ما حكم الإسلام في التخيلات الجنسية والخيانة بالخيال بين الزوجين؟ الشيخ وسيم المزوق يشرح عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما يلي:
فيقول الله سبحانه وتعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) البقرة/286، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ ) متفق عليه.
قال النووي رحمه الله تعالى: وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه: فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه ." الأذكار ".
للمزيد: الشيخ وسيم يشرح عن احكام الطلاق في الاسلام
فالتخيلات العارضة تدخل في دائرة حديث النفس المعفو عنها بنص الحديث السابق.
وأما إذا كان الشخص يتكلف التخيلات المحرمة، ويستدعيها في ذهنه، فهل هي داخلة في دائرة العفو أو في دائرة الهم والعزم المؤاخذ به؟
فلو أن رجلا وطئ حليلتَه متفكِّرا في محاسن أجنبيَّةٍ، حتى خُيِّلَ إليه أنَّه يطؤُها، فهل يحرم ذلك التفكر والتخيُّل؟
قول جمهور العلماء: التحريم، وتأثيم من يستحضر بإرادته صُوَرًا محرَّمَةً ويتخيلها حليلته التي يجامعها.
قال ابن عابدين الحنفي رحمه الله تعالى: والْأَقْرَب لقَوَاعِد مَذهَبِنَا عَدمُ الحِلِّ ، لأَنَّ تَصَوُّرَ تلك الأَجنبِيَّةِ بَينَ يَدَيْهِ يَطَؤُهَا فيهِ تَصويرُ مُبَاشَرةِ المَعصِيَةِ عَلى هَيئَتِهَا ." حاشية رد المحتار ".
وقال الإمام محمد العبدري المعروف بابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى: ويتعين عليه أن يتحفظ في نفسه بالفعل ، وفي غيره بالقول ، من هذه الخصلة القبيحة التي عمَّت بها البلوى في الغالب ، وهي أن الرجل إذا رأى امرأةً أعجبته وأتى أهله جعل بين عينيه تلك المرأة التي رآها .
وهذا نوع من الزنا ؛ لما قاله علماؤنا رحمة الله عليهم فيمن أخذ كُوزا يشرب منه الماء ، فصوَّرَ بين عينيه أنه خمر يشربه ، أن ذلك الماء يصير عليه حراما .
وما ذُكر لا يختص بالرجل وحده ، بل المرأة داخلة فيه ، بل هي أشد ؛ لأن الغالب عليها في هذا الزمان الخروج أو النظر من الطاق ، فإذا رأت من يعجبها تعلق بخاطرها ، فإذا كانت عند الاجتماع بزوجها جعلت تلك الصورة التي رأتها بين عينيها ، فيكون كل واحد منهما في معنى الزاني ، نسأل الله السلامة منه .
ولا يقتصر على اجتناب ذلك ليس إلا ، بل ينبه عليه أهله وغيرهم ، ويخبرهم بأن ذلك حرام لا يجوز ." المدخل ". وقال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله تعالى: ذكر ابن عقيل وجزم به في " الرعاية الكبرى " : أنه لو استحضر عند جماع زوجته صورةَ أجنبيَّةٍ محرَّمَةٍ أنَّه يأثم ، …أما الفكرة الغالبة فلا إثم فيها ." الآداب الشرعية ".
قال النووي رحمه الله تعالى: وسبب العفو (عن حديث النفس) ما ذكرناه من تعذر اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه، فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما." الأذكار " .
وبناء عليه يظهر لنا حرمة التخيلات الجنسية والخيانة بالخيال، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.