تشتقّ كلمة "الحميمية" من الكلمة اللاتينية الأصل "”intimus التي تعني "الداخل" أو "العمق". عندما تكونين في وضع حميميّ مع الشريك فهذا يرمز الى السماح له بالوصول الى داخل أعماقك. إلاّ أنّ فكرة التقرّب في شكل حميميّ من الشريك، قد تكون مرعبة للبعض لا بل حتّى محبطة وتجدر الإشارة هنا الى أنّ معظم الأشخاص الذين يهابون العلاقة الحميمة يكون خوفهم لا إرادياً. في الواقع، لا يجد هؤلاء الأشخاص أي مشكلة في إقامة علاقات ممتعة وعاطفية وفكرية ولكن ما إن تتحوّل الى علاقة جسديّة فإمّا يمارسونها بقلق وخوف كبيرين أو يتجنبّونها من الأساس. وهناك عدّة أسباب للخوف من الحميمية، وسأذكر فيما يلي العوامل الأكثر شيوعًا والنابعة من تجارب حصلت خلال مرحلة الطفولة.
- مسألة الثقة: تحتاج العلاقة الحميمية الى قدر كبير من الثقة. إن كان الشخص قد نشأ في منزل يسوده العنف الجسدي أو العاطفي أو اللفظي، أو في حال كان قد تعرّض الى حادث أو تحرّش جنسيّ فلا بدّ أنّه طوّر آلية للدّفاع عن نفسه ضدّ الشعور بالألم من خلال بناء حواجز متينة جدًا. ومن الواضح، أنّ هذا النوع من الأشخاص يفتقر الى القدرة على الوثوق بالآخر وقد يعتبر أنّ منح جسده الى الشريك هو بمثابة "تهديد" للذّات ولهذا السبب يتهرّب من العلاقة الحميمة.
- الثقافة والدّين: من أسباب الخوف من العلاقة الحميمة هو الترعرع في مجتمع يُنظر فيه الى العلاقة الحميمة على أنّها محصورة فقط بالانجاب وتكاثر النسل أمّا اللذّة فتعتبر خطيئة. وفي حال كان الوالدان قد زرعا في رأس الطفل فكرة أنّ العلاقة الحميمة هي أمر سيّىء فهذا من شأنه أن يسبّب له شعورًا بالذنب القويّ جدًا عند إحساسه باللّذة لذلك يرفض العلاقة الحميمة.
- الخوف من الأداء أو عدم إسعاد الشريك: يرتبط هذا الخوف بردّة فعل الشريك. إنّ الشخص الذي يخاف ألاّ يتمكنّ من إرضاء شريكه أو ألاّ يكون أدائه على المستوى المطلوب فهو كان ضحيّة في الماضي للانتقادات والأحكام المسبقة والاذلال. فيشعر هذا الشخص أنّه عاجز عن إرضاء شريكه وتلبية احتياجاته فيعتريه القلق والخوف من التقرّب جسديًّا من الشريك.
- فقدان الجاذبية بين الزوجين: إنّه أحد الأسباب البسيطة التي تدفع الشريك الى تجنّب العلاقة الحميمة إذ يفقد الزوجان الجاذبية الجسدية ما يؤديّ الى فتور في العلاقة.
يجب أن تتحدّثي مع شريك حياتك من دون توجيه أصابع الاتهام أو إلقاء اللّوم عليه. كما يجب مساعدته لكي يثق بك حتى يتمكّن من الانفتاح ومواجهة مخاوفه. لا تصدري الأحكام عليه أو تأخذي الأمور في شكل شخصيّ اذ من الممكن أن يكون وراء خوفه من العلاقة الحميمة مشكلة نفسيّة حقيقيّة ولكنّك لن تكتشفيها أبدًا ما لم تتواصلي مع شريك حياتك.