بالإضافة إلى كونه فيروس خبيث لا نراه بالعين المجرّدة، لم يكتف كورونا بالفتك بحياة أكثر من مليون شخص، بل غيّر حياتنا، فارضاً علينا تحديات لم تكن في الحسبان!
فالكمامة وأدوات التعقيم باتت ضرورة مثلها مثل الطعام واللباس، أمّا تعليم الأطفال فحدّث ولا حرج؛ هي حكاية أم تعيش الصراع ما بين الحفاظ على صحتها النفسية والعقلية من جهة وما بين الخروج عن طورها والتحوّل إلى شخصٍ لم تعرف بوجوده من جهة أخرى!
ما بين اللحاق بالأعباء المنزلية، توفير البيئة المناسبة للتعليم منزلي، والإشراف على أنّ الأطفال يستخدمون البرامج الخاصة بالتعليم عن بعد، تشعر الأم أنّها مرهقة؛ فكيف إذا كانت تعمل أيضاً من المنزل ولديها 3 أطفال؛ كلّ واحدٍ منهم أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به؟! تخيّلي المشهد!
حكايتي كأم في زمن التعليم عن بعد…
يبدأ يومي عند الساعة السادسة صباحاً حيث أسارع إلى تحضير وجبة الفطور لأطفالي الثلاث، ثمّ أقوم بإلباسهم الثياب المناسبة للتعليم المنزلي كي يشعروا بالجدية أكثر وبأنّ شيئاً لم يتغير عن ذهابهم إلى المدرسة.
بعدها، أشغّل أجهزة الكمبيوتر وأحرص على توفير المكان المناسب للتعليم المنزلي حيث لا وجود لصوت التلفزيون أو أي مصدر إلهاءٍ لهم. وعند الساعة السابعة والنصف، يتحوّل المنزل إلى مدرسة أشبه بـ"مستشفى الأمراض العقلية"؛ فتعلو أصوات الأساتذة والمعلمات من كلّ غرفة وأحاول أنا استراق النّظر لمعرفة ما إذا كان أولادي يتابعون تلك الحصص أو يفتحون برامج أخرى لا علاقة لها بالدراسة.
وعندما ألاحظ مثلاً أنّ ابني سامي، يكاد يغفو أمام شاشة الكمبيوتر، أحاول أن أوقظه ولكن بحركات غريبة لئلا أظهر أمام المعلمات وكأني أم تعنّف أطفالها؛ نعم، ساعات كبت أعيشها، لا أصدر فيها أي صوت حتى أكاد أنفجر، ولكن من بعد انتهاء اليوم، هناك أفجّر مهاراتي!
نعم، حتى أنا لا أكاد أعرف نفسي أمّا صوتي، فلم أكن أعلم أنّه يتميّز بطبقات ولا أي مغني اوبرا يملكها!! والسؤال، إلى متى ستستمر هذه الحال؟!