لنواجه الأمر؛ منذ ولادة أطفالنا ونحن نتسابق في التفاخر بإنجازاتهم مهما كانت بسيطة… فلطالما تمحورت جلساتي مع الأمهات الأخريات حول أطفالنا "العباقرة" الذين مشوا، تكلّموا أو حتّى بدأوا بالعدّ والقراءة قبل أوانهم!
ومع دخول طفلي المدرسة، بدأ كلّ شيء بالتبدّل، فها هو يرزح تحت ضغوط الدرس، الإمتحانات والفروض المدرسية الكثيرة، لتأتي بطاقة علاماته في أحد الأشهر كوقع الصاعقة عليّ: كلمة "راسب" هي حتماً آخر ما تتمنى كلّ أمّ رؤيته مهما كانت فخورة بصغيرها.
وقتها، كان عليّ إتخاذ قرار مفصلي بكيفية التصرف مع هذه الحالة: هل أنفعل وأؤنبّه؟ لكنّني لا أريده أنّ يفقد ثقته بنفسه ويشعر بالإحباط والعدائية تجاه الدرس وكلّ ما يختص بالمدرس بسبب ردةّ فعلي…
حسناً، سأتصرّف ببرودة أعصاب وكأنّ الأمر غير مهمّ! ولكن مهلاً، قد يكون تصرّفي هذا بمثابة تشجيع له على الإستمرار على هذا المنوال وعدم إعطاء الأداء الأكاديمي الأهمية اللازمة.
ما العمل إذاً؟
> العلامات المدرسية ليست المعيار الذي يحدّد قيمتك كشخص
في تلك اللحظة، نظرت في عيني طفلي لأجده خائفاً من ردّة فعلي ويرتعش. أهذا ما أريده؟ أن يكون الدافع الوحيد لدى طفلي لتحقيق الننتائج الجيّدة هو إرضائي؟ عندها، تداركت تعابير وجهي وسيطرت على إنفعالي، إذ علمتِ تماماً ما عليّ قوله.
نزلت إلى مستوى عينيه وتكلّمت معه بنبرة هادئة قائلةً: "حبيبي، أريدك أن تعلم أنّني أحبكِ كثيراً وفخورة بكلّ ما تحقّقه. العلامات المدرسية ليست المعيار الذي يحدّد قيمتك كشخص، ولكنّ الدراسة هي من أهم الوسائل التي ستساعدك في الوصول إلى أهدافك لاحقاً!"
وأكملتُ بالشرح له كيف أنّ الرسوب لا يعني الإستسلام والفشل، وأنّني سأدعمه دائماً وسأظلّ فخورة بأي علامة يحرزها، طالما أنّه يقوم ببذل المجهود المطلوب منه.
ولإثارة إهتمامه، تطرقت إلى موضوع الوظيفة التي يحلم بأن يشغلها لاحقاَ في حياته، وشرحت له أهمية الدراسة في هذا الخصوص.
لم أكن أعلم في تلك اللحظة أنّني وبالكلام الإيجابي هذا قطعت نصف الطريق لإستيعاب طفلي أهمية بذله مجهوداً إضافياً، فما بقي أمامي إلّا متابعته ببعض الأساليب التقليدية البسيطة لتحسين علاماته، والتي أذكر منها:
- التركيز على الأمور التي يحبها في المدرسة
- اللقاء بالهيئة التعليمية لتحديد المشكلة التي يواجهها
- الإشراف ولو من بعيد على أداء الفروض المنزلية في البيت
- إستبعاد أي مصادر إلهاء تؤثر على نوعية الدرس مثل التلفاز والأجهزة الإلكترونية في غرفة الدراسة
- تشجيعه عند إحراز أي تقدّم ولو كان بسيطاً
- اللجوء إلى ساعات من الدروس الإضافية بعد المدرسة في حال عبّر عن عدم قدرته على مجاراة سرعة الشرح لزملائه في الصف
هكذا، وبفضل هذا الحديث الذي أجريته مع طفلي، لاحظتُ كيف أنّ نظرته إزاء المدرسة تغيّرت، فبات يبذل مجهوداً كبيراً ويتابع دروسه وفروضه بجدية أكبر. لن أكذب بالقول أنّ النتيجة جاءت فورية وبمثابة السحر في الشهر التالي، لكن في ختام العام الدراسي، وبعد أشهر من التطوّر التدريجي، إستطاع طفلي إحراز نتيجة متفوّقة!
إقرئي المزيد: طفلكِ يتمارض كي لا يذهب إلى المدرسة ويبقى إلى جانبكِ؟ هكذا تتصرّفين!