يُعدّ النشاط المفرط عند الأطفال أمرًا محبطًا للغاية بالنسبة لبعض الأمّهات ومصدراً لقلقهّن وانزعاجهّن. وقد يُخطىء معظم الأهل في التمييز بين النشاط الزائد عند الطفل وسوء التصرّف، فيلجأون في معظم الحالات الى العقاب كأسلوب لتأديب أولادهم، إلاّ أنّهم يجهلون أنّهم يعاقبون الطفل بسبب تصرّفات لا يستطيع التحكمّ بها ولا حتّى فهمها، وهنا سيشعر الطفل بالارتباك والإساءة والذنب وسوء المعاملة وربّما الظلم. كما سيصاب بالاحباط وسيصبح أكثر عدائيّة وأكثر نشاطًا وحركة من قبل. لذا، يجب أن تكوني على يقين بأنّ تصرّفات طفلك هي ناتجة عن اضطراب النشاط المفرط وليس من طبعه أن يكون متمرّدًا ويعصي أوامرك، ومن المهمّ أن تفرّقي بين النشاط العادي والنشاط الزائد عند طفلك قبل أن تُقدمي على أيّ تصرّف بحقّه. ستساعدك علاقتك مع طفلك داخل المنزل على توجيه طاقته المفرطة نحو عمل مثمر كما ستساعده على مواجهة التحديّات اليوميّة التي قد تعترضه. سأقدّم لك النصائح التالية لكي تساعدي طفلك الكثير الحركة في المنزل:
• فهم حالة النشاط المفرط عند الأطفال: تكمن الخطوة الأولى للتعامل مع أي مشكلة في القدرة على فهمها واستيعابها. ومن هذا المنطلق، يجب أن تعرفي جيّدًا أنّ الطفل الذّي يعاني من النشاط الزائد هو لا يعصي الأوامر أو يسيء التصرّف طوعًا، لأنهّ لا يعرف كيفيّة القيام بذلك حتّى لو أراد فهو يعاني من اختلال في الوظائف التنفيذية مثل القدرة على التخطيط المُسبق والسيطرة على انفعالاته وإنهاء واجباته وغيرها. وبما أنّه لا يملك القدرة على أداء كل هذه الوظائف، فيجب عليك أن تقومي بها بدلاً عنه إلى أن يتعلّم تدريجيًا كيفيّة إدارتها بمفرده.
للمزيد: فرح تشرح عن كيفية مساعدة الطفل الذي يعاني من العزلة والإنطواء
• حاولي أن تكون ردّة فعلك إيجابيّة: إن كنت تستخدمين أسلوب الترهيب والقوّة مع طفلك فاعلمي أنّك تصعبّين الأمر إذ سيصبح أكثر عدائية لأنّه محبط بسبب عجزه عن التحكّم بنفسه وعدم قدرتك على فهمه. لذلك حاولي أن تتعاملي معه بإيجابية وتقدّمي له الدّعم الكامل والتعاطف كما عليك التحليّ بالصبر لكي تتمكّني من التحكّم به في شكل أفضل وتحافظي على جوّ من الهدوء والسعادة داخل العائلة.
• ركزّي على انجازات طفلك وليس على عجزه: تذكّري دائمًا أنّه يصعب على الطفل الكثير الحركة إنجاز واجباته بالكامل والتركيز لفترة من الوقت كما يعاني أيضًا من كثرة النسيان. فبدلاً من التركيز على عجزه، امدحيه على الأعمال التي أنجزها أو تمكّن من القيام بها مهما كانت صغيرة مثل وضع ملابسه في الغسيل بعد الانتهاء من الاستحمام، وإنهاء وجبة طعامه من دون الالتهاء باللعب، وتنظيف أسنانه، وهلّم جرّا. من المهم جدًّا أن تظهري لطفلك أنّك تؤمنين بقدراته وتقدريّن مجهوده.
• حاولي تنظيم حياته اليومية باعتماد روتين مُريح وواضح: من خلال تنظيم نشاطات طفلك ستساعدينه على فهم واستيعاب ما هو متوقّع منه. إنّه بحاجة الى بعض النظام في حياته لأنّه يعاني في داخله من فوضى كبيرة. لذلك، ضعي له جدولاً زمنياً محدّداً وتعاملي معه على هذا الأساس، وامنحيه وقتًا كافيًا لكي ينهي عمله وحاولي تعليمه مهارات إدارة الوقت مثل اختيار ملابس للمدرسة ووضعها على كرسي استعدادًا لارتدائها في اليوم التالي؛ فهذا من شأنه أن يساعده على إنجاز الأمور والتخلّص من قلقه.
• حاولي تبسيط الأمور لطفلك: لا تتوقّعي الكثير من طفلك لأنّه قد لا يستطيع تحقيق هذه التوقعات. أقترح عليك أن تولي له بعض المهمّات حسب قدرته مثلًا: يمكنك أن تسجليّه في نشاط معيّن أو نوع من الرياضة ولكن ليس في أنشطة متعددّة. هناك أمر أخير يجب أن تعرفيه وهو أنّ الطفل مفرط النشاط قد يستغرق وقتًا أطول من أشقائه للإنتهاء من واجباته المنزلية، والعشاء، والاستحمام.
• استخدمي العقاب المناسب: يجب أن تشّجعي طفلك كلّما قام بعمل جيّد، كما تحتاجين إلى تأديبه عندما يسيء التصرّف. إشرحي له مسبقًا العواقب التي تنتج عن سوء التّصرف واستخدمي معه أسلوب الوقت المستقطع وحرمانه من امتيازاته كعقاب. ولكي يتمكّن من فهم أفعاله، إسأليه عن الخطأ الذّي باعتقاده كان السببّ في معاقبته وما الذي كان يجب أن يفعله. كما يجب أن تبعديه عن أي محيط أو موقف قد يدفعه الى التصرف في شكل غير ملائم.
لا تنسي أن تأخذي قسطًا من الراحة من وقت الى آخر لأنّك ستحتاجين إلى توجيه طاقتك بطريقة صحيّة وسليمة، فلن تكوني قادرة على دعم طفلك إن كنت بحاجة الى من يدعمك.