مصدر الصورة: Image by pvproductions على Freepik
في دراسة حديثة نُشِرَت في تقرير Scientific Reports، قام الباحثون بفحص قدرة التعلّم التجميعي على التنبّؤ بنتائج علاج اضطراب طيف التوحد (ASDT) وتحديد الخصائص التي تؤثّر فيه سلبيًا أو حتّى إيجابيًا بهدف التدخّل بالطرق الصحيحة العلميّة والآمنة للتخلّص من أحد الأمراض النفسية التي تُصيب الأطفال.
إنّ التوحّد هو أحد الأمراض النفسيّة الأكثر شيوعًا بين الأطفال، وعادةً ما تظهر عوارضه نتيجةً لحمل الجينات الوراثيّة المسؤولة عنه أو حتّى التعرّض لبعض العوامل الخارجيّة، وهو يُعتبَر من أصعب التحدّيات التي يواجهها الأهل نظرًا لتشابك خصائصه التي يعمل الباحثون في أوقاتنا الحاليّة على تحليلها من أجل إيجاد العلاجات الآمنة التي تضمن التخلّص منها.
الهدف الرئيسي من هذه البحوث
إنّ ASD هي حال تنمويّة تعيق التفاعل الاجتماعيّ والتواصل بشكلٍ طبيعيّ، وقد وُجِد أن التعلم التجميعي، أي الذي يجمع بين العديد من المصنّفات الفرديّة، يعزّز من دقّة التنبؤ بالعوارض عن طريق تقليل التباين المحتمَل، أمّا الهدف الرئيسيّ منه، فهو تحسين تشخيص التوحّد المبكر وتهيل قرارات الاختبار، ممّا قد يؤدّي إلى توفير الوقت والتكاليف والنتاعب على الأهل والطفل.
مع العلم أنّه يجب تحديد نوع نظام التعلّم التجميعي، المعروف أيضًا بأنظمة التعلّم بالمصنفات المتعددة (MCLS)، لتحقيق أقضى النجاحات، وهنا يكمن دور الروبوتات في توفير علاجات قصيرة الأمد حيث تكون النماذج التجميعيّة التي يتمّ العتماد عليها أكثر استقرارًا وتوقّعًا من المصنفات الفردية، وعلى الرغم من أنّ هذه التقنيّة تعتمد كليًا على التكنولوجيا، إلّا أنّها تعطي نتائج عكسيّة عن تلك الناتجة عن علاقة الصحة النفسية والألعاب الإلكترونية وتأثيراتها السلبيّة.
في تفاصيل هذه الدراسة
في الدراسة الحاليّة، استخدم الباحثون خمسة مصنّفات فرديّة مقابل عدّة خوارزميات MCLS للتنبّؤ بوجود ASD في أطفال التوحّد، حيث قدّموا تقييمًا مفصّلًا عن فعالية خوارزميات التعلم الآلي في الوصول إلى طرق لعلاج هذا المرض عند الأطفال الذين يتلقّون الرعاية بمساعدة الروبوت، مقابل مجموعة أخرى تتلقّى تفاعلًا إنسانيًا فقط، وذلك من أجل ملاحظة دور التعلّم التجميعي في التخلّص من عوارض التوحّد.
اقترح العلماء استخدام MCLS لتعزيز علاج التوحّد وتقييم ما إذا كان يمكنه التغلّب على القيود التنبؤيّة لأنظمة التعلّم بالمصنّفات الفردية (SCLS) بسبب عدم قدرتها على التعامل مع ظروف التتبّع المعقّدة بدقّة عالية، حيث تمّ تقييم جميع التركيبات الممكنة لكلّ تجميع من أجل مقارنة أداء المصنّفات الفرديّة والمتعدّدة، وقد استخدمت هذه الدراسة بيانات تتضمّن معلومات سلوكيّة وعلاجات فعّالة بواسطة الروبوت (تدخّل)، مقابل العلاج الإنساني العادي (سيطرة)، وذلك استنادًا إلى 3000 جلسة و300 ساعة من العلاج، استطاعوا من خلالها تسجيل 61 طفلاً مصابًا بهذا الاضطراب، وقد تراوحت أعمارهم ما بين ثلاث سنوات وما فوق.
