منذ طفولتي وأن أسمع أمي تردد على مسامعي “بكيت عندما وُلِدت وحملتك بين يدي”، ودأبت على تكرار تلك المقولة عاماً تلو الآخر، رغم أنني لم أفهم حينها السبب لا بل كنت أتفاجأ كلّما قالت لي ذلك. تساءلت كثيراً في طفولتي وسنوات مراهقتي وشبابي، لماذا تبكي الأم عندما تلد وتحمل طفلها بين ذراعيها خصوصاً أن أمّي لم تكن الوحيدة التي بكت بل جارتنا أيضاً وأمهات صديقاتي!
أفهم أنّ هناك بعض الاشياء التي لا تفهمها سوى الأم للمرة الأولى، إلا أنني لم أعرف سبب بكاء الأمهات لحظة الولادة الى حين اختبرت هذا الشعور بنفسي.
فما سبب بكاء الامهات لحظة الولادة؟
- الحمل هو معجزة بالنسبة للأم، إلا أن “المعجزة” تصبح حقيقية لحظة الولادة وتكتسب جسداً ودماً وروحاً ونفساً وهذا ما يبكي الام!
- تبكي الام لحظة الولادة لأن لا شيء أصدق من دموعها للتعبير عن فرحتها ومدى تأثّرها.
- تبكي الأم لحظة ولادتها من دون قصد لأن لا شيء يعبّر عن حبّها الكبير لطفلها أكثر من الدموع الصادقة.
- تبكي الأم لحظة الولادة خوفاً على مستقبل أطفالها، فمنذ لحظة الولادة تبدأ بالقلق عليهم.
- تبكي الأم لحظة الولادة تحسباً لليوم الذي سيغادر فيها أطفالها المنزل إما للعلم أو السفر أو الزواج وتأسيس حياتهم الخاصة.
- تبكي الأم لحظة الولادة لسماعها بكاء طفلها وصراخه، إذ تبكي لأنها تتألّم لألمه وتحزن لحزنه.
- تنهمر الدموع من عيون المراة عندما تلد دليل حمد وشكر لله على سلامتها وسلامة طفلها.
- تبكي الأم في ولادتها على كلّ مرّة سيقع فيها طفلها على الأرض في المستقبل، وكلّ مرّة سيفشل في تحقيق أحلامه، وكلّ مرّة سيتألّم.
إذاً، في لحظة الولادة وما أن تضع الأم طفلها على صدرها لتلمس جلده الناعم وتشمّ رائحته، تستعيد كلّ لحظات حياتها الماضية وتفكّر بالـ20 والـ30 سنة المقبلة، فتنهمر الدموع من عينيها من دون أن تدري.