تُعَدّ أضرار الأجهزة الإلكترونية على الأطفال من المواضيع التي تثير قلق الأمهات في عصرنا الحديث. فالانتشار الكبير للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بين أيدي الأطفال، يجعل من الصعب تجاهل التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن الاستخدام المفرط لهذه الأجهزة. أصبحت هذه المشكلة أكثر وضوحًا مع زيادة اعتماد الأطفال على الشاشات كمصدر للترفيه والتعليم والتواصل.
في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل كيف تؤثّر الأجهزة الإلكترونية على الأطفال من جوانب مُتعدّدة، مع تسليط الضوء على المخاطر الصحية والاجتماعية والنفسية المرتبطة بها. كما سنتطرق إلى الإرشادات المثلى حول الوقت المناسب لاستخدام هذه الأجهزة يوميًا للأطفال، لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر. مع العلم أنّنا سبق وأخبرناكِ أنّ قضاء الأطفال وقتا أمام الأجهزة الإلكترونية يضعف التعلم اللغوي.
كيف تؤثر الأجهزة الإلكترونية على الأطفال؟
ما هي أضرار الأجهزة الإلكترونية على الأطفال ؟ يتسبّب استخدام الأجهزة الإلكترونيّة في إحداث تغييرات جذريّة في حياة الأطفال اليومية. فمن خلال دراسات حديثة أجرتها جهات علمية موثوقة، يتبين أن التعرّض المستمرّ للشاشات يترك آثارًا مباشرةً على تطوّر الأطفال الجسدي والعقلي. ولتوضيح ذلك، سنستعرض أبرز الطرق التي تؤثر بها الأجهزة الإلكترونية على الأطفال.
أولًا، التأثير على النمو العقلي
تشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يمضون ساعات طويلة أمام الشاشات يعانون من تراجع في مهارات التفكير النقدي وحل المشاكل. على سبيل المثال، ينخفض مستوى التركيز لديهم بسبب الانتقال السريع بين التطبيقات والمحتويات الرقميّة.
ثانيًا، ضعف التفاعل الاجتماعي
مع الوقت، يعتمد الطفل على الأجهزة الإلكترونيّة للتواصل والترفيه، ممّا يجعله يبتعد عن الأنشطة الجماعيّة والتفاعل المباشر مع الأقران. هذا يقلّل من قدرته على بناء علاقات اجتماعية سليمة، ويؤدّي في كثيرٍ من الحالات إلى الشعور بالعزلة.
أخيرًا، تأثير العادات اليومية
من الواضح أنّ استخدام الأجهزة بشكلٍ مفرطٍ يؤدّي إلى المعاناة من اضطرابات في النوم وتناول الطعام. فعلى سبيل المثال، يستهلك الطفل وجباته أمام الشاشة من دون إدراكٍ كاملٍ لما يأكله. ممّا يؤدّي إلى تبنّي عادات غذائية غير صحيّة.
ما هي مخاطر الأجهزة الإلكترونية؟
لا تقتصر أضرار الأجهزة الإلكترونية على الأطفال على جانب واحد فقط، بل تتعدّد وتتنوع لتشمل تأثيرات جسدية ونفسية وسلوكية قد تلازم الطفل لفترة طويلة. سنعرض في ما يلي أهم هذه المخاطر مع أمثلة واقعية لتوضيحها.
- الإرهاق البصري: يؤدي الاستخدام المستمرّ للشاشات إلى إجهاد العينين بشكل ملحوظ. وأكّدت الدراسات أن الأطفال الذين يحدقون في الشاشات لفترات طويلة أكثر عرضة للإصابة بقصر النظر وجفاف العين.
- اضطرابات النوم: يتداخل الضوء الأزرق المُنبعث من الأجهزة الإلكترونيّة مع إنتاج الجسم لهرمون الميلاتونين، ممّا يتسبّب في مواجهة صعوبات بالنوم. على سبيل المثال، يعاني الأطفال الذين يستخدمون الهواتف قبل النوم من الأرق وضعف التركيز في اليوم التالي.
