بشكل مفصّل، ونوضّح كيفيّة الوصول إليها من خلال اتّباع خطوات مجرّبة ومدعومة، كما سنتناول التأثيرات العديدة التي تحدثها هذه الرعشة على الجسم والصحّة النفسيّة، فالهدف من هذا المقال هو تقديم دليل شامل ومبني على العلم حول كيفيّة تحقيق الرعشة والاستفادة من تأثيراتها الإيجابيّة.
ما هي الرعشة التي تحدث خلال الجماع؟
رعشة الجماع هي ذروة التجربة الجنسية، وتُعدّ من أكثر اللحظات إشباعًا على الصعيدين الجسدي والنفسي، لكن ما الذي يحدث فعليًا داخل الجسم عند حدوث الرعشة، ولماذا تُعتبر بهذا القدر من الأهمية؟
شرح علمي للرعشة
رعشة الجماع، التي تُعرف أيضًا باسم “الأورغازم”، هي استجابة جسديّة تحدث نتيجة لتحفيز الأعصاب الحسية في الأعضاء التناسلية، ويُرافق هذه الاستجابة تقلّصات عضليّة غير إرادية تشمل عضلات الحوض، ويمكن أن تمتدّ إلى عضلات أخرى في الجسم، وقد يستمرّ هذا التفاعل لبضع ثوانٍ إلى دقائق، ويصاحبه شعور بالمتعة العارمة والراحة الجسدية.
العملية الفسيولوجيّة
من الناحية الفسيولوجيّة، تحدث رعشة الجماع عندما يصل الجسم إلى مستوى عالٍ من الإثارة الجنسية، حيث يُفرز الجسم خلال هذه المرحلة هرمونات معيّنة، أبرزها الأوكسيتوسين والإندورفين، التي تعمل على تحسين المزاج وتخفيف الألم وزيادة الشعور بالراحة، والتي تؤدّي دورًا أساسيًا في تعزيز الشعور بالارتباط العاطفي بين الشريكين، وتساهم في رفع هرمون السعادة طبيعيًا.
فبحسب موقع Cleveland Clinic في مقالة نُشِرَت عام 2022 تحت عنوان “Orgasm”، خلال النشوة الجنسية، يقوم جسمك بإفراز الدوبامين، المعروف بـ “هرمون السعادة”، والأوكسيتوسين، الذي يشار إليه أحيانًا بـ “هرمون الحب”، ممّا يُعزّز مشاعر الفرح والإيجابية، كما تساعد في محاربة الكورتيزول، الذي يُعرف بـ “هرمون التوتر”. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
طريقة الوصول إلى الرعشة الجنسيّة
قد يبدو الوصول إلى رعشة الجماع أمرًا بسيطًا، ولكنّه يتطلّب تفهّمًا لعدّة عوامل نفسيّة وجسديّة، فما هي الطرق التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحقيق هذا الهدف بشكل أفضل؟
التواصل بين الشريكين
يُعتبر التواصل بين الشريكين المفتاح الأساسي للوصول إلى رعشة الجماع، فمن خلال الحوار المفتوح والصريح حول التفضيلات والرغبات الجنسية، يُمكن للشريكين تعزيز التفاهم والانسجام، مما يزيد من فرص تحقيق الرعشة، على سبيل المثال، من المهم أن يعرف كل شريك ما يُفضّله الآخر من لمسات أو أساليب تحفيز معينة، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال تجارب مشتركة وحوار متواصل.
التحفيز الجسدي المناسب
يؤدّي التحفيز الجسدي دورًا جوهريًّا في الوصول إلى الرعشة، فقد يكون التركيز على مناطق محدّدة من الجسم، مثل الأعضاء التناسلية أو المناطق الحساسة الأخرى، هو الطريق الأمثل لتحقيق ذلك، وتختلف هذه المناطق من شخص لآخر، لذا يجب على الشريكين الاستكشاف والتجربة للوصول إلى الأنماط التي تُثير الاستجابة الأفضل ولتحسين حياة الجنسية للزوجين.
