ما حكم الامتناع عن العلاقة الحميمة بين الزوجين في الإسلام؟ الشيخ وسيم يجيب على هذا السؤال فيما يلي:
فمن الحقوق الزوجية المعاشرة بين الزوجين لتتم إحدى أهم حِكَم الزواج الشرعي ألا وهي التحصين والبعد عن الفاحشة، لذلك يحرم الامتناع عن الفراش الزوجية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح". متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها". رواه مسلم.
وهذا إذا لم يكن لديها عذر شرعي كالصيام الواجب والمرض أو نحو ذلك، فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً، كأن كانت مريضة لا تطيق الجماع مثلاً، فلا حرج عليها إن لم تجبه إلى ذلك، بل قد يحرم عليها إجابته إلى الجماع أحياناً، كأن دعاها إليه وهي حائض، أو صائمة في صيام واجب أو محرمة بنسك.
للمزيد: الشيخ وسيم يشرح عن حكم الزوج المتسلط والعصبي في الاسلام
ولكن مما ينبغي التنبه له أن الدعوة إلى الفراش أعم من الجماع، فيجب عليها أن تجيبه للاستمتاع بها بما فوق الإزار إن كانت حائضاً، وبما تطيقه إن كانت مريضة، قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فيه دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع لأن له حقا من الاستمتاع بما فوق الإزار. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: "فبات غضبان عليها" المعصية منها تتحقق بسبب الغضب منه، بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك فلا تكون المعصية متحققة، إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك. انتهى.
فالحياة الزوجية يجب أن تقوم على المودة والرحمة والمعاشرة الحسنة بالمعروف بين الزوجين، قال الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}، فكما يحرم على الزوجة الامتناع عن المعاشرة الزوجية بالتفصيل المذكور أعلاه، يحرم أيضا على الزوج هجر زوجته في الفراش ويحرم عليه الامتناع عن المعاشرة الزوجية بدون مبرر شرعي، ويعد آثماً في ذلك، فالمعاشرة الزوجية من الحقوق المشتركة بين الزوجين يحرم على كل منهما أن يمتنع عن الآخر لأن ذلك يوجب سخط الله تعالى إلا في الحالات التي أذن بها الشرع، قال المهلب: "هذا الحديث (إذا دعا الرجل امرأته ..) يوجب أن منع الحقوق في الأبدان كانت أو في الأموال مما يوجب سخط الله، إلا أن يتغمدها بعفوه"، نسأل الله تعالى أن يحفظ بيوت المسلمين وأن يردهم إلى دينه ردا جميلا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.