أثبتت الدراسات أنّ لوجود الأخت الكبرى تأثيره على صحة الأخت الصغرى؛ فهي الأم الثانية، السند، والملجأ ولولاها لما كنت واقفة على قدمي اليوم!
عندما كنّا صغاراً، كنت أجدها دائماً خلفي، تدعمني وتقف وراء طموحاتي وأحلامي… تدافع عنّي أمام والدي، تصحّح أخطائي وترشدني نحو الطريق الصحيح… حتّى أنّها كانت تؤدي دور المعلّمة التي تشرح لي دروس الرياضيات أو الكيمياء التي كان يصعب عليّ فهمها في المدرسة.
وفي فترة المراهقة، لم تكن الأخت الكبرى التي تعير ملابسها لأختها الصغرى فحسب، بل كانت أيضاً الشخص الذي يفهم تماماً ما كنت أمرّ به خلال تلك المرحلة، خصوصاً وأنّها قد سبقتني إليها وليس بفترة طويلة. والأفضل من ذلك كلّه أنّها كانت تعرف تماماً التحدّث معي باللغة التي أفهمها (والتي لم يكن والديّ يتقنانها)؛ وهو ما جعلني أتجاوز مرحلة المراهقة من دون مشاكل.
عندما بلغت من العمر 21 عاماً، تعرّفت على شابٍ ميكانيكي ووقعت في حبّه وجعلته محور حياتي حتّى أنّه كاد يقنعني بالتخلّي عن متابعة تحصيلي العلمي. وكنّا على وشك الهروب معاً لأنّ والدي كانا يعرضان تلك العلاقة. وعندما أبلغت أختي الكبرى عمّا كنت أفكّر فيه، لم تسرع إلى إخبار والدي بل دفعتني إلى اختبار الشاب بطريقةٍ ذكية لكي أرى وجهه الحقيقي خصوصاً وأنّها كانت مقتنعة بأنّ العلاقة بيننا لن تنجح ليس بسبب اختلاف المستوى التعليمي بيننا إنّما بسبب العقدة التي شكّلها هذا الإختلاف بالنسبة للشاب الذي كان يريدني أن أترك الجامعة وأهرب معه.
فاقترحت علي أختي اختباره بالقول أني قررت الإنتظار لأكمل تحصيلي العلمي قبل الزواج. وعندما أبلغته بذلك، صدرت عنه ردّة فعلٍ مبالغ بها حتّى أنّه كذّب مشاعري تجاهه، واضعاً إيّاي بين خيارين؛ إمّا الزواج على الفور أو الإنفصال. وعندها، أدركت أنّ أختي كانت على صواب، طويت الصفحة وأكملت تخصّصي.
واليوم، أنا امرأة عاملة ناجحة، مستقلّة، وزوجة لرجلٍ يقدّرني ويقف وراء طموحاتي بل يشجّعني على التطوّر… ليس خوفاً من أن أنافسه بل لأنّه يعلم أنّنا أصبحنا شخصاً واحداً… والفضل في ذلك كلّه هو لأختي الكبرى التي أوجّه لها ألف تحيّة حبٍّ وتقدير!