لا يرتبط علاج غصة الحلق النفسية فقط بالجسد، بل يرتبط بعقلك ومشاعرك. عند شعورك بشيء عالق في الحلق رغم غياب أي سبب عضوي، فأنتِ على الأرجح تمرّين بحال نفسية غير مستقرة. كثير من النساء يشعرن بضيق خفيف في الحلق أو بثقل لا يُفسَّر. وغالبًا ما يعود السبب إلى الشعور بالقلق أو التوتر أو الحزن العميق.
في هذا المقال، سنشرح لكِ العلاقة بين المشاعر النفسية وهذا الانزعاج الجسدي، وسنعرض أسباب الغصة الناتجة عن التوتر أو الاكتئاب. مع تقديم خطوات عملية تساعدك على التخلص منها بطريقة طبيعية وعلمية.
هل القلق والتوتر يسبب غصة في الحلق؟
قبل الكشف عن علاج غصة الحلق النفسية ، لا بدّ من الإجابة عن السؤال التالي: هل القلق والتوتر يسبب غصة في الحلق؟ نعم، التوتر المستمر يسبب غصة في الحلق. في حالات القلق النفسي، يرسل الدماغ إشارات إلى العضلات كي تستعد لأي خطر. ونتيجة لذلك، تنقبض عضلات الحلق، ما يخلق شعورًا مزعجًا وكأن هناك شيئًا يسد مجرى التنفس أو يعيق البلع. تُعرف هذه الحالة باسم “Globus Sensation”، وهي منتشرة بين النساء اللواتي يعانين من الضغوط اليومية.

عندما ترتفع هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول والأدرينالين، يتأثر الجهاز العصبي بشكل مباشر. هذا التأثير يظهر في أجزاء مختلفة من الجسم، ومنها الحلق. لا يفرّق الجسم بين الخطر الحقيقي والقلق العاطفي، فيتفاعل بنفس الطريقة.
أظهرت دراسة نُشرت في Journal of Psychosomatic Research سنة 2019 أن غصة الحلق غير المرتبطة بأسباب عضوية، غالبًا ما تترافق مع اضطرابات القلق. وبيّنت الدراسة أن تمارين التنفس العميق والاسترخاء ساهمت في تقليل الشعور بالغصة بنسبة وصلت إلى 70%.
هل الاكتئاب يسبب غصة في الحلق؟
قبل الكشف عن علاج غصة الحلق النفسية ، لا بدّ من الإجابة عن السؤال التالي: هل الاكتئاب يسبب غصة في الحلق؟ الاكتئاب الحاد يغيّر شعورك الجسدي، وليس فقط حالك المزاجية. في كثير من الأحيان، تشعر المرأة المكتئبة بثقل في الصدر، أو ضيق في التنفس، أو غصة في الحلق من دون سبب عضوي واضح. هذا لأن الاكتئاب يؤثر على مناطق في الدماغ مسؤولة عن الإحساس بالألم وتنظيم العضلات.

عندما تشعرين بالحزن العميق، ترتفع نسبة بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين والنورأدرينالين، أو تنخفض بشكل غير متوازن. هذا الاضطراب يؤثر على عمل العضلات الدقيقة، بما في ذلك عضلات الحلق. في بعض الحالات، يمكن أن تصاحب الغصة عوارض أخرى مثل صعوبة البلع، أو تغير في نبرة الصوت. ما يزيد من شعورك بالانزعاج.
بحسب مراجعة علمية في The Lancet Psychiatry، تظهر هذه العوارض الجسدية لدى أكثر من 50% من المصابين بالاكتئاب. وهذا يفسّر لماذا كثير من النساء يراجعن الأطباء لشكوى في الحلق، ثم يكتشفن أن السبب نفسي بحت.
كيف أجعل الغصة تذهب؟
ما هو علاج غصة الحلق النفسية ؟ يمكنك التخلّص من غصة الحلق النفسية باتباع خطوات يومية بسيطة، تعتمد على تهدئة الجهاز العصبي وتحرير الضغط العاطفي.

1. التنفس العميق
ابدئي بالجلوس في مكان هادئ. أغلقي عينيك، وخذي نفسًا عميقًا من أنفك واحبسيه لخمس ثوانٍ، ثم أخرجيه من فمك ببطء. كرّري هذا التمرين عشر مرات. بهذه الطريقة، تخففين من التوتر العضلي في الحلق وتعيدين التوازن للجهاز العصبي.
2. التعبير عن المشاعر
أحيانًا، ترمز الغصة إلى كلام لم يُقال أو مشاعر لم تُعبَّر. عبّري عن نفسك. اكتبي في دفتر، أو تحدثي إلى صديقة، أو استشيري أخصائية نفسية. لا تتركي مشاعرك محبوسة.
3. تمارين الاسترخاء العضلي
مارسي تمارين إرخاء عضلات الرقبة والكتف. أميلي رأسك ببطء إلى الجانبين، ثم قومي بتدوير الرقبة بهدوء. دلكي أسفل الفك بخفة. هذه الحركات البسيطة تساعد في تفكيك التشنجات التي قد تسبّب الغصة.
4. العلاج السلوكي المعرفي
إذا استمرت الغصة، أنصحك باللجوء إلى علاج نفسي مختص مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT). هذا النوع من العلاج يُظهر نتائج فعّالة في حالات القلق والاكتئاب ويخفف من العوارض الجسدية المصاحبة.
5. شرب الماء الدافئ والمشروبات المهدئة
اشربي كوبًا من البابونج أو الزنجبيل الدافئ. هذه المشروبات تهدّئ العضلات وتقلّل من الانزعاج.
كل هذه الخطوات لا تغني عن استشارة طبيب إذا استمرت العوارض، لكنها تشكل بداية ممتازة في علاج غصة الحلق النفسية. خصوصًا عندما ترتبط بالقلق أو الاكتئاب.
الخلاصة
غصة الحلق ليست دائمًا مشكلة جسدية. أحيانًا، هي إشارة يرسلها جسدك ليُعبّر عن توتر داخلي، أو عن مشاعر عالقة لم تأخذي وقتك لفهمها أو التعبير عنها. عندما تربطين بين حالك النفسية والشعور الجسدي، تبدأين في العلاج الحقيقي. علاج غصة الحلق النفسية يتطلّب منكِ وعيًا بمشاعرك أولًا، ثم شجاعة لتغيير ما يؤلمك داخليًا. لا تهملي هذه العلامة، فهي ليست مجرد شعور مؤقت، بل فرصة لفهم أعمق لذاتك. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على كيفيّة علاج الصدمات النفسية.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الغصة النفسية لا تعني الضعف، بل تعني أن النفس تطلب منكِ الراحة والاهتمام. لا تنتظري أن تختفي لوحدها، بل ابدئي اليوم بخطوة صغيرة نحو التوازن الداخلي. جرّبي التنفس، عبّري عمّا في قلبك، وامنحي نفسك لحظات هدوء يومية. ومع الوقت، ستلاحظين الفرق الكبير في جسدك ومشاعرك.