- السمنة وقلة النشاط البدني: إن الجلوس المستمر أمام الأجهزة يحدّ من نشاط الطفل البدني، ممّا يزيد من احتمالية زيادة الوزن والسمنة. أصبح هذا الأمر واضحًا خاصّةً في ظلّ الإغراءات التي تقدّمها الألعاب الإلكترونيّة التي تجعل الطفل يمضي ساعات طويلة من دون حركة.
- التأثير النفسي والسلوكي: يؤدّي التعرّض للمحتويات غير المناسبة، سواء العنيفة أو المثيرة للخوف، إلى ظهور مشكلات نفسية مثل القلق والاكتئاب الحاد. علاوةً على ذلك، يقلّل الإدمان على هذه الأجهزة من قدرة الطفل على السيطرة على نفسه ويزيد من شعوره بالتوتّر.
كم ساعة يجب استخدام الهاتف في اليوم للأطفال؟
ما هي أضرار الأجهزة الإلكترونية على الأطفال ؟ وما المدّة التي يُسمَح فيها استخدامها؟ من المهم جدًا أن يتمّ تحديد وقت مناسب لاستخدام الأجهزة الإلكترونيّة للأطفال، وذلك بناءً على العمر واحتياجاتهم التطوريّة. وفقًا لتوصيات الأكاديميّة الأمريكية لطب الأطفال، يمكن اتباع الإرشادات التالية:
- الأطفال أقل من سنتين: لا يُنصَح باستخدام الأجهزة الإلكترونية على الإطلاق في هذه المرحلة العمرية. حيث يحتاج الطفل إلى التفاعل مع محيطه من خلال الألعاب الحسيّة والحركيّة.
- الأطفال من سنتين إلى خمس سنوات: يمكن السماح بساعة واحدة يوميًا من الاستخدام الموجه والمفيد، مع ضرورة إشراف الأهل على نوعية المحتوى.
- الأطفال فوق ست سنوات: يجب ألا تتجاوز مدة الاستخدام ساعتين يوميًا، على أن تكون موزعة على فترات قصيرة. خلال هذه المرحلة، ينبغي التركيز على تقديم محتوى تعليمي تفاعلي يشجع على التفكير والإبداع.
علاوةً على ذلك، يمكن أن تساعدك بعض الاستراتيجيات في التحكم بالوقت الذي يمضيه طفلك أمام الأجهزة. على سبيل المثال، ضعي جدولًا يوميًا يُحدّد أوقات استخدام الأجهزة وأوقات مُخصّصة للعب وممارسة النشاط البدني. كما يُنصَح بخلق بيئة منزليّة تُشجّع على ممارسة الأنشطة العائليّة بعيدًا عن الشاشات.
الخلاصة
في نهاية المطاف، لا يمكن إنكار أن الأجهزة الإلكترونية تؤدّي دورًا كبيرًا في حياة الأطفال اليوم، ولكن أضرار الأجهزة الإلكترونية على الأطفال تجعل من الضروريّ التعامل معها بحكمةٍ ومسؤوليّة. فالسيطرة على وقت الاستخدام ونوعيّة المحتوى يمكن أن يقّلل من المخاطر بشكلٍ كبير، مع ضمان تحقيق الفائدة من التكنولوجيا في تطوير مهارات الطفل. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ أنشطة رائعة لإبعاد الطفل عن شاشة التلفزيون أو شاشة الأجهزة الإلكترونية.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتقد أن التوازن هو الحل الأمثل للتعامل مع الأجهزة الإلكترونية. بدلًا من منعها بشكل كامل، يمكننا استخدامها كوسيلة تعليمية وترفيهية معتدلة. الأهم من ذلك هو تقديم بدائل حقيقية للطفل، مثل الألعاب التقليدية أو الأنشطة الخارجية التي تعزز من نموه الجسدي والعقلي. وأذكّركِ كأم أن دوركِ الأساسي يتمثل في تقديم نموذج إيجابي لطفلك في كيفية استخدام التكنولوجيا بشكل واعٍ ومسؤول.