الاسترخاء وإدارة التوتر
يؤدّي الاسترخاء دورًا حيويًا في الوصول إلى رعشة الجماع، فالشعور بالتوتّر والقلق يمكن أن يعيق الاستجابة الجنسية، لذا من المهم خلق بيئة مريحة وهادئة تتيح للفرد التركيز على اللحظة، وقد يشمل ذلك استخدام تقنيات مثل التنفس العميق أو التدليك لتهدئة الأعصاب وتعزيز الشعور بالراحة.
تأثير الرعشة على الجسم
للرعشة الجنسيّة تأثيرات واسعة تتجاوز حدود المتعة اللحظية. فما هي هذه التأثيرات وكيف يمكن أن تُسهم في تحسين الصحة العامة؟
التأثيرات الفسيولوجيّة
تعمل رعشة الجماع على تحسين الدورة الدموية في الجسم بفضل التقلّصات العضليّة التي تحدث خلالها، وهذا ما يُعزّز من تدفّق الدم، ممّا يُحسن من تغذية الأعضاء الحيويّة ويساعد في التخلّص من السموم، الأمر الذي يُحسّن صحة القلب والأوعية الدموية، كما أنه يُساعد في تقوية جهاز المناعة.
التأثيرات النفسيّة
من الناحية النفسيّة، تُساهم رعشة الجماع في تحسين المزاج وتقليل مستويات التوتر، فإفراز هرمونات مثل الأوكسيتوسين والإندورفين يعمل على تعزيز الشعور بالسعادة والراحة النفسية، ممّا يُسهم في تقليل القلق والاكتئاب، كما تُعرَف هذه الهرمونات أيضًا بقدرتها على تعزيز الروابط العاطفيّة بين الشريكين، ممّا يزيد من شعور الانتماء والأمان في العلاقة.
التأثيرات على النوم
كما أظهرت الدراسات أنّ رعشة الجماع تُساعد في تحسين جودة النوم، فإفراز هرمون البرولاكتين بعد الرعشة يُسهم في الشعور بالنعاس والاسترخاء، ممّا يؤدي إلى الحصول على نوم أعمق وأكثر راحة، وهذا التأثير الإيجابي يُعزّز من الصحّة العامّة ويُقلّل من مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة.
ووفقًا لموقع Wiley Online Library في دراسة نُشِرَت العام الماضي تحت عنوان “The influence of sexual activity on sleep: A diary study”، تم تحليل الدراسة المقطعية باستخدام تحليل التباين المشترك، وكشفت أن كلًا من الرجال والنساء يعتبرون ممارسة الجنس مع الشريك والاستمناء المصحوب بالنشوة الجنسية كوسيلة لتحسين مدة النوم وجودته، في المقابل، يُعتقد أن النشاط الجنسي من دون الوصول إلى النشوة الجنسية يؤثر سلبًا على معايير النوم هذه. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه الدراسة يمكنكِ الضغط هنا.
في الختام، تُعتبر رعشة الجماع تجربة جنسية مُعقّدة وفريدة، تحمل في طيّاتها العديد من الفوائد الجسديّة والنفسيّة، فالفهم الصحيح لهذه التجربة وكيفيّة تحقيقها يُسهم في تعزيز جودة الحياة الجنسيّة والعاطفيّة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح للزوجة في العلاقة الحميمة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ تحقيق رعشة الجماع يتطلّب توازنًا بين العوامل النفسية والجسدية، فالتواصل الصريح بين الشريكين والاستكشاف المتبادل هما المفتاح للوصول إلى هذه التجربة الممتعة والمُرضيّة، كما أنّ الاهتمام بالعوامل النفسيّة، مثل التوتّر والاسترخاء، يُسهم بشكل كبير في تحسين التجربة الجنسية. في النهاية، تعتبر الرعشة الجنسيّة جزءًا من العلاقة العاطفية التي تستند إلى التفاهم والدعم المتبادل، ممّا يعزّز من الترابط بين الشريكين ويُضفي على العلاقة بُعدًا جديدًا من الانسجام والسعادة.