استخدمت كلا الفئتين إجراء تحليل السلوك التطبيقي (ABA)، الذي يستخدم مبادئ السلوك والمراقبة العلميّة لتعزيز وتعديل السلوكيات ذات الصلة الاجتماعيّة، وقد خضع الأطفال خلالهما لتقييمٍ أوليّ، ثماني جلسات لعلاج ASD، وتقييم نهائي باستخدام جدول الملاحظة التشخيصي للاضطراب التوحدي (ADOS) بناءًا على الفروقات بين النتائج الأوليّة والنهائية.
صُمِّمَت خمس فئات أساسيّة، مع معلمات افتراضية لكلٍ منها باستخدام أنواع مختلفة من التقدير الذي جاء على النحو التالي: البيانات التدريبية (60%)، ومجموعة التحقق (30%)، ومجموعة الاختبار (10%) لتقييم أداء الفئة الأساسيّة، وذلك بناءًا على مدى الانتظار، والاتصال الاجتماعي، والتواصل، والنتائج السلوكيّة والعاطفيّة، وفعالية العلاج المحسّن بواسطة الروبوت للأطفال الذين يعانون من مرض التوحّد.
النتائج التي تمّ الحصول عليها
كشفت النتائج التجريبيّة عن اختلافات كبيرة في الأداء بين المجموعات الفرديّة في تنبؤ ASDT، حيث كانت نتائج الذكائ الاصطناعي هي الأكثر دقة، حيث تفوّقت على المجموعات الأساسيّة الأخرى بنسبة خطأ مُسْتَقَرَّة تبلغ 36%، بينما أظهرت الأخيرة أداءًا متفوّقًا، في الشبكات العصبيّة الاصطناعيّة (ANN)، وأقرب جار (k-NN)، والتمييز اللوجستي (LgD)، بنسب خطأ مُسْتَقَرَّة تبلغ 36%، 39%، و42% على التوالي.
بالنسبة للمصنّفات الفردية، كان التركيز على الاتّصال البصري (خطأ التقويم المتقاطع 7.5%) والتواصل الاجتماعي (خطأ التقويم المتقاطع 13%) هما العنصران الأكثر أهميّة في قضية ASDT بين الأطفال; أمّا فيما يتعلّق بتوقّع ASDT، أظهرَت MCLS أداءًا أفضل بكثير من المصنّفات الفردية، وذلك عبر ثلاث مصنّفات بين أنظمتها، تليها تلك التي تحتوي مصنّفين، بنسب أخطاء مُسْتَقَرَّة تبلغ 21% و31% على التوالي.
سُجِلت أدنى معدّلات أخطاء لمصنفات التجميع (23%) والتعزيز (26%)، تليها اختيار الميّزة (31%)، والعشوائية (35%)، حيث أظهرت مصنّفات MCLS باستخدام تصاميم متعددة المراحل تأثيرات كبيرة جدًا ونتائج دقيقة، وبهذا الطريقة يكون الذكاء الاصطناعي قد حقّق بفضل تطوّره الجبّار أفضل النتائج على صعيد تشخيص وعلاج التوحّد، مع الإشارة إلى أنّه من الممكن استخدام هذه البحوث للمقارنة بين الأطفال الذين يعانون من هذا المرض والراشدين أيضًا،
في نهاية هذا الاختبار، وبعد الاطّلاع على النتائج التي تمّ الحصول عليها، نذكّرك بضرورة اتّباع طرق دعم الصحة النفسيّة للأطفال من أجل حمايتهم من الإصابة بهذا النوع من الأمراض.