علاج اكتئاب الحمل في الشهور الأولى يرتكز بدايةً على فهم التحوّلات الحاصلة في جسم المرأة ومحاولة التأقلم معها.
نسمع كثيرًا باكتئاب ما بعد الولادة، وأصبحت الأمّهات الجديدات والأشخاص القريبين منهنّ على دراية بهذا الموضوع، ولكن ما لا نتحدّث عنه هو “اكتئاب الحمل” الذي تجهله العديد من الحوامل اللواتي قد يعانين منه من دون أن يعرفن ذلك! يُعتبر هذا الاكتئاب اضطرابًا نفسيًّا قد تعاني منه المرأة خلال الحمل منذ أشهره الأولى في بعض الأحيان. وقد تبلغ قوّة المشاعر التي ترافق هذا الاضطراب درجة التأثير على قدرة صحّة المرأة الحامل وقدرتها على متابعة أنشطتها اليوميّة كالسابق. فكيف يُمكن ملاحظة اكتئاب الحمل في شهوره الأولى، ما هي أسبابُه المُحتملة؟ سنكتشف في هذا المقال! كما سنتعرّف على كيفيّة تشخيصه وعلاجه، بالإضافة الى بعض النصائح لمحاولة تجنّبه!
الأسباب المحتملة لاكتئاب الحمل
قد ينتج اكتئاب الحمل من عوامل عدّة لها تأثيرات سلبيّة على الصحّة النفسيّة للحامل. ومن أكثر أسبابها شيوعًا:
- التغيّرات في مستويات الهرمونات الحاصلة وأبرزها هرمونات الحمل والتي تؤثر على الحالة المزاجيّة للأمّ المستقبليّة.
- التغيّرات الجسديّة التي تحصل مع تطوّر الحمل والتي قد تؤثّر على صورة ثقة المرأة بنفسها.
- معاناة الحامل سابقًا من اضطرابات نفسيّة، أو وجود حالات اكتئاب في العائلة فالعامل الوراثي قد يزيد من احتمال إصابة المرأة بهذا الاكتئاب.
- عدم وجود دعم من الزوج، الأسرة والأصدقاء، ما قد يزيد من شعور المرأة بالعزلة والإحباط.
- معاناة الحامل سابقًا من فقدان حمل أو مشاكل صحيّة مُعيّنة قد تزيد من قلق وتوتّر المرأة وقد تؤدّي الى الاكتئاب.
- مضاعفات الحمل وعوارض الوحام أو أي مشاكل صحيّة قد تنتج عنه من الممكن أن تسهم في شعور المرأة بالإرهاق والضغط النفسي.
عوارض هذا الاضطراب النفسي
غالبًا ما تكون عوارض اكتئاب الحمل شبيهة بعوارض الاكتئاب عامّةً، ولكنها تظهر خلال الحمل وتسبّبها عوامل متعلّقة به. ومن أبرز هذه العوارض:
- الشعور بحزن عميق أو غضب غير مُبرّر بشكل مستمرّ أو/ومتكرّر.
- فقدان الاهتمام وعدم الرغبة في القيام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقًا حتّى الهوايات المفضّلة.
- الشعور بالتعب والإرهاق الدائم، حتى بعد الراحة والنوم الكافي، وعدم القدرة على القيام بالأنشطة اليوميّة بسهولة.
- تغيّرات في الشهيّة والوزن: فقدان الشهيّة الذي قد يسبّب نقص الوزن أو زيادة الوزن بسبب الافراط بتناول الطعام.
- مشاكل النوم: كصعوبة أو الافراط بالنوم، بالإضافة الى الاستيقاظ ليلًا وعدم القدرة على النوم من جديد.
- المعاناة من آلام واضطرابات صحيّة غير مفسرة، كاضطرابات في الجهاز الهضمي، الصداع وآلام أخرى.
- شعور بالتشويش الذهني بسبب صعوبة التركيز واتّخاذ القرارات.
- القلق والشعور بالذنب والخوف من عدم القدرة على أن تقوم بكل ما يتطلّب منها كأمّ جيّدة.
- الشعور باليأس والعجز وأفكار سلبيّة أخرى قد تصل حدّ الأفكار الانتحاريّة.
نصائح للوقاية من الاكتئاب خلال الحمل
بما أنّ الوقاية خيرٌ من قنطار علاج، سنقدّم لك بعض النصائح التي من الممكن أن تساعد في الابتعاد عن الاكتئاب:
- اتبعي نظام غذائي صحّي متوازن ويحتوي على الفيتامينات والمعادن الضروريّة.
- مارسي التمارين الرياضيّة المعتدلة بانتظام.
- مارسي تقنيّات الاسترخاء كالتنفّس العميق، اليوغا، أو التأمّل لتخفيف التوتر.
- احصلي على قسط كافٍ من الراحة والنوم الجيّد.
- وازني بين عملك وحياتك الشخصيّة، ولا تحملي مسؤوليّات كثيرة.
- زوري طبيبك بانتظام للاطمئنان على صحّتك وصحّة الحمل، واستعلمي منه عن كلّ ما يشغلك وعن أي مخاوف أو عوارض تشعرين بها.
- تواصلي مع العائلة والأصدقاء للحصول على الدعم العاطفي وتجنّبي العزلة.
- تحدثي مع مختصين في الصحّة النفسيّة إذا شعرت بأنك تعانين من مشاعر قلق أو حزن.
طرق علاج اكتئاب الحمل
عند شعورك بأي من الأعراض المذكورة سابقًا، استشيري الطبيب المتابع لحملك فورًا، والذي سيقيّم الأعراض ويحوّلك لمعالج نفسي إذا اقتضت الحاجة، لإجراء تقييمات شاملة وتحديد درجة الاكتئاب وأسبابه المحتملة، بالاستناد الى الأعراض والتّاريخ الطبّي. وسيقوم في بعض الأحيان بإجراء استبيانات الاكتئاب لتحديد شدّة الأعراض. من بعدها سيقوم بوضع الاستراتيجيّة العلاجيّة المناسبة لحالتك، فمن الضروريّ التعامل المبكر مع اكتئاب الحمل في الشهور الأولى. ومن أبرز علاجات اكتئاب الحمل نذكر:
- العلاج النفسي، ويضمّ العلاج السلوكي المعرفي، لتعديل الأفكار السلبيّة وتعليم التكيّف مع الضغوطات، والعلاج الداعم، الذي يقدّم الدعم العاطفي والنصائح لتخطّي القلق والاكتئاب.
- اتّباع نمط حياة صحّي، عن طريق التغذية السليمة والمتوازنة، ممارسة النشاط البدني باعتدال، الحصول على قسط كافٍ من النوم. بالإضافة الى ممارسة تقنيّات التأمّل والتدريب على الاسترخاء.
- العلاج الدوائي، باستخدام الأدوية المضادّة للاكتئاب، الضروريّة في بعض الحالات، على أن تكون آمنة أثناء الحمل وبإشراف طبّي لضمان سلامة الأم والجنين.
برأيي الشخصي كمحرّرة، من المهم أن تعرفي أنه لا يجب التقليل من شأن اكتئاب الحمل، لأنه قد يؤثّر بشكل كبير على صحتك النفسيّة وحتّى الجسديّة وبالتالي على صحّة جنينك. فإذا شعرتي بأيّ من أعراضه، عليك استشارة طبيبك الذي قد ينصحك بزيارة معالج نفسي إذا لزم الأمر، لتحديد العلاج المناسب لحالتك. ولا تنسي أنّ صحّتك النفسيّة خلال الحمل لا تقل أهميّة عن صحّتك الجسديّة.